بكين: صعدت الصين لهجتها في التوتر الحدودي المتفاقم مع الهند ملمحة إلى تحرك عسكري محتمل في خطوة دعائية يصفها المحللون بأنها "مثيرة للقلق حقا".

منذ أكثر من شهر تسود حالة توتر شديدة بين القوات الهندية والصينية المنتشرة في هضبة نائية وحساسة استراتيجيا في الهيملايا حيث تلتقي التيبت والهند وبوتان.

والخميس حذر المتحدث باس وزارة الدفاع الصينية رن قانغ يان من أن بكين مارست ضبط النفس لكن لديها "حد نهائي".

وقال في تصريحات نشرت على موقع الوزارة الالكتروني "لا ينبغي أن تستخف أي دولة بعزم القوات الصينية وإرادتها في الدفاع عن سيادتها الوطنية".

وتكاد هذه التصريحات أن تكون مطابقة حرفيا لما أعلنته هذا الاسبوع وزارة الخارجية ووكالة الصين الجديدة (شينخوا) الرسمية وصحيفة الشعب اليومية الناطقة بلسان الحزب الشيوعي الحاكم والموقع الالكتروني للقوات الصينية المسلحة الذي ينشر الاخبار العسكرية الرسمية ووسائل إعلام أخرى.

والاربعاء أصدرت وزارة الخارجية وثيقة من 15 صفحة تتضمن "حقائق" عن الخلاف الحدودي وتشمل خريطة للتوغلات المفترضة وصورا لما قالت إنهم جنود هنود وآليات عسكرية على الجانب الصيني من الحدود.

وطالبت الخارجية بانسحاب "فوري وغير مشروط" للقوات الهندية محذرة من أن بكين "ستتخذ كافة التدابير الضرورية" لحماية مصالحها.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية قنغ شوانغ الخميس إن الهند تقوم بشق طرق وتخزين سلع ونشر عدد كبير من القوات في المنطقة. وأضاف "إنها بالتأكيد ليست لأغراض السلم".

- مثيرة للقلق حقا -

يعود انعدام الثقة بين الجارين العملاقين لعقود مضت وخاضا حربا وجيزة عام 1962 في ولاية اروناشال براديش الحدودية الهندية.

وقال رئيس كلية الامن القومي بجامعة استراليا الوطنية روري مدكالف لوكالة فرانس برس إن التصعيد الأخير للهجة الصين "مثير للقلق حقا".

واضاف "إنه يلمح بأن المحادثات الدبلوماسية بما فيها تلك التي تجري بين مستشارين كبار في الامن القومي، تفشل في التوصل لطريقة تسمح للدولتين بسحب قواتهما بطريقة لا تضر بصورتيهما".

والهضبة تتمتع بأهمية استراتيجية كونها تمنح الصين منفذا إلى معبر ضيق يطلق عليه اسم "عنق الدجاجة" يربط ولايات شمال شرق الصين بباقي مناطق البلاد.

ورغم الحرب الكلامية المستعرة خفف محللون آخرون من احتمال وقوع نزاع مسلح.

وقال نائب عميد معهد الدراسات الدولية بجامعة فودان، شن دينغلي، لوكالة فرانس برس "إن مغزى هذه التصريحات لا يعني أن الحرب وشيكة؛ بل إنها محاولة لاستكشاف سبل عدم شن حرب دون التأثير على سمعتهما".

واضاف "أيا من الطرفين لا يريد الحرب لكن الصين والهند تتصرفان كطفلين تعيسين".

أطلقت الصين برنامجا كبيرا للبنية التحتية باسم مبادرة "حزام واحد، طريق واحد" تقدمها على أنها سياسة تنمية سلمية لربط الشركات الصينية بأسواق جديدة حول العالم.

وينظر المنتقدون إلى تلك المبادرة على أنها مناورة جيوسياسية.

ومن المتوقع أن يلتقي الرئيس شي جينبنغ برئيس الوزراء الهندي نارندرا مودي في قمة دول بريكس التي تنعقد في مدينة شيامين الصينية مطلع أيلول/سبتمبر المقبل، وقال إنه يأمل في تعاون أكبر ضمن الكتلة التي تضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب افريقيا.

لكنه يستعد أيضا لمؤتمر مهم لحزب الشيوعي في وقت لاحق هذا العام، يتوقع فيه تعزيز سلطته مما يجعله غير مستعد للظهور بمظهر الضعيف بالتراجع في الخلاف الحالي، بحسب البروفسور ايفون شيو الباحثة في الشؤون العسكرية للصين في جامعة هونغ كونغ.

وقالت شيو إن الصين تختبر "إلى أي مدى يمكنها الافلات في منطقة من غير المرجح أن تجذب تدخلا من قوى كبرى أخرى مثل الولايات المتحدة".