لندن: في غضون أسابيع من تولي هارولد ماكميلان رئاسة الحكومة البريطانية في مطلع 1957، بعد أزمة السويس واستقالة انتوني ايدن، استبشر الوزراء بعودة حزب المحافظين الى سابق عهده.&إذ تمكن ماكميلان خلال فترة قصيرة من تهدئة الأعصاب في الداخل واعادة العلاقات في الخارج لا سيما مع الولايات المتحدة التي بلغت ادنى مستوياتها، حين هدد الرئيس آيزنهاور الذي حذر بريطانيا من غزو مصر، بإلحاق ضرر بالغ بالنظام المالي البريطاني من خلال بيع سندات الجنيه الاسترليني.&وبعد سنتين على مجيء&ماكميلان، حقق المحافظون فوزاً ساحقاً في انتخابات 1959. &

ويلاحظ انتوني سيلدون نائب رئيس جامعة بكنغهام وكاتب سيرة ثلاثة رؤساء وزراء بريطانيين، أن المتفائلين في حزب المحافظين يقارنون الأزمة الحالية في الحزب بما حدث بعد أزمة السويس قبل 60 سنة حين استعاد الحزب عافيته بسرعة تحت قيادته الجديدة.&ويراهن هؤلاء المتفائلون على ديفيد ديفيز وزير بريكسيت أو بوريس جونسون وزير الخارجية لتكرار المعجزة التي حققها ماكميلان.&وهم يرون ان حزب المحافظين بقيادة جديدة يمكن ان يسترد حيويته في الداخل والخارج. &

ولكن سيلدون يصف رهان هؤلاء المتفائلين بـ"الحلم" قائلاً "إن احوال حزب المحافظين اليوم اسوأ بكثير منها في عام 1956.& ففي تلك المناسبة ارتكب رئيس الوزراء الذي بالكاد مضى عام على توليه مهام عمله، خطأ جسيماً في التقدير بغزو مصر على غرار خطأ تيريزا ماي بدعوتها الى انتخابات عامة الشهر الماضي.&ولكن اخطاء ايدن ، وإن كانت أبشع، سرعان ما جرى تجاوزها لأن الحزب كان موحداً في تصميمه على وضع أزمة السويس وراءه.&وكل القياديين كانوا متفقين على السير وراء ماكميلان، خلف ايدن الذي أثبت كفاءته حين تولى حقيبة الدفاع والخارجية والمالية".&

لم يعرف الحزب مثل هذا التخبط

ويتابع سيلدون "أن المحافظين يكونون أفرطوا حقاً في السُكر إذا ظنوا ان هناك قائداً من عيار ماكميلان ينتظر تسلم الدفة أو إذا ظنوا ان الحزب يمكن ان يتوحد في ظله".&ويقول سيلدون إن حزب المحافظين لم يعرف مثل هذا التخبط الذي يشهده الآن منذ 100 سنة، عندما انقسم الحزب في عام 1922 بشأن البقاء أو الانسحاب من الحكومة الائتلافية برئاسة لويد جورج من الديمقراطيين الأحرار.&

وفي تقدير الأكاديمي سيلدون، فإن "الوضع الذي يواجه قيادة المحافظين الآن اسوأ بكثير".& ففي اوائل العشرينات كان الأحرار، حزب المعارضة الرئيسي، منقسماً في حين ان حزب العمال لم يُنتخب بعد لتشكيل حكومة.& اما الآن، فإن "حزب العمال يتقدم في الاستطلاعات ويمسك بيده زمام المبادرة ولديه قائد&كاريزمي&هو جريمي كوربن" ، على حد وصف سيلدون. &

وأوضح سيلدون في صحيفة الديلي تلغراف "أن المشاكل التي ينقسم حزب& المحافظين بسببها وفي مقدمتها بريكسيت وسياسة التقشف، لن تزول بسحر ساحر تحت قائد جديد إذا نُحيت تيريزا ماي بل انها ستزداد تفاقماً.&وأي قائد جديد سواء أكان ديفيز أو جونسون أو فيليب هاموند سيكون عامل استقطاب أكبر بكثير حول القضايا الخلافية من ماي نفسها".& ويعرب سيلدون عن اقتناعه بأن "هؤلاء لن يوحدوا الحزب ونتيجة لذلك يواجه حزب المحافظين خطراً حقيقياً من أن يصبح مسخرة بتعاقب ثلاثة رؤساء وزراء في غضون عامين" ، على حد تعبيره.& &

ماي أفضل الرهانات

ويخلص سيلدون الى "أن ماي هي أفضل الرهانات رغم الخطأ الفادح الذي ارتكبته بالدعوة الى انتخابات عامة، وأدائها الذي تعرض الى انتقادات واسعة خلال الحملة الانتخابية"، مشيرًا الى ان أحدث استطلاع يبين ان 70 في المئة من المحافظين مع بقاء ماي على قيادة الحزب.&

ويحذر سيلدون من عواقب انقلاب الحزب على ماي وتمهيد الطريق لوصول كوربن الى 10 داوننغ ستريت.& ولكنه يضيف "أن بقاءها ليس مؤكداً.& فهي تفتقر الى تأييد من يريدون اسقاطها وما زالت تترنح تحت تأثير نتيجة الانتخابات".& وبحسب سيلدون، فإن حزب المحافظين في مأزق إذا أقال ماي وفي مأزق إذا ابقاها.&

ويكتب نائب رئيس جامعة بكنغهام في الختام أن على حزب المحافظين إذا أراد الخروج من ازمته أن يستحضر السلاح السري الذي كان وراء نجاحه في القرن العشرين، وهو "الولاء للزعيم والبرغماتية في السياسة والتوجه الى سائر الطبقات الاجتماعية".& ولكنه يبدي شكه في ان يدرك قادة كبار في المحافظين لديهم معرفة هزيلة بالتاريخ حجم الأزمة التي تواجه الحزب.&ويكتب سيلدون "أن ماكميلان نظر الى ازمة السويس على انها طريق مسدود بلا عواقب طويلة الأمد على حزب المحافظين، ولكن ازمة الحزب اليوم هي، بالمقارنة، طريق عريض مفتوح يؤدي بسرعة الى لا مكان".&

&

أعدّت "إيلاف" هذا التقرير بتصرف عن "الديلي تلغراف".& الأصل منشور على الرابط التالي:

http://www.telegraph.co.uk/news/2017/07/24/forget-suez-tories-havent-worse-crisis-today-100-years/

&&

&

& &