إيلاف من لندن: كشفت الامم المتحدة اليوم عن معلومات توضح مدى الدمار الكارثي الذي حل بمدينة الموصل نتيجة المعارك التي خاضتها القوات العراقية ضد مسلحي تنظيم داعش لانتزاعها من قبضته بعد ثلاث سنوات من سيطرته عليها.. فيما دعت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة المعنيةُ بشؤون العنف الجنسي في حالات النزاع المجتمع الدولي إلى ضمان عودة النساء والفتيات من أسْر داعش بسلامةٍ وكرامة ودعمهنّ في التعافي والاندماج مجدداً في مجتمعهنّ. 

فقد أطلق برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية الخميس بوابة الموصل للمعلومات والخرائط التي ستكون بمثابة منصّة رئيسية لعرض تقييم الأضرار والرؤى الموضوعية العامة للموصل، استناداً إلى تحليل صور الأقمار الصناعية والمعلومات التي تمّ جمعها من مختلف الجهات الفاعلة. وبالإضافة إلى ذلك، تحتوي المنصّة الإلكترونية على "بوابة جغرافية" تُوَفِر خرائط تفاعلية تتيح للجهات الإنسانية الفاعلة عرض وتحليل البيانات الجغرافية المختلفة لتقييم التعقيدات الحضرية والتخطيط للاستجابة وفقاً للمناطق كما اشارت في تقرير تسلمته "إيلاف".

تحديات متشابكة

وأشار البرنامج إلى أنّه في حين تمثل استعادة الموصل من تنظيم داعش من قِبَل قوات الحكومة العراقية وشركائها من التحالف الدولي الاحد الماضي نقطة تحول هامة في الصراع، فإنّ الجهات الإنسانية والإنمائية الفاعلة سوف تواجه تحديات متشابكة على نحوٍ متزايد لإعادة تأهيل المدينة وسوف تلعب بوابة الموصل هذه، دوراً هاماً في فهم هذه التعقيدات الحضرية.

واوضح انه من بين المخرجات الرئيسية التي سيوفرها برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية من خلال البوابة هي تقييمات للأضرار متعددة القطّاعات حيث تعطي التقييمات نظرة عامة شاملة على المباني المدمرة كلياً أو المتضرّرة في الموصل مبيّنةً كثافة الأضرار في أحياء الموصل. كما توفّر تحليلاً للمواقع المدمَّرة لكل قطّاع، مثل الإسكان ومباني الإدارة العامة والمواقع الدينية.

دمار كارثي 

وكشف البرنامج ان أحدث تقييم للأضرار الذي تمّ إجراؤه من خلال الصورالفضائية في 8 يوليو 2017، يُظهر تدمير 8,476 منزلاً بشكل كبير أو بالكامل، إضافةً إلى تدمير 5000 منزل في مدينة الموصل القديمة جراء العمليات العسكرية منتصف يونيو حتى بداية يوليو وهذا لا يشمل المنازل المتضررة جزئياً التي لا يمكن تحديدها من خلال الصور الفضائية.

 

منازل الموصل تدمرت خلال المعارك

 

كما اُصيبت شبكة الطرق في الموصل بأضرار كبيرة ويكشف أحدث تقييم للبنية التحتية أنه مع تدمير 100 كلم من الطرقات فقد تَدمَّر ما يقرب من 10٪ من البنية التحتية للطرق في غرب الموصل.

ومن المخرجات الرئيسية الأخرى لبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية المتاحة على بوابة الموصل هي التقييمات الموضوعية التي تتضمن المتابعة والتوثيق الخرائطي لعمليات إعادة التأهيل الحضري في مختلف القطاعات في الموصل مثل المدارس والمستشفيات ومرافق المياه وإن أحد هذه المنتجات هو التقييم البيئي الذي تمّ تنفيذه باستخدام أداة التقييم البيئي السريع (FEAT) بالتعاون مع الوحدة المشتركة لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة ومكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية. 

ويقدم هذا التقييم لمحة عامة عن المواقع المدمرة والمتضرّرة بيئياً، مثل المباني الصناعية والمرافق الطبية التي تحتوي على نفايات طبية نووية وبقايا مواد مشعّة. وسوف يكون للمنعكسات البيئية أثر متزايد الأهمية مع عودة الكثير من السكان إلى المدينة.

