تأكد في بغداد اليوم تأجيل مؤتمر للقوى والشخصيات السنية العراقية مقرر السبت المقبل للاتفاق على مرجعية سياسية سنية إلى إشعار آخر اثر خلافات بين قياداته وتدخلات من قوى وشخصيات شيعية نافذة دفعت لعقد مؤتمر سني مقابل غدا الخميس من مؤيدي الحكومة وتوجهاتها.

إيلاف من لندن: أعلنت اللجنة التحضيرية لمؤتمر تحالف القوى الوطنية السنية اليوم عن تأجيل مؤتمره المزمع عقده السبت المقبل إلى وقت لاحق قريب وأشارت إلى أنه "نظرا لتزامن الاستعراض العسكري بمناسبة انتصار قواتنا الباسلة على عصابات داعش وتطهير مدينة الموصل من دنسهم وتقديرا لأهمية الاستعداد للمرحلة القادمة فقد تقرر اعلان مشروع تحالف القوى الوطنية العراقية في المناطق المحررة بموعده وتأجيل المؤتمر لوقت لاحق" من تحديد موعد جديد. واوضحت أللجبة في بيان صحافي تسلمت "إيلاف" نصه "ان الوقت سيكون قريبا في كل من بغداد وأربيل ليتكامل مع احتفالات شعبنا بانتصاراته وبالتنسيق مع السيد رئيس الوزراء".

إنقاذا لماء الوجه.. أم للمصلحة العامة؟

وقد اكدت مصادر نيابية ان ارجاع سبب تأجيل المؤتمر الى الاستعراض العسكري جاء بمثابة انقاذ لماء الوجه بالنسبة لتحالف القوى السنية ولمنظمي المؤتمر الذين تعصف بهم الخلافات ولم يتمكنوا حتى الان من الاتفاق على اجندة المؤتمر بالرغم من انه لم يتبق سوى ثلاثة ايام على الموعد المحدد لانعقاده.

ومن جهته أرجع رئيس ائتلاف العربية صالح المطلك اسباب تاجيل انعقاد المؤتمر الى اعتبارات وطنية ولشرح أهدافه بشكل واضح للشركاء السياسيين. وقال المطلك خلال اجتماعه اليوم مع جورج بوستن نائب ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في العراق حيث بحث معه موضوع تأجيل المؤتمر "الهادف لإعانة أهالي المناطق المتضررة وفتح أفق جديد من المصالحات والتفاهمات الوطنية بين مكونات الشعب العراقي دون استثناء"، كما قال. 

وأوضح المطلك أن المؤتمر تأجل لاعتبارات وطنية ولشرح أهدافه بشكل واضح للشركاء السياسيين ولفسح المجال امام القوى التي تكتلت على اساس طائفي لمراجعة مواقفها والعودة الى جادة الصواب "ونحن عازمون على عدم الاشتراك بأي نشاط يركز على ترسيخ الطائفية ويفسح المجال امام الآخرين ليتخندقوا خلف مكوناتهم ويؤدي الى تشتيت حقوق النازحين والمتضررين وأهالي المدن المنكوبة".
وأشار الى ان مؤتمرنا قد تم تأجيله الى وقت آخر لمقتضيات المصلحة العامة ونزولا عند رغبة شخصيات لها ثقلها الوطني.

قوى شيعية يتقدمها المالكي وقفت ضد المؤتمر

ومنذ ان تم الاعلان قبل اسابيع عن انعقاد المؤتمر الهادف الى الاتفاق على مرجعية سياسية سنية فقد هاجمته قوى شيعية باتهامات عن سعيه لاشراك سياسيين معارضين صدرت ضدهم احكام قضائية في عهد حكومة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي وان دولا اقليمية تقف وراءه. 

كما تصدى رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي للامر واعلن الاسبوع الماضي ان قضية هؤلاء المحكومين قضائية وليست سياسية وعليهم تقديم انفسهم الى السلطة القضائية لتقرر في صحة الاحكام التي صدرت ضدهم من عدمها. 

وقال "نؤكد موقفنا الثابت والدستوري باحترام الفصل بين السلطات وعدم التدخل بالشأن القضائي وننفي نفيا قاطعا كل ما يرد عن السماح لمطلوبين للقضاء بحضور مؤتمرات مزمع عقدها في بغداد وان هذا الاجراء هو من صلب اختصاص السلطة القضائية حصرا".

