أسامة مهدي: اتهمت منظمة حقوقية دولية اليوم فرقة عسكرية ضمن القوات العراقية دربها الاميركيون بإعدام عشرات السجناء في الموصل القديمة.

وقالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" إن فرقة عسكرية عراقية دربتها الحكومة الأميركية أعدمت عشرات السجناء في مدينة الموصل القديمة.

وتحدث مراقبان دوليان عن إعدامات ميدانية بحق 4 أشخاص على يد "الفرقة 16" في الجيش العراقي في منتصف يوليو 2017، وشاهدا أدلة على إعدام الوحدة لعدد كبير من الأشخاص منهم صبي.

ودعت المنظمة في تقرير لها الخميس تابعته "إيلاف" الحكومة الأميركية الى تعليق جميع المساعدات والدعم للفرقة 16 في انتظار نتائج تحقيق شامل تجريه الحكومة العراقية والقيام بالادعاءات والملاحقات القضائية المناسبة.

وأوضحت انه بموجب "قانون ليهي" فإنه يحظر على الولايات المتحدة تقديم مساعدة عسكرية لأي وحدة أمنية أجنبية إذا كانت هناك أدلة موثقة على ارتكابها انتهاكات حقوقية جسيمة، وعدم اتخاذها "تدابير فعالة" لتقديم المسؤولين عن الانتهاكات للعدالة.

دعوة لوقف اي مساعدات عسكرية اميركية

وقالت سارة ليا ويتسن مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش ان "على الحكومة الأميركية التأكد من قطع مساعداتها عن الوحدة العراقية المسؤولة عن الإعدامات، وتعليق أي خطط مساعدة مستقبلية حتى يتم التحقيق في هذه الفظائع كما يجب. واشارت الى انه "نظرا إلى انتهاكات القوات العراقية الواسعة وسجل الحكومة الضعيف في المساءلة على الولايات المتحدة إعادة النظر في مشاركتها مع القوات العراقية".

وابلغ مراقبان دوليان المنظمة بشكل منفصل، أنه في أحد أيام منتصف يوليو، حوالى 10 صباحا في البلدة القديمة في الموصل، شاهدا مجموعة جنود عراقيين، عرّفوا عن أنفسهم بأنهم من الفرقة 16، يقودون 4 رجال عراة إلى زقاق، بعدها سمعا طلقات نارية. قال المراقبان إن جنودا آخرين يقفون في الشارع قالوا لهما إن الرجال الأربعة كانوا من مقاتلي تنظيم داعش. &واوضح المراقبان أنهما كانا في المنطقة طوال الصباح ولم يشهدا أي قتال أو إطلاق نار.

وقال أحدهما إنهما شاهدا الجنود يضربون الرجال الأربعة بأعقاب البنادق قبيل اقتيادهم واكدا أنهما صورا الحادث، لكن أخذ القائد الكاميرا لاحقا وحذف الصور، ثم صحبهما إلى مبنى قريب وخلال تواجدهما فيه، سمعا طلقات نارية ثم جاء ضابط وطلب منهما مغادرة المنطقة.

وقال أحد المراقبين إنه عندما غادرا المنطقة شاهدا عبر مدخل منزل متضرر، على بعد نحو 20 مترا في الشارع نفسه، جثث رجال عراة ممددة في المدخل وكان أحد القتلى ممددا ويداه خلف ظهره كما لو أنه كان مقيد اليدين، وكان هناك حبل حول ساقيه.

ثم عاد المراقب في اليوم التالي وقام بتصوير 3 جثث عارية وفِراش يبدو أنه يغطي أجسادا إضافية شاهداها في اليوم السابق، وزودا هيومن رايتس ووتش بالصورة. واضاف المراقب أن المبنى المتضرر كان متاخما للمبنى الذي استخدمته الفرقة 16 كقاعدة في المنطقة. قال كلا المراقبين إن القوات المسلحة العراقية الوحيدة التي شاهداها أثناء وجودهما في المنطقة كانت من الفرقة 16.

البنتاغون يقر بتدريبه الفرقة 16 العراقية

واشار مسؤولون في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) الى أنهم دربوا وقدموا دعما للفرقة 16 العراقية.

