حذر مرصد عراقي حقوقي من خطر موت يهدد حياة 20 ألف مدني في قضاء الشرقاط شمال غرب بغداد يحاصرهم تنظيم داعش ودعا إلى فتح ممرات جوية تنقل المساعدات اليهم والى سرعة تحريرهم.. فيما اكدت الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العراق ليز غراندي "انّ حجم الدمار غرب الموصل هو الأسوأ في العراق حيث تضرّرت 38 منطقة هناك بينها 15 مدمّرة تقريباً.

إيلاف من لندن: قال المرصد العراقي لحقوق الإنسان إن الموت يهدد حياة 20 ألف مدني يحاصرهم تنظيم داعش في الساحل الأيسر (الشرقي) من قضاء الشرقاط (140 كلم شمال تكريت) مركز محافظة صلاح الدين (125 كلم شمال غرب بغداد) وهذا ما ينذر بكارثة إنسانية لا تقل خطورة عن ما حدث في ساحل الموصل الأيمن. 

وأشار المرصد الحقوقي المستقل في تقرير اليوم تابعته "إيلاف" إلى أنّه قد حصل على معلومات تُفيد بوجود حصار يفرضه التنظيم على المدنيين وعمليات خطف وتعذيب لمن يشك بتواصلهم مع القوات الحكومية. وحذر من ان "الجوع يفتك بالمدنيين هناك في وقت يسعى التنظيم إلى إحكام قبضته بشكل أكبر عليهم وعدم السماح لهم بمساعدة بعضهم خاصة في حالات المرض إلا لمن كان لديه عنصر يُقاتل معه".

وتعتبر مدينة الشرقاط وهي مركز القضاء ويقطنها أكثر من مائة ألف نسمة من اقدم المدن في العراق والمنطقة كلها.. يقسمها نهر دجلة إلى قسمين الساحل الايمن وهو الذي يشكل مركز القضاء والساحل الأيسر والذي يمثل ريف المدينة، كما تقع المدينة ملاصقة لمدينة الحضر التاريخية المشهورة ومن أبرز عشائر المدينة الجبور واللهيب، والعبيد بالاضافة إلى عشائر الدليم.. وتمتاز المدينة بتربة خصبة صالحة للزراعة كما ان فيها العديد من الشعراء والأدباء المشهورين.

وتحتل مدينة الشرقاط (320 كلم شمال غرب بغداد) موقعا جغرافيا يتوسط ثلاث محافظات فهي تقع على بُعد (115 كلم) جنوب محافظة نينوى وعلى بعد (125 كلم) شمال مدينة تكريت مركز محافظة صلاح الدين وعلى بعد (135 كلم) غرب محافظة كركوك. 

محاصرون في أوضاع صعبة

وقال خضير فلاح (اسم مستعار) وهو مواطن لا يزال محاصراً في قرية سديرة الواقعة ضمن 40 قرية في الساحل الأيسر لمدينة الشرقاط إن "الوضع الإنساني اصبح صعبا للغاية حيث يتمنى الجميع الخلاص من هذه المعاناة حتى وان كان الموت بديلا عنها". 

وأشار إلى أن "أسعار المواد الغذائية تواصل إرتفاعها حتى بلغ كيس الطحين 50 كلغ ما يقارب الألف دولار، فيما وصل ليتر مادة زيت الطعام 40$ دولارا تقريباً بينما بلغ سعر الكيلوغرام من مادة السكر 90 دولارًا وسعر الصابونة الواحدة 12$، كما تجاوز ثمن علبة معجون الطماطم الـ 40$".

وأضاف أن "جميع المواد الغذائية والسلع الإستهلاكية والادوية متوفرة لكن أسعارها باهظة ما دفع كثيرين إلى طبخ الحشائش كوجبة غذائية بديلة".

وقال وسمي الصحن وهو مدير ناحية الساحل الأيسر في القضاء إن "أكثر من عشرين ألف مدني مهددين بالموت في مناطق الناحية التي يسيطر عليها تنظيم داعش بسبب الحصار المفروض عليهم منذ الخامس عشر من يونيو 2016". 

وأوضح أن "المدنيين بدأوا بزراعة حدائق منازلهم بالمنتجات الموسمية لعدم وصول المواد الغذائية إلى مناطقهم والتي وان وصلت فهي بأسعار لا يستطيعون شراءها".

إعدام من يُشك بتواصله مع القوات العراقية

ومن جهتها قالت مصادر محلية في قضاء الشرقاط إن "التنظيم يبحث يومياً عن أشخاص يعتقد أنهم يتواصلون مع القوات الأمنية العراقية ورفدهم بمعلومات ضد عناصره ومن يُشك به سيُعدم مباشرة".

