أسامة مهدي: توقعت غالبية من القراء شاركت في استفتاء "إيلاف" الاسبوعي ان يشهد العراق صراعا بين الجيش والحشد الشعبي في موقف يبدو انه قد استند الى شكل العلاقات الراهنة بين الطرفين على الارض وتصريحات قياداتهما عن العلاقة المستقبلية بينهما.

فقد وجهت "إيلاف" سؤالا الى قرائها ضمن استفتائها الاسبوعي يقول: "هل تتوقع ان يشهد العراق صراعا بين جيشه والحشد الشعبي؟" حيث ادلى 1367 قارئا بآرائهم في السؤال توقعت غالبيتهم تفجر صراع مستقبلي بين الطرفين.

توقعات بنشوب صراع

ومن مجموع هؤلاء الذين ادلوا بأصواتهم في الاستفتاء فان اغلبية توقعت فعلا صراعا مستقبليا بين الجيش العراقي النظامي والحشد الشعبي غير النظامي المشكل من ميليشيات عدة حيث بلغ عدد المصوتين لهذا التوقع 720 قارئا بلغت نسبتهم 53 من مجموع عدد المستفتين.

ومن الواضح ان مواقف هذه الاغلبية من المصوتين قد تأثرت بأجواء العلاقة المتوترة بين القائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي وزعيمي تشكيلات الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس وهادي العامري.

فقد لوح العبادي بإقالة العامري من الحشد الشعبي ورفع دعوى قضائية ضده بتهمة النيل من الدولة وتشويه صورة الحكومة إثر تصريحات للأخير قال فيها إن العبادي يلعب مع الحشد لعبة القط والفأر ويضع فيتو على مشاركة الحشد الشعبي في معارك ويسمح له بمعارك أخرى ملمّحاً إلى أن العبادي يسير وفق أجندة أميركية.

وبهذا الصدد يؤكد العضو البارز في الحشد حسين المياحي بأن "الحشد وصل إلى قناعة بأنه لا يمكن الوثوق برئيس الوزراء بشكل مطلق وتحركاته مع الحشد غير مريحة ونخشى أنه اتفق مع الأميركيين على خطة ما تؤدي إلى ضياع حقوقنا والدماء التي قدمناها".

وأضاف أنه "بالنسبة لنا فالحشد خط أحمر ولن نسمح بتفكيكه أو ركنه وسيبقى مؤسسة عسكرية قائمة بحد ذاتها مثل تجارب كثيرة في دول العالم.

ويعبر قادة في الحشد عن امتعاضهم مما يسمونه مخططا اميركيا ضدهم تجاوب معه العبادي أخيراً يقضي بحل الحشد نهائياً بعد استقرار الأوضاع في العراق وتحويل الراغبين منهم إلى سلكي الجيش والشرطة ومنح آخرين مرتبات تقاعدية وهو ما ترفضه قيادة الحشد الشعبي وتعتبر نفسها كيانا باقيا داخل العراق وتعمل كمؤسسة مستقلة عن الجيش العراقي وبالتالي فهي الرغبة الإيرانية نفسها التي كشف عنها قيادات وجنرالات في الحرس الثوري الإيراني الذي يعتبر الداعم الأول لتشكيلات الحشد تمويلاً وتدريباً وتأهيلها.

مؤامرة لتخريب العلاقة

وفي موقف مخالف فقد صوت 647 قارئا بالضد من ذلك بلغت نسبتهم 47 بالمائة من العدد الكلي المشارك في الاستفتاء والبالغ 1367 قارئا.

ويبدو أن مواقف هذه الشريحة من المصوتين قد تأثرت بتصريحات مسؤولين رسميين استبعدت تفجر أي صراع بين الجيش العراقي والحشد. فقد حذر رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض قبل ايام قليلة مما أسماها "مؤامرات" لتخريب علاقة القائد العام للقوات المساحة رئيس الوزراء حيدر العبادي بالحشد، مؤكدا أن الاخير حريص على دعم الحشد الشعبي ونجاح تجربته.

وقال الفياض "ان "غیاری الحشد الشعبي الذین لبّوا نداء الدین والوطن وکما عهدتموهم في طليعة المضحّين بكل مواقع المنازلة الكبرى مع عصابات داعش الإجرامية على أنهم الأكثر حرصاً على قوة وسلامة وهيبة دولتنا العزيزة من خلال الالتزام بكل القوانين والأوامر الصادرة من القائد العام للقوات المسلحة بكل تفاصيل عملها".

وأضاف ان "أبناء الحشد يدركون حجم المسؤولية الملقاة عليهم في حفظ وتقوية هذه الدولة ورد غائلة الأعداء عنها"، مؤكدا "إدراك طبيعة التحديات والمؤامرات ضد هذه المؤسسة والمحاولات التي بدأت تتصاعد من قبل أعداء الحشد لإظهاره بغير ما هو عليه والتشويش على علاقته الصميمية بالدولة وبشخص العبادي".

إلا أن مستشاراً رفيعاً في الحكومة العراقية قال إن "الخلاف ليس مع الحشد الشعبي بل مع بضعة قادة فيه يغلبون مصالح أخرى على مصالح العراق".

ولفت إلى أن "قادة الحشد يرفضون كثيرا من الأوامر ويحاولون الاستقلال بقرارهم داخل العراق ورئيس الحكومة أبلغهم بوقف الاعتقالات والتصرف كدولة داخل دولة وهناك معتقلون لديهم يجب أن يتم تسليمهم إلى الحكومة، لكنهم يرفضون كما أن مسألة تكرار التجاوز على أفراد وقيادات الجيش العراقي والشرطة من قبل الحشد باتت مسألة غير مقبولة بالمرة".

وحول ما إذا كانت الأزمة ستزداد حدة، قال "لن يكون هناك خوف، وأكثر شيء يمكن اتخاذه، هو إقالة الذين يسببون المشاكل من هيئة الحشد الشعبي، مثل العامري والمهندس وهو أمر دستوري بموجب القانون الذي أقرّه البرلمان".

والحشد الشعبي هي قوات غير نظامية عراقية تضم حوالى 67 فصيلاً تشكل معظمها بعد فتوى الجهاد الكفائي التي أطلقها المرجع الشيعي الاعلى في العراق آية الله السيد علي السيستاني وذلك بعد سيطرة تنظيم داعش على مساحات واسعة في عدد من المحافظات الواقعة شمال بغداد وغربها وتهديده بالزحف على مدينتي النجف وكربلاء المقدستين لدى الشيعة.

وأقرّ قانون هيئة الحشد الشعبي بعد تصويت مجلس النواب بالاغلبية لصالح القانون في 26 نوفمبر عام 2016.

وقد تكوّنت نواة الحشد الذي تتهم منظمات دولية بعض ميليشياته بارتكاب جرائم حرب وأخرى طائفية من المتطوعين الذين استجابوا لفتوى الجهاد الكفائي وهم بغالبهم من الشيعة وانضمت اليهم لاحقا عشائر من المناطق التي سيطر عليها داعش.