مانيلا: حثت فيتنام دول رابطة جنوب شرق آسيا (اسيان) السبت على اتخاذ موقف أكثر حزما من النزعة التوسعية لبكين في بحر الصين الجنوبي، وذلك في مستهل مؤتمر إقليمي حول الامن يتوقع أن يوجه انتقادات حادة لكوريا الشمالية على خلفية برنامجها النووي.

قبيل بدء الاجتماع السنوي لوزراء خارجية الدول العشر الأعضاء في رابطة دول جنوب شرق آسيا، واجهت فيتنام الصين بمجموعة من التعديلات المقترحة لمسودة بيان مشترك.

ومهدت بذلك لما يتوقع أن يكون أياما من النقاشات الحادة في العاصمة الفلبينية في المنتدى الذي سينضم خلاله دبلوماسيون كبار من الصين والولايات المتحدة وكوريا الشمالية الى نظرائهم في دول "آسيان" وغيرهم من دول آسيا-المحيط الهادئ لاجراء محادثات أمنية اعتبارا من الاحد.

تنعقد هذه الاجتماعات فيما يتوقع ان يصوت مجلس الامن الدولي على مشروع قرار أميركي لتشديد العقوبات على كوريا الشمالية بهدف معاقبة النظام المعزول لتجاربه الصاروخية والنووية.

وقالت الولايات المتحدة إنها ستسعى الى تحقيق إجماع في الضغط على كوريا الشمالية في اجتماع مانيلا بينما اعلن وزير الخارجية الفلبيني آلان بيتر كايتانو إن بيونغ يانغ ستتلقى رسالة صارمة.

لكن في ما يتعلق بالخلاف حول بحر الصين الجنوبي - إحدى القضايا الاخرى التي تعد برميل بارود في آسيا - يبدو التوافق أقل بكثير اذ ان فيتنام تقاوم جهود الفلبين الساعية لاسترضاء بكين، بحسب ما ذكر دبلوماسيون لوكالة فرانس برس.

وسعت فيتنام ليل الجمعة السبت إلى ادراج لهجة صارمة ضد الصين في بيان لرابطة جنوب شرق آسيا كان من المقرر إصداره في ختام اجتماعات وزراء خارجية دول جنوب شرق آسيا السبت.

وبحسب نسخة من مسودة البيان حصلت وكالة فرانس برس على نسخة منها، سعت فيتنام الى حشد التأييد كي تعبر "آسيان" عن القلق البالغ إزاء أعمال "البناء" في البحر، في إشارة إلى توسع بناء الجزر الاصطناعية في المياه المتنازع عليها في السنوات القليلة الماضية. وتريد فيتنام أيضا أن تشدد الرابطة في البيان على وضع مدونة سلوك في البحر "ملزمة قانونيا" للصين وهذا ما تعارضه بكين.

محادثات متوترة
قامت فيتنام بمساعيها خلال محادثات غير مقررة وغير رسمية لوزراء خارجية الرابطة في ساعة متأخرة الجمعة. وقال دبلوماسي شارك في تلك المحادثات لفرانس برس إن "النقاشات كانت صعبة"، موضحا ان "فيتنام تقف بمفردها في مسعى الحصول على لهجة أقوى بخصوص بحر الصين الجنوبي. كمبوديا والفلبين غير متحمستين لذلك".

وتطالب الصين بالسيادة على كامل مساحة البحر الاستراتيجي تقريبا، بما في ذلك المياه القريبة من سواحل فيتنام والفلبين وماليزيا وبروناي. وقد قامت في السنوات الاخيرة بتوسيع تواجدها في البحر ببناء جزر اصطناعية قادرة على استيعاب قواعد عسكرية.

إلى جانب فيتنام، كانت الفيليبين أكثر المنتقدين للتوسع الصيني. لكن خلال حكم الرئيس رودريغو دوتيرتي، سعت مانيلا الى التقليل من أهمية الخلاف مع الصين مقابل مليارات الدولارات من الاستثمارات الصينية والمساعدات. ونجحت الصين في السنوات القليلة الماضية في حشد تأييد دول أخرى في الرابطة وخصوصا كمبوديا ولاوس، لمناورتها الدبلوماسية في هذا الخلاف.

في افتتاح اجتماع الرابطة صباح السبت، أكد كايتانو أن نقاشات حادة جرت الجمعة. وقال "واصلنا النقاش حتى منتصف الليل تقريبا وتمكنا بأسلوب آسيان الحقيقي من أن نناقش بحماسة مصلحتنا القومية". وقال عدد من الدبلوماسيين إن فيتنام قد تخسر على الارجح معركتها من اجل تبني لهجة صارمة ضد الصين، إذ إن الفلبين التي تستضيف الاجتماع تمارس نفوذا أكبر.

ومن المتوقع أن توافق الرابطة في اجتماعها على إطار لمدونة سلوك مع الصين تهدف إلى تمهيد الطريق لتحرك اكثر عملية. غير أن المحللين الأمنيين يقولون إن ذلك الإطار يأتي بعد 15 عاما على بدء المفاوضات بشأنه، فيما استغلت الصين الوقت لترسيخ مطالبها ببنائها الجزر الاصطناعية.

من الموضوعات الاخرى المهمة التي ستناقش في مانيلا مسألة تنامي التهديد الإرهابي في المنطقة. وينعقد المنتدى فيما تقاتل قوات الامن الفيليبينية مسلحين من تنظيم داعش يسيطرون منمايو الماضي على اجزاء من مراوي، المدينة المسلمة الرئيسية في الفلبين وتبعد نحو 800 كلم جنوب ماني.