مراكش: اختتمت أمس (الأحد) بمراكش، أشغال الجامعة الصيفية المغاربية، في دورتها الأولى، التي نظمتها، على مدى يومين، منظمة العمل المغاربي، بشراكة مع مؤسسة هانس سايدل الألمانية، في موضوع "الشباب والتنمية".

وتوزعت أشغال الندوة، التي عرفت مشاركة باحثين ومهتمين من الأقطار المغاربية الخمسة، محاور على ارتباط بواقع الشباب العربي، همت "جودة التفكير" و"الشباب والديمقراطية التشاركية" و"ظاهرة التطرف لدى الشباب المغاربي" و"الشباب والمجتمع المدني" و"الصحة النفسية للشباب ومشكلات الإدمان" و"الشباب والهجرة السرية" و"اشكالية التنمية البشرية".

ووعياً منهم بأن تهميش فئة الشباب هو "خيار مكّلف وخاسر بكل المقاييس"؛ فقد هدف المنظمون، من وراء تنظيم الجامعة الصيفية المغاربية، إلى أن تكون إطاراً "للقاء شباب مغاربي واعد، مشكل من باحثين ومقاولين وفعاليات من المجتمع المدني، لتبادل الآراء والأفكار حول هذا الموضوع وتدارس واقع الشباب المغاربي وإشكالات التنمية في المنطقة المغاربية، بتأطير من أساتذة وخبراء من الدول المغاربية"، في ظل أن فئة الشباب تظل "أساس كل تقدّم"؛ كما أنها "شريك أساسي لتحقيق التنمية المستدامة؛ وترسيخ الممارسة الديمقراطية المبنية على التشاركية والانفتاح على مختلف الكفاءات والفعاليات الداعمة لتحقيق مختلف الرهانات داخل المجتمع".

وقال الدكتور ادريس الكريني، رئيس منظمة العمل المغاربي، إن فئة الشباب "تعيش على إيقاع التهميش والإقصاء"، وأنه "كثيرة هي المشكلات التي يعاني منها الشباب في المنطقة"؛ إذ "بين ارتفاع نسبة البطالة، بحسب العديد من التقارير الصادرة عن مختلف المنظمات والمراكز العلمية العربية والدولية؛ بنسبة تتجاوز كثيراً المعدلات العالمية الواردة في هذا الخصوص؛ وتدهور الخدمات التعليمية والصحية؛ وتدني نسبة المشاركة السياسية، وهي عوامل غالباً ما تدفع الكثير منهم نحو الانكفاء على الذات والشعور بالإحباط؛ أو الانضمام إلى جماعات وتيارات متطرفة تستغلّ معضلاتهم الاجتماعية؛ أو السّعي إلى ركوب غمار الهجرة بحثاً عن فضاءات أكثر تحفيزاً وتقديراً لجهودهم وحفظا لكرامتهم".

من جهته، قال ميلود السفياني، ممثل "مؤسسة هانس سايدل" الألمانية بالمغرب وموريتانيا، إن "تناول موضوع التنمية والشباب هو أمر هام، لأن الشباب هو أساس كل تنمية، فبإدماجهم يتم تحصين المستقبل وتحقق التنمية المستدامة التي تقوم على استحضار الإنسان وكفاءته في مختلف المجالات والميادين".

واستحضر المشاركون، في الورشات الثلاث التي تضمنها برنامج الجامعة، عدداً من التقارير والإحصائيات التي تشير إلى أن فئة الشباب دون سن الخامسة والعشرين، التي تشكل نسبة مهمة داخل المجتمعات المغاربية، هي "الفئة الأكثر دينامية وتعلماً وانفتاحاً وتكويناً في مجال التكنولوجيا الحديثة، حيث أثبتت جدارتها في مختلف المجالات العلمية والعملية؛ وحققت الكثير من المنجزات والعطاءات. وعلى الرغم من ذلك؛ ما زالت هذه الفئة تعيش الإقصاء والتهميش".

وشدد المشاركون، سواء من خلال المداخلات التي سلطت الضوء على عدد من محاور اللقاء، خاصة على مستوى التفكير الإيجابي والديمقراطية التشاركية، وواقع الشباب المغاربي، والشباب والهجرة، والشباب والتشغيل، والشباب ومشكلة التطرف، والشباب والتعليم، والشباب وشبكات التواصل الاجتماعي، أو في استنتاجاتهم والحلول المقترحة، على أن "دعم مكانة الشّباب داخل المجتمع هي استثمار للحاضر والمستقبل"؛ من جهة أن "توظيف الدينامية التي تميز هذه الفئة المتحمسة؛ هي مدخل لتحقيق آمالهم وتعزيز مكانته داخل المجتمع من جهة؛ والاستفادة من الإمكانات التي يزخر بها لتعزيز مسارات التنمية والديمقراطية من جهة أخرى".

يشار إلى أن منظمة العمل المغاربي، التي تضم في عضويتها حقوقيين وكتاباً وإعلاميين وأساتذة جامعيين مغاربة، أسست، في مراكش، شهر يونيو 2011. وهي تهدف إلى بناء أسس جديدة للعمل الوحدوي في المنطقة المغاربية، عبر تجنيد جميع الفعاليات واستثمار كل الإمكانات المتاحة، من أجل الدعوة لبناء الاتحاد المغاربي، كتكتل اقتصادي وسياسي وحضاري واعد. وتم التأكيد، في بيان التأسيس، على أن "مؤسّسي هذه المنظمة، وهم يتابعون ما يجري في المنطقة المغاربية من حراك شعبي يعكس التّوق للكرامة والحرية والديمقراطية والوحدة بين الشعوب، يدعون صناع القرار في المنطقة إلى التجاوب مع المطالب الشعبية الرامية إلى تحقيق الوحدة والاندماج وتفعيل مختلف الاتفاقيات المبرمة في هذا الصدد"، مع ضرورة "تجاوز الخطابات والعمل على تحويل الأقوال إلى أفعال، وتدارك ما فات من زمن ضائع، خسرت فيه شعوب المنطقة الكثير من المنافع الاقتصادية والسياسية، بل أكثر من ذلك، فقد دخلت في دوامة من الصراعات الضيقة".