بعد مرور أكثر من شهر على اندلاع أزمة الخليج، تبدو الآمال بالتوصل إلى حل قريب بعيدة المنال مع تمسك الحلف الخليجي المصري بشروطه، وإصرار قطر على قدرتها على الصمود في مواجهة العقوبات المتخذة بحقها، وفقًا لعدد من المحللين.

إيلاف - متابعة: بينما تتوسط دول كبرى لإنهاء أكبر أزمة دبلوماسية تشهدها المنطقة منذ سنوات، يتحول الخلاف مع مرور الوقت إلى معركة ليّ ذراع تحمل في طياتها عواقب اقتصادية، لا تقتصر فقط على قطر المتهمة بدعم الإرهاب. 

آفاق مفتوحة
وكانت السعودية والإمارات والبحرين ومصر قطعت في الخامس من مايو علاقاتها بقطر، وفرضت عليها عقوبات اقتصادية على خلفية هذا الاتهام، آخذة عليها أيضًا التقارب مع إيران. لكن الدوحة، التي تستقبل أكبر قاعدة جوية أميركية في الشرق الأوسط، نفت مرارًا الاتهامات بدعم الإرهاب.

وتقدمت الدول الأربع بمجموعة من المطالب لإعادة العلاقات مع قطر، بينها دعوة الإمارة الغنية إلى تخفيض العلاقات مع إيران وإغلاق قناة "الجزيرة". وقدمت قطر ردها الرسمي على المطالب إلى الكويت، التي تتوسط بين أطراف الازمة، قبل أن تعلن الدول المقاطعة أن الرد جاء "سلبيًا"، متعهدة باتخاذ خطوات جديدة بحق الإمارة الغنية.

يقول كريتسيان أولريشسن الخبير في شؤون الخليج في معهد بيكر الأميركي "أعتقد أن الأزمة تسير في طريق مفتوح". وفي واشنطن، تحذر وزارة الخارجية الأميركية بدورها من أن الخلاف قد يطول. والخميس قالت متحدثة باسمها إن الأزمة "قد تستمر لأسابيع، إن لم يكن لأشهر".

وكانت الدول الكبرى عقدت آمالها بنهاية قريبة للأزمة على الرد القطري للوصول إلى حل، إلى أن تبيّن أن قطر ترفض لائحة الشروط التي تشمل 13 طلبًا، معتبرة أن هذه المطالب "غير واقعية". 

ويرى أندرياس كريغ المحلل السياسي في كلية كينغز في لندن أنه يصعب توقع نهاية الخلاف في المستقبل القريب، موضحًا "لن يكون هناك رفع للعقوبات قريبًا، لا أستطيع أن أرى ذلك يتحقق".

بدائل إقليمية
مع تفاقم الخلاف، وفي ظل العقوبات المفروضة على قطر، وبينها إغلاق المجالات الجوية أمام طائراتها والحدود البرية السعودية معها، اتجهت الدوحة إلى إيران وتركيا، بحثًا عن بديل موقت للشريك الخليجي.

ويقول كريستوفر ديفيدسون الخبير في شؤون الشرق الأوسط في جامعة درم البريطانية "يبدو أن السعودية والإمارات استخفتا بقدرة قطر على جر لاعبين إقليميين كبار، بينهم إيران وتركيا، إلى الخلاف، وبهذه السرعة".

ويرى أن هذا الأمر يمنع أي تحركات ميدانية يمكن أن تقدم عليها الدول المقاطعة، ويرسخ استراتيجية اقتصادية على المدى البعيد تقوم على دفع الاقتصاد القطري للنزيف، في وقت تشهد الإمارة حملة إعمار ضخمة تحضيرًا لاستضافة مونديال 2022.

في هذا الوقت، تتواصل المساعي الدبلوماسية الغربية. وزار وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون المنطقة في نهاية الأسبوع، قبيل جولة مماثلة لنظيره الأميركي ريكس تيلرسون يبدأها غدًا الاثنين.

تخيير الشركات
وتخشى واشنطن خصوصًا من أن يتفاقم الخلاف في الفترة القريبة المقبلة في خضم بحث الدول المقاطعة عن إجراءات جديدة ضد قطر، وبينها احتمال طردها من مجلس التعاون الخليجي، أو تعليق عضويتها في جامعة الدول العربية.

وتطرقت وسائل إعلام خليجية إلى إمكانية أن تقدم السعودية ودولة الإمارات على وضع الشركات الكبرى أمام خيار استمرار التعامل معها في مقابل وقف التعامل مع قطر.

لكن أولريشسن يرى أن خطوة مماثلة قد تنعكس سلبًا على الاقتصاد السعودي، في حين تحاول قيادة المملكة تنويعه وجذب استثمارات خارجية، في مسعى إلى وقف الارتهان التاريخي للنفط.

حتى الرمق الأخير
وبعدما أعلنت قطر، أكبر مصدر عالمي للغاز الطبيعي المسال، عزمها زيادة إنتاجها من الغاز بنسبة 30% في بداية الأسبوع، بدأت شركات الطاقة الكبرى تعمل على حجز حصص لها من العقود العتيدة.

ومن التلويح الخليجي بإجراءات عقابية جديدة، إلى التعنت القطري، تتواصل فصول الأزمة وانعكاساتها على السياسات والاقتصادات الإقليمية. ويقول ديفيدسون "لا مكان للتنازلات هنا. يبدو أنها (الأزمة) ستتواصل حتى الرمق الأخير".

قطر تشكل لجنة لطلب تعويضات

في سياق متصل، اعلنت الدوحة الاحد انها شكلت لجنة حكومية لمعالجة قضايا طلب تعويضات يتقدم بها اشخاص وشركات تضرروا جراء العقوبات المفروضة على قطر وعلى مواطنيها المقيمين في الدول الخليجية المقاطعة للامارة الغنية بالغاز.

وقال النائب العام القطري علي بن فطيس في مؤتمر صحافي في الدوحة ان "اللجنة المركزية لاستقبال القضايا من متضرري الحصار" الخليجي ستضم ممثلين عن وزارتي الخارجية والعدل.

واوضح ان اللجنة ستعمل على تلقي طلبات من شركات وافراد، مشيرا الى ان القضايا ستتم دراستها قبل ان يتقرر احالتها الى القضاء القطري او الى القضاء في دول اخرى بينها فرنسا وبريطانيا.