وقال نازح من الساحل الأيسر يعيش الآن في مدينة تكريت إنه "يتواصل مع عائلته بين الحين والآخر". ويتحدث نقلاً عن عائلته "الوضع هناك لم يعد يُطاق، فكل ما يفعله التنظيم يشبه ما قام به عناصره في الموصل".

واكد المرصد العراقي لحقوق الإنسان إن "إلانتهاكات التي يتعرض لها سكان الساحل الأيسر في مدينة الشرقاط كبيرة جداً ما يحتم على الحكومة العراقية الإسراع بتحرير المدينة وإنقاذ حياتهم".

وأشار إلى أنّه حاول الحصول على شهادات عدد أكبر من المدنيين في مناطق سيطرة تنظيم داعش في ساحل الموصل الأيسر لكن ضعف الإتصالات وخوفهم من معرفة التنظيم بتواصلهم مع الخارج حال دون ذلك، لكنه تمكن عبر إتصالين قصيرين من معرفة "عمليات التعذيب" التي يقوم بها التنظيم.

فقد كشف مدنيان يسكنان في ساحل الشرقاط الأيسر إن "تنظيم داعش اختطف يوم 12 يوليو الحالي 3 شبان من منطقة سديرة بعدما وصلته معلومات عن تحدثهم بفرح حول أخبار العمليات العسكرية وتحرير مدينة الموصل.

دعوة لممرات جوية آمنة تنقل مساعدات

المدنيان قالا "إننا نخشى أن يحدث لنا مثلما حدث في الساحل الأيمن من مدينة الموصل فالناس هناك تعرضوا للقتل بسبب التنظيم والقصف العشوائي وعمليات إستخدامهم دروعاً بشرية".

وطالب المرصد العراقي لحقوق الإنسان الحكومة العراقية والمنظمات الدولية بضرورة إيجاد حل سريع وعاجل لما يحدث من كارثة إنسانية يعيشها سكان الساحل الايسر في قضاء الشرقاط ومحاولة فك الحصار الإقتصادي الذي يفرضه التنظيم عليهم عبر فتح ممرات جوية تنقل المساعدات لهم.

الأمم المتحدة :حجم الدمار في أيمن الموصل الأسوأ في البلاد

واكدت الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العراق ليز غراندي "إنّ حجم الدمار غربي الموصل في ايمن المدينة هو الأسوأ في العراق حيث تضرّرت 38 منطقة هناك بينها 15 مدمّرة تقريباً.

وقالت غراندي في بيان اليوم تسلمت "إيلاف" نصه ان حكومة المملكة المتحدة ساههمت بمبلغ إضافي قدره 5.2 ملايين دولار أميركي لمشروع إعادة الاستقرار التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، والذي يموّل مبادرات سريعة في مناطق محرّرة من سيطرة تنظيم داعش"... واوضحت انه بهذا يصبح إجمالي مساهمة المملكة المتحدة في المشروع نحو 15 مليون دولار حتى اليوم. 

ويساعد مشروع إعادة الاستقرار وفق أولويات تحدّدها حكومة العراق والسلطات المحلية في الإسراع في إعادة تأهيل البنى التحتية العامة، وتقديم منح إلى المؤسسات الصغيرة وتعزيز قدرات الحكومات المحلية وتشجيع العمل المدني والمصالحة المجتمعية، إضافة إلى توفير فرص عمل قصيرة المدى عبر برامج الأشغال العامة.

وأشارت غراندي إلى "إنّ حجم الدمار غرب الموصل هو الأسوأ في العراق، فقد تضرّرت 38 منطقة بينها 15 مدمّرة تقريباً كما ان هناك حالياً أكثر من 300 مشروع قيد التنفيذ لإعادة الاستقرار إلى الموصل بينها نحو 70 مشروعاً غربي الموصل لكن ذلك ليس سوى البداية فهناك كمّ هائل من العمل الذي يحتاج إلى إنجاز سريعاً".

ويعمل مشروع إعادة الاستقرار الذي انطلق في يونيو عام 2015 في مناطق محرّرة حديثاً في محافظات الأنبار وصلاح الدين ونينوى وديالى وكركوك. وهناك أكثر من 1100 مشروع منجز أو قيد التنفيذ في 23 موقعاً ومنذ بداية الأزمة ساعد المشروع في عودة أكثر من مليوني نازح إلى ديارهم.