يبدو أن قادة الصف الأول في حزب العمال مروا بالماركسية والتروتسكية في أيام شبابهم، إذ اعترف توني بلير بذلك، ويقول وزير عمالي سابق إن زوجته ساهمت في إعادته إلى الديمقراطية.

كشف توني بلير، رئيس الحكومة البريطانية الأسبق، أنه كان تروتسكيًا في أيام دراسته في جامعة أوكسفورد في سبعينات القرن الماضي، و"لعب مع الماركسية" بعض الوقت بعدما تأثر بسيرة حياة ليون تروتسكي، بقلم الكاتب اسحاق دويتشه. واعترف بلير بأن تأثير شيري بوث، زوجته لاحقًا، هو الذي أبعده عن تروتسكي والماركسية.

خبرة غير نادرة

يكتب توم هاريس، الوزير وعضو مجلس العموم العمالي السابق، أن ما كشفه بلير عن ماضيه أكد ظنونه برئيس الوزراء الأسبق، "فهذا الماضي يفسر لماذا بدا بلير يساريًا أكثر مما يروق له".

لكن خبرة بلير هذه ليست نادرة بين القادة السياسيين الصاعدين، وإن لم يكونوا كلهم قد تزوجوا من نساء أو رجال أعادوهم إلى جادة الصواب، مثلما فعلت شيري مع بلير الذي أصبح لاحقًا زعيم حزب العمال، في حين سار توني بين في الطريق المعاكس، من الاعتدال إلى التطرف اليساري،على حد تعبير هاريس.

ونقل هاريس عن رئيس الوزراء البريطاني الراحل هارولد ولسن قوله: "كنتُ أقول دائمًا عن توني [بين] انه يقل نضجًا مع تقدم العمر".

وكان هاريس أعلن ولاءه التام لزعيم حزب العمال الأسبق نيل كينوك في مؤتمر الحزب في عام 1985، حين هاجم كينوك في خطابه مجلس بلدية ليفربول الذي سيطر عليه ناشطون ينتمون إلى اتجاه "المناضل" التروتسكي. وما زال هذا الخطاب يحتفظ بأهميته لأنه، بعد 32 عامًا، يحدد موطن الخلل الذي ما زال ينهش روح الحزب، كما يذهب هاريس قائلًا إن اتجاه "المناضل" التروتسكي كان حزبًا داخل حزب، له نظامه الداخلي وقوائم عضويته وتنظيمه. وانه كان كالطفيلي يغتذي على مضيفه حزب العمال، ويستخدمه غطاءً لترويج أجندته وتسويق مرشحيه.

يؤمنون بالثورة العنيفة

يتابع هاريس قائلًا إن هؤلاء كانوا وما زالوا يؤمنون بالثورة العنيفة للطبقة العاملة، ويعارضون حتى اليوم طريق الاشتراكية من خلال الديمقراطية البرلمانية. وانضم اليهم "بلهاء نافعون" من اليسار العمالي التقليدي، أحدهم توني بين والآخر جريمي كوربن، بحسب هاريس.

يكتب هاريس في صحيفة ديلي تلغراف أن اعضاء حزب العمال حاربوا هؤلاء التروتسكيين الذين اندسوا في الحزب، لكن كوربن قاد حملة ضد طردهم من صفوف الحزب.

وينوه هاريس بأن متاعب حزب العمال مع اتجاه "المناضل" التروتسكي الذي اندس في صفوفه اصبحت ماضيًا بعيدًا، حتى أن قلة من الذين تقل اعمارهم عن خمسين عامًا يفهمون ما حدث أو لماذا حدث.

وبنظر الأغلبية، من مئات الآلاف الذين ألهمتهم إمكانية وصول كوربن إلى قيادة حزب العمال حتى انهم انضموا إليه افواجًا، فإن مثل هذه الانقسامات لا معنى لها. والوحدة هي كل ما يهم الآن شريطة الالتزام بكل سياسة ينتهجها القائد وبكل نزوة من نزواته وبكل فكرة من أفكاره، كما يقول هاريس. 

بعد أن طُردت أغلبية أعضاء اتجاه "المناضل" التروتسكي من حزب العمال، قرر التنظيم أن يغير اسمه إلى الحزب الاشتراكي، وسعى إلى النجاح في الانتخابات خارج حزب العمال الأنجح والأكبر منه.

يعودون

لكن هاريس يقول إن كثيرين ممن طُردوا في السابق لعضويتهم في اتجاه "المناضل" أو غيره من أشكال التطرف اليساري يقفون الآن في الطابور للعودة إلى صفوف حزب العمال. وإن لم يحالفهم النجاح حتى الآن، فإن هذه شهادة على حسن تقدير السكرتير العام الحالي لحزب العمال ايان ماكنيكول، وكادره في مقر الحزب، كما يرى هاريس. 

لكن الزمن يتغير، وماكنيكول الآن في مرمى سهام أنصار كوربن، لأنه على ما يُفترض لم يكن ذات يوم عضوًا في الحزب الشيوعي، أو لأنه لم يدعم كوريا الشمالية أو لأنه تباهى بتصويته ضد المرشحين العماليين الرسميين.وكان هذا خيانة في نظرهم.

يختتم هاريس بالقول إن بلير ادرك حقيقة التروتسكية بوصفها فلسفة معادية للديمقراطية محكومًا عليها بالفشل، لكن كوربن ما زال، في أقل تقدير،"رفيق درب"، فعندما احتدم النقاش داخل الحزب اتخذ جانب المندسين.ويمكن أن يُغفر لبلير غزله الذي لم يدم طويلا مع التطرف. اما غزل كوربن فما زال مستمرًا بحرارة، كما يقول هاريس.

أعدت "ايلاف" هذا التقرير بتصرف عن "ديلي تلغراف". الأصل منشور على الرابط:
http://www.telegraph.co.uk/news/2017/08/10/tony-blair-can-forgiven-flirting-trots-jeremy-corbyn-still-useful/