يتخوف سكان مدينة الموصل العراقية الشمالية من تداعيات ما بعد داعش نتيجة تعدد الجهات التي تحمل السلاح في مدينتهم. فيما اتهم مرصد حقوقي السلطات بعدم الإكتراث في اتخاذ إجراءات رادعة ضد قوات أمنية ومسلحين مجهولين يقومون بقتل مدنيين.

يتخوف سكان مدينة الموصل العراقية الشمالية من مشاكل وتداعيات مرحلة ما بعد داعش نتيجة تعدد الجهات التي تحمل السلاح في مدينتهم، داعين إلى جهد محلي وأممي لمواجهة هذه المخاطر.. فيما اتهم مرصد حقوقي السلطات بعدم الإكتراث في اتخاذ إجراءات رادعة ضد قوات أمنية ومسلحين مجهولين يقومون بقتل مدنيين، داعيًا إلى تحقيقات في جميع الجرائم المرتكبة وتقديم الجناة إلى محاكمات عادلة.

إيلاف: خلال اجتماع نائب الرئيس العراقي أياد علاوي في بغداد مع نخبة من شيوخ ووجهاء العشائر في مدينة الموصل فقد تمت مناقشة الأوضاع التي تمر بها المنطقة، والبحث عن الحلول الكفيلة بمواجهة المشاكل الراهنة والتداعيات في مرحلة ما بعد داعش. 
التدخلات تفاقم الوضع
شدد المجتمعون على أهمية العمل بمضامين الدعوة التي أطلقها علاوي قبل عامين لتشكيل لجان مشتركة تضم قيادات عسكرية وأخرى من أهالي المدينة لإدارة شؤونها، ورسم خريطة طريق لفترة انتقالية، تشرف خلالها على إعادة النازحين وتعويضهم وتحصين المكتسبات العسكرية التي حققتها القوات المسلحة.

مدنيون وناشطون عراقيون قتلتهم مجموعات مسلحة قبل أيام

وقد عبّر ممثلو أهالي الموصل عن مخاوفهم مما قد تؤول إليه الأوضاع في مدينتهم نتيجة تزايد التدخلات الخارجية وتعدد جهات حمل السلاح المحلية والأجنبية، في إشارة إلى مجاميع مسلحة دخلت المدينة تنتمي إلى طوائف وأحزاب، وبدأت تتخذ مقار لها هناك. 

وأكدوا ضرورة تدخل الحكومة الاتحادية والمجتمع الدولي والأمم المتحدة لمواجهة هذه التهديدات الخطيرة وضمان عودة النازحين وتطبيع أوضاعهم وبسط الأمن والاستقرار في الموصل، فيما أكد علاوي تفهمه لقلق أهالي الموصل ومعاناة النازحين، ووعد بالعمل على معالجتها، وبشكل عاجل، كما نقل عنه مكتبه الإعلامي في بيان صحافي تسلمته "إيلاف" اليوم الأحد. 

تحرير المناطق التي لا تزال في قبضة داعش
على الصعيد نفسه فقد ترأس علاوي الأمين العام لحزب الوفاق الوطني العراقي اجتماعًا لقيادة حزبه، حيث تحدث عن التحديات السياسية والاقتصادية التي تمر بها البلاد وتداعياتها على مرحلة ما بعد داعش ودور الحزب في مواجهتها عبر تمتين الجبهة الداخلية والضغط باتجاه تحقيق المصالحة الوطنية وتقديم الرؤى والكفاءات الكفيلة ببناء دولة المواطنة ومؤسساتها الناجزة.

وشدد علاوي على أن الانتقال بالبلاد من أوضاعها الراهنة إلى واقع أفضل يتطلب تصحيح مسارات العملية السياسية عبر تمكين جميع العراقيين من التعبير عن إرادتهم الحقيقية من خلال انتخابات نزيهة تنتج حكومة ومجلس نواب فاعلين وقادرين على إخراج العراق من دوامة الطائفية السياسية والمحاصصة والفساد.. مشيرًا في هذا الصدد إلى قبول قادة الكتل السياسية دعوته إلى تأجيل انتخابات مجالس المحافظات وإجرائها بالتزامن مع الانتخابات النيابية في إبريل عام 2018 بعد دحر داعش وعودة النازحين.

كما ناقش الاجتماع أيضًا معاناة النازحين والمخاوف من عودة الإرهاب وأهمية تحرير الجيوب والمناطق التي لا تزال في قبضة داعش. 

وكان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي قد أعلن من الموصل الاثنين الماضي تحرير المدينة بالكامل من قبضة تنظيم داعش.. مؤكدًا أن النصر في الموصل تم بتخطيط وإنجاز وتنفيذ عراقي، وأنه من حق العراقيين الافتخار بهذا الإنجاز. وأضاف "أعلن من هنا وللعالم أجمع انتهاء وفشل وانهيار دويلة الخرافة، التي أعلنها الدواعش من هنا قبل ثلاث سنوات، استطعنا أن نحقق الانتصار على هذه الدويلة".

