واشنطن: اعتبر أكثر من ستة صحافيين روس، بعضهم أجرى تحقيقات بشأن الهجمات الإليكترونية المزعومة التي تشنها أجهزة استخبارات بلادهم ضد الولايات المتحدة، "إن الإعلام الأميركي يعطي الرئيس فلاديمير بوتين موقعاً لا يستحقه، بإظهاره قائداً ذكياً وزعيماً عالمياً".

ويأتي حديث هؤلاء إلى مجلة ذا نيويوركر الجمعة الماضية، في وقت تقول أجهزة الاستخبارات الأميركية والكونغرس إن بوتين كان ضالعاً بشكل شخصي في هجمات إليكترونية استهدفت أجهزة الحاسوب الخاصة باللجنة الوطنية في الحزب الديمقراطي العام الماضي، بهدف التأثير في نتائج الانتخابات الرئاسية لصالح المرشح الجمهوري حينها دونالد ترمب.

ونقلت المجلة عن ميخائل زيغار، وهو صحافي سياسي ومؤلف كتاب "رجال الكرملين"، قوله: "إن الطريقة التي تغطي فيها وسائل الإعلام الأميركية التدخلات هي فضيحة، إذ أظهرت فلاديمير بوتين وكأنه يبدو أكثر ذكاءا مما هو عليه، وأنه يتبع خطة مدروسة". وأضاف: "الحقيقة ما يدير الأمور (في الكرملين) هو الفوضى".

وضرب مثلاُ بأن هذه الفوضى قادت إلى "تدخل روسيا عسكرياً بشكل مفاجئ في سوريا، في محاولة من بوتين للخروج من العزلة التي فرضتها عليه الدول الغربية، وليقول إنه رجل دولة عالمي".

تقلص الحرية الإعلامية

وزعم "أن الحرب تمت بلا أي تحضير، ولا تنسيق يذكر مع إيران أو تركيا، وهانحن نرى النتيجة، تورطنا في الحرب، وخسرنا أموالاً طائلة بسببها".

ونقل الصحافي الروسي عن مصادره في الحكومة الروسية قوله: "إن بوتين أحال النائب العسكري العام إلى التقاعد في إبريل، بعدما أعد الأخير تقريراً كان ينوي تقديمه إلى مجلس الشيوخ، يكشف حجم الخسائر التي لحقت بالبلاد بسبب الفساد الذي شاب عمليات تمويل الحملة العسكرية في سوريا".

وقالت "نيويوركر" إن الحرية الإعلامية تقصلت بشكل كبير في روسيا خلال الفترة الماضية، إذ يتولى موظفون في الكرملين إدارة ما ينشر في وسائل الإعلام في البلاد حول بوتين، ولا يُسمح بإنتقاده، موضحة أن هناك قلة من الصحافيين تجرأوا على تجاوز الخطوط الحمراء التي وضعتها الحكومة.

ولاحظ الصحافي الروسي داني تورفسكي وهو من نشر واحد من أشهر التحقيقات بشأن "شركات القرصنة الروسية" في الشتاء الماضي ، "إن الإعلام الأميركي، لديه فهم عام عن شركات القرصنة الروسية، لكنهم لا يعرفون طريقة عملها أو أهدافها".

وقال تورفسكي وهو مراسل لموقع مدوزا الإخباري على شبكة الإنترنت، "إن روسيا لديها الدافع، ولديها قدرة تقنية على إختراق بعض الحسابات الأمريكية، لكننا لا نعرف حقاً إذا كانت هي من تورطت في الهجمات التي تعرضت لها بعض أجهزة الحاسوب في الولايات المتحدة".

وذكر "أن الصحافة الأميركية قالت إن هناك مجموعات قرصنة روسية مثل الدب الحميم وغيرها، لكن الواقع إنه ليس لديهم (الروس) مجموعات قرصنة، بل يعمل الناس هنا بشكل إنفرادي".

تخلف تقني

وكشف الصحافي الروسي عن "تخلف تقني كبير" تعانيه أجهزة الاستخبارات الروسية، وذكر "أن أحد مصادره أخذه إلى مقر أف أس بي، وهو جهاز الاستخبارات الذي خلف الكي جي بي، ولاحظ أن الموظفين يطلب منهم ترك هواتفهم المحمولة قبل دخول المبنى".

وكانت المفاجأة "أن كل دور في المبنى خُصص له جهاز حاسوب واحد ليس له اتصال بشبكة الإنترنت، ولا يمكن لأي موظف استخدامه إلا عبر رمز يسمح له بفتح الجهاز لفترة محدودة فقط خلال اليوم".

لكنه في المقابل "قال إن هناك موظفون حكوميون في أجهزة عامة أخرى عملهم الوحيد هو كتابة التعليقات على شبكات الإنترنت بلغات مختلفة".

واستغرب الصحافي أليكسي كوفاليف، وهو مؤسس موقع على شبكة الإنترنت لرصد ما ينشر في وسائل الإعلام، "اهتمام الإعلام الأميركي بشبكة روسيا اليوم التي يمولها الكرملين وتُبث بلغات، حتى أن المرشح الديمقراطي السابق بيرني ساندرز أجرى معها مقابلة مدتها 40 دقيقة".

وأوضح "أن هذه الشبكة لا قيمة لها في روسيا ولا يشاهدها الناس، وتأثيرها على السياسية في الولايات المتحدة صفر".

وقال مراسل ذان نيويوركر إن أكثر ما تردد على مسامعه خلال اللقاءات مع صحافيين روس، هو أنهم ينظرون لـ"بوتين بوصفه ولد مشاغب في مدرسة، يبحث عن لفت الانتباه، حتى لو أدى ذلك لانتقاده".

ونقل عن هؤلاء قولهم إن الرئيس الروسي "يشعر أنه زعيم مهم بعدما عانى من العزلة طويلاً، ويسعده أن يتردد اسمه في وسائل الإعلام الأميركية باستمرار".