ومن بين هؤلاء المحكومين او المتهمين نائب رئيس الجمهورية السابق طارق الهاشمي ونائب رئيس الوزراء وزير المالية السابق رافع العيساوي اضافة الى زعيم المشروع العربي في العراق الشيخ خميس الخنجر الذي اعتبر ان المؤتمر الذي يتم التخطيط حاليا لعقده سيكون مؤتمرا لسنة الحكومة.

المؤتمر ليس معارضًا

كما اصدر احد عرابي المؤتمر رئيس البرلمان سليم الجبوري في 27 من الشهر الماضي بيانا اكد فيه ان المؤتمر ليس معارضا موضحا ان الاسماء التي تم الترويج لها للمشاركة فيه عارية عن الصحة فيما اشار الى أنه سيبحث "رؤية مستقبلية" للمحافظات المحررة ضمن الدولة وانطلاقا من العاصمة. 

وكان الجبوري نفسه اعلن منتصف الشهر الماضي عزم القيادات السنية على عقد مؤتمر لها في بغداد بمشاركة 74 شخصية.. واشار الى ان هذا الاجتماع سيمهد لمؤتمر المانحين في الكويت قريبا والذي سوف تحضره 20 دولة لتخصيص مبالغ إعادة إعمار المدن السنية المتضررة من الحرب ضد تنظيم داعش.

خلافات وتنافس انتخابي مبكر

وأشارت المصادر النيابية الى ان تأجيل المؤتمر تقف وراءه خلافات بين رئيس البرلمان سليم الجبوري القيادي في الحزب الاسلامي الواجهة العراقية للتنظيم الدولي للاخوان المسلمين ونائب رئيس الجمهورية رئيس ائتلاف "متحدون" أسامة النجيفي الذي يصر على عقده في مدينة أربيل عاصمة اقليم كردستان الشمالي لضمان مشاركة جميع الشخصيات السنية مقابل اصرار الجبوري على عقده في بغداد. 

وكان تحالف القوى الوطنية الذي يشغل نوابه 53 مقعدا في البرلمان العراقي الحالي من أصل 328 مقعدا قد عقد مؤتمرات ولقاءات خلال العامين الاخيرين في كل من جنيف وأنقرة واسطنبول وباريس وبروكسل والدوحة.

ويشهد التحالف خلافات حول زعامته والاحقية بتمثيل المكون السني وذلك في تنافس انتخابي مبكر يسبق انتخابات مجالس المحافظات للحكومات المحلية المقررة منتصف سبتمبر المقبل والانتخابات النيابية العامة في أبريل عام 2018.

ومن جهته نأى ائتلاف الوطنية بزعامة إياد علاوي بنفسه عن مؤتمر السنة مشددا على انه يرفض التخندق الطائفي مؤكداً عدم حضوره.

.. ومؤتمر مشاكس

كما انبرى نواب وسياسيون لمواجهة مؤتمر تحالف القوى السنية لعقد مؤتمر بالمقابل اطلق عليه "بغداد الوطني" قال النائب احمد الجبوري اليوم انه سيعقد في بغداد غدا الخميس في ذات الوقت الذي يجري فيه الاستعراض العسكري الذي قال تحالف القوى السنية انه سبب تأجيل مؤتمره.

وقال الجبوري في بيان "تزامنا مع فرحة شعبنا بالنصر وتحرير مدينة الموصل ينعقد مؤتمر بغداد الوطني غدا الخميس الساعة العاشرة صباحا في فندق بابل في بغداد بحضور ممثلي المحافظات المحررة من النواب والوزراء وأعضاء مجالس المحافظات وقادة عشائر وشخصيات اكاديمية ". واوضح ان المؤتمر يعقد تحت شعار "نحو دولة مواطنة لا دولة مكونات" في إطار العراق الموحد. 

وجاء الاتفاق على هذا المؤتمر خلال اجتماع عقد في منزل رئيس مجلس النواب الاسبق محمود المشهدا في بغداد في السابع من الشهر الحالي بحضور اكثر من عشرين نائبا من تحالف القوى السنية وشخصية سياسية في مواجهة المؤتمر السني الاخر.

ومن جانبه قال النائب كامل نواف الغريري ان مؤتمر غد هو مؤتمر لكل العراقيين ولجميع المكونات ونريد من خلاله ان ننقل رسالة بان العراق لكل العراقيين حتى ما بعد داعش دون مسميات طائفية وان يكون القرار عراقيا وليس خارجيا وان لا تكون مرجعيتنا من دول أجنبية على حد قوله. 

ومن المقرر ان يبحث المؤتمر الذي يعقد غدًا بحسب منظميه "مرحلة ما بعد داعش وإعادة النازحين والاستقرار لتلك المناطق".