إيلاف من واشنطن: توقعت صحيفة "غارديان" البريطانية تفاقم الصراع بين موسكو وواشنطن في سوريا، إلى حد الانزلاق إلى مجابهة مباشرة، بسبب السلوك الفوضوي والعشوائي للإدارة الأميركية، والتدخل الروسي في الانتخابات الأميركية الأخيرة.

قدم ريكس تيلرسون، وزير الخارجية الأميركي، في هذا الإطار خطة تتضمن ثلاث نقاط: إقناع موسكو بالامتناع عن القيام بأعمال عدائية ضد الولايات المتحدة ومصالحها؛ وإجراء حوار مع روسيا بشأن القضايا ذات الاهتمام الاستراتيجي بالنسبة إلى الولايات المتحدة، بما في ذلك سوريا وكوريا الشمالية، مع ضمان أمن المعلومات ونظم الاتصالات؛ والحفاظ على الاستقرار الاستراتيجي مع روسيا، أي الحدّ من التسلح في المجال النووي.

تدني مستوى العلاقات
يقول مارك كاتز، أستاذ العلوم السياسية في معهد العلاقات الدولية والباحث في الملف الروسي، لـ "إيلاف"، إن العلاقات بين أميركا وروسيا تبقى في سياقها غير الجديد من التوتر، وغير متوقعة النتائج، في ظل التصريحات الدبلوماسية إلى تعقد العلاقات، بل تدني مستوياتها تمامًا، على عكس ما حصل في بداية عهد الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الذي لوّحت له الأعلام في موسكو بالانتصار والارتياح، إلى أن وجد الرئيس الأميركي نفسه أمام اتهامات مباشرة تستهدفه شخصيًّا تفيد بتورطه مع روسيا في اختراق انتخابات الرئاسة، ليكون الاختراق الروسي القضية السياسية الأبرز التي واجهت مقعده الرئاسي في البيت الأبيض.

في ظل هذه المقدمات، انتقل الصراع الأميركي الروسي إلى سوريا، خصوصًا في ظل التهديدات الأميركية لنظام الأسد برد قاسٍ في حال استخدامه الأسلحة الكيميائية، واستنكار روسيا تحذيرات أميركا، والمضايقات، واستفزاز القوات الأميركية المتعمد لقوات الأسد، وفي ظل قمة العشرين التي اختتمت أعمالها أمس في هامبورغ، حيث ناقش ترمب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين العديد من القضايا، في مقدمها القضية السورية.

ترمب وسوريا
أكد كاتز تغيّر موقف ترمب جذريًا بالنسبة إلى سوريا التي كان يُصب عشرات الانتقادات تجاه الطريقة التي عالج بها الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما الأوضاع فيها، بل قيل إنه قدَّم دعمًا وتأييدًا لبشار الأسد في مارس الماضي.

لكن، تحول ذلك كله إلى خوض سياسة تصادمية واضحة مع روسيا في ما يتعلق بسوريا. هذا التحوّل مرتبط بالطبع بالأزمة السياسية الداخلية في أميركا، خصوصًا أن ترمب روّج لتحالف وتنسيق بينه وبوتين في الملف السوري. إلا أن ذلك التقارب كان سيعني إثبات الاتهامات التي عكفت إدارة ترمب على نفيها نفيًا قاطعًا، إلى أن تراجعت بعد ذلك، حين أقر ترمب ومحاموه باحتمال تدخل روسيا في الانتخابات الأميركية.

برر تغيير موقفه بعلمه بما يعانيه الشعب السوري من الأسلحة الكيميائية، خصوصًا في خان شيخون في إدلب في الشمال الغربي لسوريا. هنا جاء الدور الأميركي لزيادة تفاقم التوتر، بعد إطلاق القوات الأميركية صواريخ "كروز"، مستهدفة قاعدة الشعيرات الجوية التي توجّه إليها الاتهامات بأن طائرات النظام السوري تنطلق منها لرمي القنابل الكيميائية.

احتمالات مطروحة 
يشير هينريك جيسون، الجنرال السابق في الجيش الأميركي، إلى توقعات سابقة عدة، بتحول التوتر السياسي إلى صدام عسكري بين القوات الأميركية المدعومة بتحالفها مع القوى الديمقراطية السورية والتحالفات الكردية، وبين المعسكر الروسي الإيراني الأسدي. 

فتلك الأطراف كلها اشتبكت وستشتبك في نزالات ميدانية حتمية مع استمرار الطموح الأميركي إلى استعادة نفوذه المتراجع في سوريا، لكن أميركا ستنأى بنفسها عن التورط المباشر في الاشتباك مع القوات الروسية. فهذا خيار ربما يكون مستبعدًا. وما زالت المزاعم المعلقة على احتمال التنسيق المشترك والتحالف بين روسيا وأميركا، والتي عكستها تصريحات تيلرسون، بعيدة المنال خصوصًا في ظل العلاقات الثنائية التي تزداد هشاشة. 

لكن ربما يكون ما طرحه تيلرسون محل نقاش حقيقي بين بوتين وترمب في قمة مجموعة العشرين، إضافة إلى استبعاد عقد قمة أميركية - روسية إلى الآن.