الرباط: يوما بعد آخر، تتكشف حقيقة وحدة الخلاف الذي يعيش على إيقاعه حزب العدالة والتنمية المغربي بين قيادته ومؤسساته منذ إعفاء أمينه العام، عبد الإله ابن كيران، من تشكيل الحكومة، الأمر الذي خلف رجة كبيرة داخل الحزب ما زالت تداعياتها مستمرة ومرشحة لمزيد من التصعيد بين تيار داعم لابن كيران وآخر معارض له.

ففي بيان رسمي للمكتب الوطني لشبيبة حزب العدالة والتنمية، صدر أمس الأحد، أكد شباب الحزب الذي يقود الحكومة، أن أعضاء المكتب الوطني تداولوا ب"استفاضة في الوضعية الداخلية التي يعيشها حزب العدالة والتنمية محيين عاليا وبحرارة المواقف الصامدة للأخ الأمين العام للحزب عبد الإله ابن كيران في مواجهة إرادات التحكم بمختلف تعبيراته الحزبية والسياسية، وتشبثه بالمبادئ والمواقف الثابتة لحزب العدالة والتنمية التي لا تلين بين يدي المواقع والمناصب"، وهو ما يمثل اصطفافا ودعما واضحا من شباب الحزب لابن كيران في مواجهة ما بات يعرف بتيار "الاستوزار" داخل الحزب.

ولم يقف دعم شبيبة حزب العدالة والتنمية لابن كيران عند هذا المستوى، بل تجاوزه إلى حد المطالبة باستمرار ابن كيران في الساحة وممارسة أدواره حالا ومستقبلا، حين قال البيان، الذي تلقت "إيلاف المغرب" نسخة منه: "بالمناسبة يطلب المكتب الوطني للشبيبة من الأخ الأمين العام الاستمرار في ممارسة أدواره الوطنية حالا ومستقبلا باعتباره أملا لفئات واسعة من الشعب المغربي التي آمنت بمنطق الإصلاح في ظل الاستقرار"، الأمر الذي يؤكد أن شباب الحزب الإسلامي يدعمون استمرار ابن كيران على رأس لولاية ثالثة.

ويبدو أن موقف شبيبة الحزب الداعم لرئيس الحكومة السابق، لم ينل إعجاب التيار المعارض لابن كيران، حيث تولى عدد من قادة الحزب وحركة التوحيد والإصلاح الذراع الدعوية والحليف الاستراتيجي له بالتعبير عن رفضها لما جاء في بيان الشبيبة.

أحد معارضي استمرار ابن كيران، الذين خرجوا للتعبير عن مواقفهم مباشرة بعد إعلان شبيبة الحزب دعمها له، لم يكن سوى أحمد الشقيري الديني، عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية سابقا، الذي قال في تدوينة على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي فايسبوك، إن قوانين الحزب "لا تسمح بولاية ثالثة لابن كيران مما يفرض إزاحته من موقع المنافسة"، وذلك في دعوة صريحة منه لقطع الطريق أمام استمرار ابن كيران على رأس الحزب.

واستنجد الشقيري في تدوينة أخرى، للدفاع عن موقفه والتقليل من دعم شباب الحزب لابن كيران شبيبة، باللجوء إلى الدين والتشكيك في صحة حديث نبوي يتحدث عن نصرة الشباب، حيث قال: "نصرت بالشباب"..! حديث باطل لا أصل له؛ فلا يوجد له إسناد صحيح، ولا ضعيف، ولا موضوع، وإنما ورد ذكره بألفاظ مختلفة في بعض كتب التفسير والأدب..!".

بدوره، خرج محمد الهلالي، نائب رئيس حركة التوحيد والاصلاح السابق، في تدوينة على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، قال فيها : "من يحب ابن كيران فلييقل له الحقيقة كما هي لا كما يحب أن يسمعها"، وأضاف "عندما تحرر ابن كيران من (المطيعية) نسبة إلى (عبد الكريم مطيع زعيم الشبيبة الإسلامية) المبنية على الريبة من كل شيء والشك في الجميع حرر المنهج وبنى المشروع وارتقى إلى زعيم تاريخي وليس فقط إلى زعيم مرحلة معينة".

وزاد الهلالي في تدوينته قائلا: "وإذا أغراه بعض الحواريين إلى الرجوع إلى بعض أخلاق المطيعية ، وهي الشك حتى في المقربين، سوف يبقى زعيما من دون شك، لكن لمرحلة فقط وسوف يسهم من دون شك في هدم كل ما بناه في أربعين عاما في لحظة واحدة"، واسترسل قائلا "المعركة مع السلطوية لا تكسب إذا تحولت بوصلتها إلى صدور المحاربين"، وهو ما يمثل انتقادا حادا من الهلالي لابن كيران وخطابه الذي أشار فيه إلى أن أي مؤامرة لا يمكن أن تتم من دون مساهمة من أصحاب الدار"، تلميحا لدور يحتمل أن يكون لعبه بعض قيادات الحزب في الإطاحة به من رئاسة الحكومة.