«إيلاف» من الرباط: تحت شعار "الكاريكاتير والمتلقي بين العمق والدهشة" افتتح محمد الأعرج وزير الثقافة والاتصال( الاعلام) المغربي، في شفشاون (شمال )،ليلة أمس، الملتقى التاسع لفن الكاريكاتير والإعلام، الذي يحتفي هذه السنة بالكاتب والإعلامي عبد القادر الشاوي، والفنان الرائد في الكاريكاتير ابراهيم لمهادي، تكريما لمسارهما في إثراء المشهد الثقافي والفني في المملكة.

وقال الأعرج في كلمة الافتتاح، إن فن الكاريكاتير كان ولا يزال، وسيلة للتبليغ الساخر، والنقد النافذ إلى أوسع الفئات باعتباره منتوجا مفتوحا للمتعلمين وغير المتعلمين،على حد سواء.

وتابع :"إنه مخاطب ماهر يتوجه إلى رواسب الذاكرة الجماعية بكثافة واقتضاب ويسر، كما أنه من أكثر التعابير الجماههيرية اقتصادا للوسائل، مما يجعله حقلا جديرا بالاستثمار أكثر في مجتمعاتنا التي تنشد مزيدا من الديمقراطية والتحديث".

نزيهة العلمي، رئيسة جمعية "فضاءات تشكيلية" منظمة الملتقى.

الحقوق والحريات

وأشاد الاعرج بما طرحه الملتقى من مواضيع مهمة" لاسيما على مستوى علاقة الإعلام بالسياسة التي كانت دائما علاقة تأثير وتأثر، تآلف وتنافر، تقارب وتباعد، حسب السياقات والأوضاع، لكن الثابت هو جدلية الحقلين وحاجة كل واد منهما إلى الآخر".

واعتبر ان المغرب "راكم تجربة إعلامية رائدة بطفراتها وأعطابها"، مشيرا إلى أنه بفضل الثورة التقنية والتكنولوجية التي عرفتها السنوات الأخيرة، كان الفضاء الإعلامي مسرحا لمستجدات غيرمألوفة تطلبت تدخلا من أجل الضبط والتنظيم في اتجاه المسؤولية والمهنية وصيانة الحقوق والحريات.

ولم يفت الأعرج أن يشيد بما وصفه ب"النظرة الشمولية" للملتقى، الذي استحضر إلى جانب موضوعه الرئيسي حول الإعلام، "لحظات أدبية ونفحات شعرية، وعروضا فنية، فضلا عن وقفات تكريم لأستاذين جليلين، جمعهما الإبداع والنضال، ورسما بالقلم صفحات من تاريخ المغرب النضالي، الذي وإن أديا ثمنه غاليا، فإننا مدينون لهما ولغيرهما من المناضلين، بلحظات اليوم التي نتداول فيها في أدق تفاصيل الحقوق والحريات"، موجها عبارات التهنئة إلى المحتفى بهما رائد الكاريكاتور الفنان ابراهيم لمهادي، والكاتب الكبير عبد القادر الشاوي.

محمد الأعرج، وزير الثقافة والاتصال.

خارطة طريق

وقبل إلقاء خطاب افتتاح الملتقى، زار وزير الثقافة معرض الكاريكاتير المقام بالمناسبة، واطلع على الرسومات التي تسخر من السياسيين وأعضاء الحكومة، بما فيهم رئيس الحكومة، الدكتور سعد الدين العثماني، وقد تفاعل مع تلك اللوحات، وظل محتفظا بابتسامته، وهو يتوقف عند كل الأعمال الفنية، ويتحاور مع مبدعيها.

وعلق محمد أحمد عدة، مدير الملتقى، على تلك "التفاعلات الإيجابية"، مذكرا انه لا غرابة في أن تصدر عن مثقف، مثل الوزير الأعرج، التي تعهد أمام الحضور، برسم "خارطة طريق مستقبلا،"لخدمة الثقافة والفن.

قصة الملتقى

واستعرض عدة، الذي أدار فقرات الملتقى بكفاءة واقتدار، كعادته كل عام، قصة الملتقى، "التي تستحق أن تروى"، منذ أن كان حلما إلى أن أصبح موعدا سنويا تمتزج فيه السخرية بالابتسامة، من خلال الريشة الممانعة التي ترفض كل القيود.

وبدورها، تحدثت نزيهة بشير العلمي، رئيسة جمعية "فضاءات تشكيلية"، التي تقف وراء تنظيم الملتقى، في هذا الحفل الذي امتد إلى منتصف الليل، عن الطموح الذي يسود منظميه للسير نحو أفاق أرحب تسودها قيم التسامح والمحبة والاختلاف.

ملصق ملتقى شفشاون للإعلام والكاريكاتير

تراكم نوعي

واستحضرت في كلمتها، ماحققه الملتقى، على مدى السنوات السابقة، من "تراكم نوعي مميز"، بدأ يستقطب اهتماما جماهيريا واسعا، يتجلى في الحضور المكثف لسكان مدينة شفشاون، ومتابعتها لكل عروضه وندواته.

وبعد أن أكدت أن هذا التطور ما كان له أن يتحقق لولا مساندة كل الجهات المعنية، ودعمها لهذا "الفن المشاغب الجميل" الذي كان يعيش حالة من "التهميش والنكران"، مشيرة في نفس الوقت إلى أن"طريقنا ليس مفروشا بالورود"، في تلميح إلى محدودية الإمكانية، والصعاب التي تنتج عنها.