منصة لإعادة الإعمار وإعادة النازحين

ومن جهته اشار الدكتور عرفان علي مدير برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية إلى أن "بوابة الموصل" ستكون واحدة من المصادر الرئيسية ومِنصّة عامة لدعم إعادة الإعمار والتأهيل لمدينة الموصل في فترة ما بعد الحرب لجعل عودة مئات آلاف النازحين من جميع أنحاء البلاد إلى منازلهم ذات أولوية.

 

دمار في كل مكان

 

 

وفي وقت سابق اليوم اطلقت وزارة التخطيط والتعاون الإنمائي العراقية خطة الحكومة لاعادة اعمار مدينة الموصل بعد تحريرها بشكل كامل.

وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة التخطيط عبد الزهرة الهنداوي ان الوزارة وضعت خطة لإعادة الإعمار والتنمية في المناطق التي تم تحريرها وعمر هذه الخطة هي 10 سنوات وستنطلق مع بداية عام 2018 وتستمر لغاية عام 2027 وقُدرت الحاجة إلى 100 مليار دولار على مدى السنوت العشر .

واوضح انه سيتم تنفيذ الخطة بثلاثة مسارات متوالية وهي احداث تنمية بشرية واجتماعية واحداث تنمية اقتصادية وايضاً الإهتمام بالبنية التحتية وتأهيلها. واشار إلى أنّ حجم الدمار في المناطق التي كان يتواجد فيها تنظيم داعش متباين فقد وصل في بعض المناطق إلى اكثر من 90%، أما في المناطق الأخرى فوصل إلى 15%، ولذلك سيكون حجم الأموال بحسب حجم الدمار في هذه المناطق ولا شك ان الجانب الأيمن من مدينة الموصل سيحظى باهتمام أكبر بالإضافة إلى مركز مدينة الرمادي بسبب حجم الأضرار التي تعرضت لها هذه المناطق.

دعوة لحماية الناجيات من العنف الجنسي

واليوم حثت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة المعنيةُ بشؤون العنف الجنسي في حالات النزاع براميلا باتن اليومَ المجتمع الدولي وجميع الجهات المعنية على "ضمان عودة النساء والفتيات من أسْر داعش بسلامةٍ وكرامة، والترحيبِ بعودتهنّ إلى مجتمعاتهنّ، ودعمهنّ في التعافي والاندماج مجدداً في مجتمعهنّ، وتلبية جميع احتياجاتهنَّ المتعلقةِ بحماية حقوق الإنسان وبخاصةٍ تلك التي تتعلق بالأطفال المولودين للناجيات من الاغتصاب". 

وأثنت الممثلة الخاصة للأمين العام في تصريح صحافي تسلمت نصه "إيلاف" الخميس على جهود القيادات الدينية في إصدار بياناتٍ علنيةٍ مُتضمنةٍ فتاوى حول حماية الناجيات من العنف الجنسي وحثّتهم على تيسير حوارٍ مجتمعي مُوجّهٍ بُغية المساعدةِ في معالجة المظالم المحدّدة التي تكبّدتها الأمهاتُ وأطفالُهن المولودون من الاغتصاب وتعزيز تقبُّلِ هؤلاء الأطفال. كما حثت الممثلة الخاصة للأمين العام العراقيين باختلاف مشاربهم على اجتناب الوصم بالعار، وكررت الدعوات إلى اتخاذ إجراءاتٍ عاجلةٍ لمحاسبة مرتكبي الجرائم وتعهدت بتقديم الأمم المتحدة الدعمَ في هذا الصدد.

وأضافت أنّ مكتبها سيتابع دعمَ حكومة العراق، بما في ذلك حكومة إقليم كردستان، في تنفيذ البيان المشترك بشأن منع العنف الجنسيّ المتصل بالنزاعات والتصدي له والموقّع في سبتمبر عام 2016 بما في ذلك بناء القدرات والعمل عن كثبٍ مع جهات التنسيق رفيعة المستوى المعنيّة بشؤون العنف الجنسي المتصل بحالات النزاع في بغداد وأربيل، وأشادت بالتزام الحكومة بضمان تنفيذه بشكلٍ كامل.

وكان القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي قد اعلن الاثنين الماضي رسميا عن تحرير مدينة الموصل بالكامل وقرر تعطيل الدوام الرسمي الثلاثاء بمناسبة الانتصار.