قدمت هيئة رقابية حكومية أميركية تقريرا سريا للكونغرس بشأن اتهامات تتعلق بالاستغلال الجنسي للأطفال من قبل عناصر قوات الأمن الافغانية وكيف تعاملت السلطات الأميركية المعنية إزاء هذه الحالات. 

وأشار مكتب المدقق العام الخاص لإعادة إعمار افغانستان المعروف باسم "سيغار" الذي أعلن الثلاثاء أنه أرسل النتائج السرية التي كشفها تحقيقه إلى المشرعين الأميركيين، أن المسؤولين الافغان فشلوا في منع الاستغلال الجنسي. 

ويركز الملف على العادة المتأصلة المعروفة في افغانستان باسم "باشا بازي" أو "لعب الغلمان"، وما إذا كانت الولايات المتحدة تتغاضى عنها.

وأفاد "سيغار" في منشور فصلي يكشف عن الخطوط العريضة للتقرير المقدم إلى الكونغرس أن "المسؤولين الافغان لا يزالون متواطئين، خاصة فيما يتعلق بالاستغلال الجنسي وتجنيد الأطفال من قبل قوات الأمن الأفغانية". 

وأشار إلى أن الحكومة الأفغانية فشلت في التعرف على الضحايا ومساعدتهم. وفي بعض الحالات، اعتقلت سلطات البلاد الضحايا ولاحقتهم كما لو أنهم ارتكبوا جرما. 

وأفاد "سيغار" أن "جهود حماية الضحايا لا تزال غير كافية حيث أن جميع ملاجئ ضحايا المتاجرة بالاطفال، باستثناء واحد فقط، بقيت مقفلة خلال فترة إعداد التقرير". 

وتحظر نظم أميركية تعرف باسم "قوانين ليهي" على وزارتي الدفاع والخارجية تقديم المساعدة لأي وحدة في قوات الأمن التابعة لبلد أجنبي في حال وجود معلومات موثقة بأنها ارتكبت انتهاكا جسيما لحقوق الإنسان. 

وتقدم قوات حلف شمال الأطلسي بقيادة الولايات المتحدة التدريب والمعدات وغيرها من أشكال المساعدة لقوات الأمن الافغانية. 

قال المتحدث باسم وزارة الدفاع الاميركية ادام ستومب أن وزارة الخارجية والبنتاغون تقومان بمراجعة مشتركة لاتهام قوات الامن الافغانية بارتكاب اساءات لكل حالة على حدة. 

وأضاف ستومب ان "اغتصاب الاطفال أمر فظيع دائما، ويشكل بكل تأكيد انتهاكا جسيما لحقوق الإنسان. إلا أن كل حالة تتطلب مراجعة واقعية وقانونية لتحديد ما إذا كانت هناك مزاعم صادقة بارتكاب انتهاك جسيم لحقوق الإنسان بموجب قوانين ليهي". 

وأكد ان البنتاغون "لا يوافق على عادة الباشا بازي المقلقة للغاية في افغانستان، وليس لديه سياسة توجه القوات الاميركية بتجاهل انتهاكات أو اساءات لحقوق الانسان" مشيرا الى انه يتعين على القوات الاميركية الابلاغ عن الانتهاكات. 

ولم يتسن الحصول على تعليق فوري من الحكومة الافغانية. 

- إفلات من العقاب -

لا تعتبر ممارسة "باشا بازي" شكلا من أشكال المثلية في افغانستان حيث الفصل بين الذكور والإناث يفرض بشكل حازم. بل على العكس، فإن امتلاك صبية صغار متبرجين كنساء يرمز إلى السلطة والمكانة الرفيعة.

ودعا الرئيس أشرف غني للمرة الاولى هذه السنة الى فرض عقوبات صارمة على ممارسي "باشا بازي" عبر ادخال تعديل على قانون العقوبات، لكن الحكومة لم تحدد موعدا لتطبيقه.

وأُقر التعديل بعدما كشفت وكالة فرانس برس العام الماضي عن استغلال حركة طالبان "باشا بازي" للتغلغل في صفوف قوات الأمن الافغانية. 

وفصّل تقرير فرانس برس طريقة استخدام مقاتلي طالبان للأطفال لشن هجمات من الداخل أسفرت عن مقتل مئات عناصر الشرطة في جنوب افغانستان على مدى العامين الماضيين. 

- طريق مسدود -

أفاد "سيغار" أنه طلب من وزارة الدفاع الأميركية إزالة السرية عن تقريره الذي أنجز في وقت تخوض قوات الأمن الافغانية حربا ضارية ضد طالبان، ووسط إفادات مسؤولين في الجيش الأميركي أن الوضع وصل إلى طريق مسدود. 

ويشير التقرير إلى سلسلة من مواضع القصور في أسلوب إدارة الحكومة الافغانية وطريقة إشراف الولايات المتحدة عليها، بينما كانت عدة تقارير سابقة أشارت إلى سوء إدارة مليارات الدولارات التي خصصتها واشنطن لإعادة الإعمار. 

ووجد التقرير أن استهداف قوات الأمن الافغانية استمر بمعدلات مرتفعة بين بداية العام الحالي والثامن من أيار/مايو، حيث قتل 2531 منهم وأصيب 4238 بجروح. 

وتكمل هذه الحصيلة الاتجاه الدامي الذي بدأ منذ عام 2015، عندما تسلم الافغان مهمة حفظ الأمن في البلاد من حلف شمال الأطلسي. 

وتعني الاحصائيات أن عدد الضحايا في صفوف قوات الأمن الافغانية قد يتساوى مع الرقم الذي تم تسجيله العام الماضي عندما قتل 6785 عنصرا.

وبعد ستة أشهر في منصبه، لم يعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب إن كان ينوي إرسال المزيد من الجنود إلى افغانستان من أجل قلب المعادلة مع طالبان. 

وفي إشارات إضافية إلى استمرار الطريق المسدود، لا تزال الحكومة الافغانية تسيطر على 59,7 بالمئة من أراضي البلاد، وهي نفس النسبة التي سيطرت عليها خلال الربع الأول من العام الحالي.