وفي نوفمبر 2015، قال مايكل هاملتون، الضابط في "الفرقة 82 المحمولة جوا"، التي تولت تدريب الوحدات العراقية، لموقع "بريكينغ ديفنس" الذي يُعنى بقضايا عسكرية إن "الفرقة 16 ... كانت مستحدثة مؤخرا عندما جئنا لأول مرة إلى البلاد" وإن الفرقة 82 المحمولة جوا قامت بدعمهم من "التدريب الأولي" وصولا إلى العمليات في الرمادي. وأضاف "ربما كانوا على الأرجح أنجح وحدات الجيش العراقي المشاركة في تلك العملية". &

وشاركت الفرقة 16 العراقية في إعدامات أخرى خارج نطاق القانون ففي اليوم نفسه مشاهدة الرجال الأربعة يُقتادون بعيدا، شاهد المراقبان جثة موجودة على الأنقاض قرب قاعدة الفرقة تعود يبدو لصبي عمره حوالى 14 عاما.&

ويبدو من صور الجثة، التي فحصتها هيومن رايتس ووتش، أنها لذكر متوفى يرتدي ملابس داخلية فقط مع جرح طلق ناري في رأسه ويداه مقيّدتان بقيد بلاستيكي. وقال جندي من الفرقة 16 لأحد المراقبين إن زملاءه الجنود أعدموا الصبي مؤخرا لأنه كان مقاتلا مع داعش.

وفي اليوم التالي، اصطحب جنديان من الفرقة 16 مراقبا عبر منطقة من الأنقاض على طول نهر دجلة &وعرض الجنديان أمامه رأسا مقطوعا قالا إنه يعود لقناصة أميركية كانت مع داعش قطعوا رأسها لكنه لم يكن واضحا إن كان رأسها قُطع وهي حية أم بعد وفاتها. ثم قاد الجنديان المراقب إلى منطقة مجاورة وأرياه ما لا يقل عن 25 جثة مستلقية على أكوام من الأنقاض وتفاخرا بأنها جثث مقاتلي داعش أعدموهم هم وباقي زملائهم. وقد زود المراقب هيومن رايتس ووتش بصور الرأس المقطوع والجثث.

وقال أحد المراقبين إنهما شاهدا عددا من الجرافات في المنطقة تدهس وتدفن جثثا تحت الأنقاض واوضح لهما الجنود إنهم يهدفون إلى سد مخارج أي أنفاق تحت الأرض قد تأوي عناصر لداعش.

توثيق عمليات اعتقال وتعذيب واعدام

واضافت منظمة هيومن رايتس ووتش انها طوال العملية العسكرية لاستعادة الموصل، وثقت قيام القوات العراقية بعمليات احتجاز واعتقال ما لا يقل عن 1200 رجل وصبي في ظروف لا إنسانية من دون تهمة، وفي بعض الحالات تعذيبهم واعدامهم بحجة انتمائهم إلى داعش. وفي الأسابيع الأخيرة من عملية الموصل نقلت هيومن رايتس ووتش إعدام من يُشتبه في انتمائهم إلى داعش في المدينة القديمة في الموصل وما حولها، بما في ذلك اكتشاف موقع اعدام جماعي.

واشارت المنظمة الى انه رغم الاعتراف بارتكاب القوات العراقية انتهاكات قوانين الحرب خلال عملية الموصل والوعد بمعاقبة المسؤولين عنها، لم يبرهن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي عن تحميل السلطات العراقية أي جنود المسؤولية عن إعدام وتعذيب وإساءة معاملة المدنيين أو المقاتلين.

دعوة لتحقيق جنائي

وطالبت هيومن رايتس ووتش سلطات العدالة الجنائية العراقية التحقيق في جميع الجرائم المزعومة بما فيها القتل غير القانوني وتشويه الجثث من جانب أي طرف في النزاع، بطريقة سريعة وشفافة وفعالة وصولا إلى أعلى مستويات المسؤولية. ينبغي محاكمة أولئك الذين وُجدوا مسؤولين جنائيا على النحو الملائم. الإعدامات خارج نطاق القضاء والتعذيب أثناء النزاع المسلح هي جرائم حرب.

وشددت سارة ليا ويتسن مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش "على ضرورة قيام الجيش الأميركي بمعرفة لماذا تقوم قوة درّبها ودعمها بارتكاب جرائم حرب فظيعة.. ان أموال دافعي الضرائب الأميركيين يجب أن تساعد على الحد من الانتهاكات وليس دعمها".