يلتقي رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبي فايز السراج وخصمه المشير خليفة حفتر قائد "الجيش الوطني الليبي" الثلاثاء قرب باريس برعاية الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سعيًا إلى التوصل إلى تسوية سياسية وإخراج البلد من الفوضى.

إيلاف - متابعة: من المقرر أن يلتقي الرجلان بعد ظهر الثلاثاء في قصر سيل-سان-كلو العائد إلى وزارة الخارجية الفرنسية في منطقة باريس.

سيلتقيهما الرئيس الفرنسي على التوالي قبل اجتماع ثلاثي يحضره موفد الأمم المتحدة الجديد إلى ليبيا غسان سلامة، الذي يتسلم منصبه خلال هذا الأسبوع. هذا اللقاء هو الثالث بين السراج وحفتر بعد اجتماعين في مايو 2017 في أبو ظبي وفي يناير 2016 بعيد تعيين السراج.

لا تخلو مبادرة ماكرون من صعوبات بالنظر إلى الوضع الليبي المعقد والفوضى التي تسود البلاد منذ إسقاط نظام معمّر القذافي في نهاية 2011 وسط تنازع السلطة وتهديد "الجهاديين" وتهريب الأسلحة والبشر. يضاف كل ذلك إلى ضلوع قوى إقليمية في النزاع.

علق دبلوماسي فرنسي إنه "مشهد متفجر جدًا على الصعيدين السياسي والعسكري". لكن الإليزيه اعتبر أن هذا اللقاء هو "إشارة قوية" ويثبت "الالتزام الشخصي" للرئيس الفرنسي.

وأضافت الرئاسة الفرنسية "ليس المطلوب أن نتوصل غدًا إلى حل للأزمة الليبية، لكننا نأمل بأن يتوافق الطرفان المتنازعان على بيان مشترك"، مكررة أن لا حل عسكريًا في ليبيا. وأوضح المصدر أن المشاورات حول هذا البيان بدأت فعلًا وليست سهلة.

أخطاء الماضي
جعل الرئيس الفرنسي من الملف الليبي إحدى أولوياته، وتبنى بدوره النهج "البراغماتي" لوزير خارجيته جان إيف لودريان، وزير الدفاع السابق الذي "يأخذ في الاعتبار الواقع على الأرض" ويعتبر أن المشير حفتر هو السد الرئيس أمام الخطر الجهادي. وكان مقتل ثلاثة عسكريين فرنسيين في العام الفائت كشف التزام باريس إلى جانب حفتر.

وقال ماتيا توالدو المتخصص في ليبيا في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية إن "توازن القوى على الأرض بات لمصلحة حفتر. لقد تولى تأمين العديد من القواعد في جنوب البلاد، وسيطر على قاعدة الجفرة الاستراتيجية في الوسط، وقد يتجه إلى سرت (غرب) في الأسابيع المقبلة".

معوّلًا على علاقاته القوية مع العديد من أطراف الأزمة الليبية، وخصوصًا مصر والإمارات، اللتين تدعمان حفتر، قام لودريان بعيد تسلمه حقيبة الخارجية بجولة إقليمية لإحياء الجهود حول ليبيا. لكن توالدو يستبعد تحقيق أي نجاح وشيك.

لم ينجح السراج، الذي يحظى بدعم المجتمع الدولي، في بسط سلطته على البلاد بالكامل، بعد أكثر من عام من انتقال حكومة الوفاق إلى طرابلس. أما حفتر فيتساءل مراقبون مستقلون عن طموحاته ومدى استعداده للرضوخ لسلطة مدنية. وقال مصدر إنساني على تماس مباشر مع الوضع الليبي: "لا أعتقد أنه يمكن السيطرة عليه. يريد أن يحكم ليبيا، وسيقاتل جميع من هم ضده".

وعلق مصدر دبلوماسي بلهجة غير متفائلة "فلنأمل بأن يحترم توقيعه حين يوقع شيئًا ما". والمبادرة الفرنسية لا تحظى برضى إيطاليا، القوة المستعمرة السابقة في ليبيا، وخصوصًا أنها تدفع الثمن الأكبر في ملف المهاجرين، الذين يصلون يوميًا بالمئات إليها انطلاقًا من السواحل الليبية.

وقال وزير الدولة الإيطالي للشؤون الأوروبية ساندرو غوزي "على فرنسا ألا تكرر في ليبيا الأخطاء التي ارتكبتها في الماضي"، واصفًا التدخل الدولي الذي دفع الرئيس السابق نيكولا ساركوزي في اتجاهه العام 2011 بأنه كان "كارثيًا".

ونبه غوزي في مقابلة مع صحيفة لا ريبوبليكا نشرت الاثنين إلى أن "التزام ماكرون في الأزمة يجب أن يكون جامعًا، ويستند إلى علاقة خاصة مع إيطاليا".
&