اتهام الحكومة بعدم الإكتراث بعمليات قتل تطال مدنيين
هذا واتهم مرصد عراقي حقوقي مستقل السلطات العراقية بعدم الإكتراث في اتخاذ إجراءات رادعة ضد قوات أمنية ومسلحين مجهولين قاموا بقتل مدنيين في بغداد والأنبار، داعيًا إلى تحقيقات في جميع الجرائم المرتكبة، وتقديم الجناة إلى محاكمات عادلة انطلاقًا من مسؤوليتها عن ضمان وحفظ أمن وسلامة المواطنيين.

وأشار المرصد العراقي لحقوق الإنسان في تقرير له الأحد تابعته "إيلاف" إلى حالات قتل وإعتداءات على المدنيين إرتكبتها القوات الأمنية وعناصر مسلحة مجهولة، من دون أن تقوم الحكومة بإجراءات تردع تلك المُمارسات التي تسببت بمقتل 3 مدنيين في أقل من أسبوع.

معاناة
ففي 4 يوليو الحالي، قتل ضياء هادي العيساوي "بالقرب من سيطرة الصقور بين محافظتي الأنبار وبغداد، داخل سيارته على أيدي أحد عناصر الأمن المتواجدين في المنفذ الأمني. وأوضح المرصد أن "معاناة أهالي الأنبار عند سيطرة الصقور تفاقمت منذ أسابيع، حيث تضطر العوائل القادمة إلى بغداد للسير راجلة في أجواء حارة لعبور سيطرة الصقور، وأحيانًا تغلق السلطات الأمنية منفذ العبور، مما يضطر العائلات للبقاء ساعات طويلة من أجل السماح لهم بدخول بغداد".

وقال عضو اللجنة الأمنية في مجلس محافظة الأنبار راجع بركات العيفان إن "مدنيًا من أهالي الأنبار قتل بنيران قوة أمنية متواجدة في سيطرة الصقور في جنوب شرق الفلوجة". أضاف العيفان إن "عملية القتل جاءت بعد مشادة كلامية بين إحدى الأسر وبين القوة".

برر قائد عمليات شرق الأنبار اللواء الركن سعد حربية مقتل ضياء العيساوي في سيطرة الصقور بأنه كان حادثًا عرضيًا أثناء تنظيم السير من قبل جنود الفرقة 14 من قيادة عمليات شرق الأنبار، وأن الرصاصة خرجت بالخطأ.

قتل مسرحي 
وأشار المرصد إلى أنه في الثالث يوليو الحالي شهد العراق مقتل الفنان المسرحي "كرار نوشي" بعد يومين من اختطافه في بغداد علي أيدي عناصر مجهولة، حيث عثرت على جثته مرمية في منطقة شارع فلسطين في وسط بغداد.

وقال مُقرب من نوشي خلال مقابلة مع المرصد العراقي لحقوق الإنسان إن "نوشي يعمل ممثلًا مسرحيًا، وتلقى تهديدات بالقتل بسبب طريقته في إرتداء الملابس وتسريحات شعره". أضاف إن "جثته بدت عليها آثار تعذيب بطريقة وحشية". 

القوة المفرطة ضد متظاهرين بالنجف
وأوضح المرصد أن "استخدام القوة المفرطة لتفريق تظاهرات ليلية في النجف أدى إلى مقتل المواطن علي مسافر في 30 يونيو الماضي".

وأبلغ شهود عيان المرصد أن "المواطن علي مسافر توفي متأثرًا بجروحه، بعد إصابته بطلق ناري، خلال التظاهرات التي اندلعت ليلًا في مدينة النجف القديمة في حي الشرطة للمطالبة بتحسين الكهرباء".

أضاف الشهود إن "المئات من أهالي النجف خرجوا في تظاهرة، وأشعلوا إطارات في وسط المدينة احتجاجًا على تردي الكهرباء وسط ارتفاع درجات الحرارة، وقامت قوات مكافحة الشغب بفضّ الإحتجاج، عبر إستخدام عيارات نارية، مما أدى إلى مقتل متظاهر وإصابة 5 آخرين".

وقال قائد عمليات الفرات الأوسط اللواء الركن قيس المحمداوي، في مؤتمر صحافي في النجف، إن "التظاهرة التي شهدتها المحافظة خرجت منها آلات حادة وشهدت إطلاق نار، وإن بعض المندسين في التظاهرة اعتدوا على الممتلكات العامة وخربوها، وإن توجيهات القيادة تتضمن عدم استخدام الأسلحة النارية، إلا اذا حدثت تجاوزات أو اعتداءات".

دعوة إلى تحقيقات تُقدم الجناة إلى محاكمات عادلة
ويدعو المرصد العراقي لحقوق الإنسان القضاء العراقي إلى إجراء تحقيقات في جميع الجرائم المرتكبة وتقديم الجناة إلى محاكمات عادلة، ويطالب المرصد الحكومة العراقية بأن تكون مسؤولة عن ضمان وحفظ أمن وسلامة المواطنين.

يذكر أن العاصمة العراقية ومدنًا أخرى تشهد بشكل متواصل عمليات قتل واختطاف تستهدف مدنيين وناشطين في ظاهرة تثير مخاوف السكان الذي يعبّرون عن استيائهم من عدم القبض على الجناة في معظم هذه الحوادث أو مواجهة تزايد عمليات حمل السلاح خارج نطاق الدولة ومؤسساتها العسكرية من مجموعات ميليشياوية منفلتة.