سيت: قبل سبعين عاما وليل العاشر الى الحادي عشر من يوليو 1947 بالتحديد، ابحرت سفينة غريبة محملة بنحو 4500 شخص من جنوب فرنسا متجهة الى فلسطين، ممهدة بذلك لحادثة ساعدت في قيام اسرائيل، ويحيي آخر الناجين فيها الاحد هذه الذكرى.

معظم ركاب السفينة "اكزودوس" التي ابحرت من مرفأ سيت بجنوب فرنسا كانوا من الناجين من المعتقلات النازية. اما السفينة بحد ذاتها التي كان قعرها مسطحا، فقد كانت مصممة اصلا لنقل مئات الاشخاص في انهار في الولايات المتحدة وغير ملائمة للملاحة البحرية. وقد اشتراها ناشطو منظمة الهاغانا العسكرية السرية الصهيونية، ثم نقلت بتكتم الى البحر المتوسط.

في الوقت نفسه كان يجري نقل آلاف الراغبين في الهجرة الى فلسطين بسرية كبيرة الى سيت على متن 172 شاحنة. ويقول غوستاف بروجيدو رئيس جمعية الدراسات التاريخية والعلمية في سيت ومنطقتها ان "هذا الحدث جرى بسرية تامة، وكانت الهاغانا تهتم به. قلة من سكان سيت ابلغت به".

ففي هذا اليوم العاشر من يوليو بعد الحرب العالمية الثانية، كان سكان المدينة الساحلية مهتمين بمرور المشاركين في سباق تور دي فرانس "ودهشوا لرؤية البعض يرتدي ملابس شتوية في عز الصيف الى رصيف مول سان لوي".

تجمع الركاب الذين كانوا من جنسيات عديدة، وبينهم اكثر من 1700 امرأة و950 طفلا، على متن السفينة التي كان اسمها عند ابحارها "الرئيس وورفيلد". وبعدما انتظر قاطرة بلا جدوى، قرر قائدها يوسي هاريل الابحار وغادر المرفأ بصعوبة ليلا بعدما علقت السفينة في الرمال.

رسميا، قيل ان وجهة السفينة هي كولومبيا. في الواقع توجهت السفينة بصعوبة الى فلسطين التي كانت تخضع للانتداب البريطاني. وكان الهدف هو كسر الحظر البريطاني المفروض على الهجرة اليهودية الى هذه الاراضي العربية التي يسعى الصهاينة الى انشاء "دولة يهودية" فيها.

"اكزودوس 47" 
في 16 يوليو، تغير اسم السفينة ليصبح "اكزودوس 47" (الخروج 47) في اشارة الى سفر الخروج في التوراة، ورفعت العلم الذي يحمل نجمة داوود.

بعد يومين وقبالة مدينة حيفا في فلسطين، اعترض البريطانيون طريقها، مما اسفر عن سقوط قتيلين. وقد نقل الركاب بقسوة الى سفن-سجون الى بور-دو-بوك في جنوب فرنسا، حيث رفضوا النزول، ثم الى هامبورغ في المانيا المنطقة الخاضعة لسيطرة البريطانيين، حيث وضعوا مجددا في معسكرات اعتقال.

اثارت الحادثة استياء كبيرا في العالم. ويقول بروجيدو "بفضل ملحمة هذه السفينة التي ابحرت من سيت، انشئت دولة اسرائيل بعد اشهر" في فلسطين. وشدد على تأثير هذه الحادثة على تصويت للامم المتحدة في نوفمبر على قرار تقسيم فلسطين الذي ادى في 1948 الى قيام دولة اسرائيل.

وصرح فريدي دران الذي يشارك في لجنة تحمل اسم "اكزودوس"، ويمثل الجالية اليهودية في سيت، "انها المرة الاخيرة التي سيحضر فيها ناجون (احياء الذكرى) فخلال عشر سنوات لن يكون احد منهم على قيد الحياة".

وكان من المتوقع ان يحضر اثنان من هؤلاء . لكن نوا كليغر الصحافي الفرنسي الاسرائيلي الذي كان من افراد طاقم السفينة سيتغيب للمرة الاولى عن الاحتفال.