«ايلاف» من برلين: يعتبر العلماء الكشف عن بروتين غالكتين في خلايا الجسم، وفي الخلايا السرطانية، انجازاً واعداً في الحرب على أكثر الأمراض السرطانية فتكاً بالإنسان. ويسري ذلك بالذات على نوع منه يحمل الاسم غالكتين-1، وهو نوع من البروتين يتواجد على سطوح الخلايا البشرية، كما ويتواجد بكميات كبيرة على سطوح الخلايا السرطانية.

وواقع الحال أن غالكتين-1 يتواجد في نواة الخلايا البشرية كذلك في داخلها وفي الجدران، ويتألف من 135 حامضا أمينيا. ومعروف عنه انه يحتوي على موقع للتعرف على جزيئات السكر والارتباط بها. وفضلاً عن مهمته في الاتصال بين الخلايا، فإنه يلعب دوراً أيضاً في تكاثر الخلايا، ويمكن ان تؤدي زيادته المفرطة في الخلايا إلى اختلال هذا التكاثر (النمو السرطاني).

ونجح العلماء الألمان من جامعة فورتسبورغ في تصنيع جزيئة سكر قالوا انها كبيرة ومعقدة، تلتصق بجزيئة غالكتين-1، وتؤهل الأطباء مستقبلاً لتشخيص السرطان بشكل مبكر. كما تعد الجزيئة مستقبلاً بعلاج جيد من السرطان يمكن أن يطيل حياة المصابين بشكل حاسم.

وذكر البروفيسور يورغن زايبل، رئيس قسم الكيمياء العضوية في جامعة فورتسبورغ، ان بروتين غالكتين-1 يخفي الخلايا السرطانية عن نظام المناعة الجسدي أيضاً، ويؤدي بذلك دور الساحر الشرير الذي يسمح للخلايا السرطانية بالانتشار. وهذا يعني ان كبح نشاط غالكتين-1 سيجعل الخلايا السرطانية منظورة بالنسبة للـ "الخلايا المناعية-ت" وهدفاً لها في جسم الإنسان، وهو ما يبشر بعلاج مناعي واعد لمعظم أنواع الخلايا السرطانية.

واهتم زايبل وزميله البروفيسور كليمنس غريم في بحوثهما على الغلاكتين على جزء خاص منه يعمل بمثابة محطة اتصال مع الكربوهيدرات. وكتب الباحثون في مجلة" كيم بيو كيم" العلمية انهم صمموا بعد ذلك جزيئة سكر كبيرة ومعقدة جذابة جداً لموقع الاتصال الكربوهيدراتي في بروتين غالكتين-1.

محطة تلوين الخلايا السرطانية

ويقول زايبل انهم صنعوا جزيئة السكر المذكورة مثل مركبة فضائية تلتحم في محطة فضائية موجودة على سطوح الخلايا السرطانية. وزودوا الجزيئة السكرية بمادة ملونة تلون الخلايا السرطانية فقط، وتضمن بالتالي تشخيص اصابتها بالمرض بشكل مبكر.

كما انهما زودوا "المحطة السكرية" بمادة تجعل تركيبة وصلات غالكتين الكيمياوية ظاهرة بالنسبة لأجهزة الفحص الشعاعي، وهذا سيعين في المستقبل في تجربة مختلف العقاقير على هذا البروتين، بحسب ما كتب الباحثان.

وقف انتقال السرطان

يمكن لجزيئة السكري، التي تلون الخلايا السرطانية، أن تكون ذات فائدة في اخبار الطبيب عن احتمالات انتقال السرطان من مكان إلى آخر. خصوصاً وان بعض العلماء يعتبرون قدرة الانتقال السرطانية أهم مواصفات السرطان الخطر.

وذكر زايبل ان فريق عمله ينوي التعاون مع جامعة ميونخ التقنية بهدف استخدام صبغة معينة تلوّن الخلايا السرطانية المتنقلة "المتحركة" فقط. وهذا يتيح للطبيب معرفة ما إذا كان الورم السرطاني، بعد الاستئصال الجراحي، أو بعد العلاج، قد انتقل إلى أعضاء حيوية أخرى أم لا.

والصبغة المذكورة تلون الخلايا السرطانية فقط ولا تلون الخلايا السليمة وهذا يعين الجراح أيضًا على تجنب استئصال الأنسجة السليمة. والصبغة تلون الخلايا السرطانية، ثم تظهر هذه الخلايا مشعة بلون معين بعد تسليط أشعة ليزر عليها. ويمكن للطبيب استخدام الطريقة قبل إجراء أي عملية جراحية، كي يضمن استئصال كل الخلايا التي قد تكون انتقلت إلى أعضاء اخرى في الجسم.

وتمت تجربة الصبغة حتى الآن على البشر ولم تتكشف عن مضاعفات أو اختلاطات خطيرة. وساهم العلماء الهولنديون من جامعة غورنغن إلى جانب علماء جامعة ميونخ التقنية في تطوير الصبغة، التي لم يكشف مبتكروها شيئاً عن تركيبتها.

وفي خطوة لاحقة يخطط فريق العمل من جامعة فروتسبورغ لابتكار طريقة مضمونة للتشخيص المبكر للأمراض السرطانية. كما سيسعى العالمان زايبل وغريم للاستفادة من "جاذبية" جزيئة السكر لبروتين غلاكتين-1 لتحويلها إلى نوع من"ناقل" للعقاقير إلى الخلايا السرطانية دون التأثير في الخلايا السليمة.