بعد عودة السفير الإيطالي للقاهرة، بدأت العلاقات بين مصر وإيطاليا في استعادة هدوئها بعد توتر دام لأكثر من عام، على خلفية مقتل الباحث الإيطالي جوليو ريجيني، فيما تستمر التحقيقات للتوصل إلى هوية المسؤولين عن مقتله. 

إيلاف من القاهرة: دخلت العلاقات المصرية الإيطالية في مرحلة جديدة، تتسم بالهدوء والتعاون، بعد توتر سياسي ودبلوماسي لمدة تصل لأكثر من سنة، في أعقاب مقتل الشاب الإيطالي جوليو ريجيني، واتهام السلطات الإيطالية نظيرتها المصرية بعدم التعاون معها في التحقيقات، بل واتهام الشرطة المصرية بالتورط في قتله.

ودشنت إيطاليا المرحلة الجديدة من العلاقات بعد إعلانها عودة السفير الإيطالي للقاهرة مرة أخرى، وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، المستشار أحمد أبو زيد، إن سامح شكري، وزير الخارجية، تلقي اتصالاً، الاثنين، من وزير خارجية إيطاليا أنجيلينو ألفانو، أخطره خلاله بقرار الحكومة الإيطالية التقدم لدى الحكومة المصرية بطلب الموافقة على تعيين سفير إيطاليا الجديد لدى مصر، جيامباولو كانتيني، وتطلعه إلى موافقة الحكومة المصرية على تعيين السفير الإيطالي الجديد في أقرب فرصة.

كما أعرب وزير خارجية إيطاليا عن أمله في أن تشهد المرحلة القادمة دفعة قوية للعلاقات المصرية الإيطالية في شتى المجالات، وبما يعكس خصوصية وتاريخية العلاقات بين البلدين.

وأضاف المتحدث باسم وزارة الخارجية في بيان له: "إن سامح شكري رحب من جانبه بقرار الحكومة الإيطالية التقدم بطلب الموافقة على ترشيح السفير الايطالي الجديد لدى مصر، مؤكدًا اعتزام مصر التقدم بطلب الموافقة على ترشيح السفير المصري الجديد لدى روما هشام بدر بشكل متزامن، حيث اتفق الوزيران على أهمية الإسراع بالإعلان عن الموافقة على تعيين السفيرين بشكل يضمن إعادة الزخم وقوة الدفع للعلاقات المصرية الإيطالية في أسرع وقت".

رصيد تاريخي

وذكر أن الوزير شكري أكد على ثقته في أن ما يجمع البلدين من رصيد تاريخي طويل من العلاقات الأخوية الخاصة، والتفاهم المشترك، والمصالح المتبادلة، كفيل بأن يوفر قوة دفع جديدة لمسار العلاقات المصرية الإيطالية. كما اتفق وزيرا خارجية البلدين على تكثيف التواصل في ما بينهما خلال المرحلة القادمة، وتنشيط الزيارات المتبادلة بين مسؤولي البلدين على كافة المستويات، بشكل يعكس الرغبة المتبادلة في استعادة قوة ومتانة العلاقات المصرية الإيطالية.

وكان الشاب الإيطالي جوليو ريجيني الذي كان عمره 28 عاماً، اختفى فجأة من شوارع القاهرة في يناير 2016 وعُثر على جثته على جانب طريق سريع قرب القاهرة في الثالث من فبراير من العام نفسه، وعليها آثار تعذيب شديد.

واستدعت إيطاليا سفيرها في أبريل 2016، احتجاجًا على ما سمته عدم تعاون السلطات المصرية في القضية، واستمرت الاتصالات بين الطرفين على مدى العام الماضي، ولكن لم يتم توجيه اتهام لأحد بقتل ريجيني.

وجاءت عودة السفير الإيطالي لمصر في أعقاب تعرض مواطن مصري للقتل على يد سائح إيطالي في قرية سياحية على ساحل البحر الأحمر منذ عدة أيام، وجرى اعتقاله، وإخضاعه للتحقيق تمهيدًا لتقديمه للمحاكمة الجنائية.

كما أجرت مصر العديد من اللقاءات مع المسؤولين الإيطاليين لتلطيف الأجواء، منها لقاءات قام بها النائب العام المصري مع نظيره الإيطالي، لإطلاع الجانب الإيطالي على سير التحقيقات في قضية مقتل ريجيني.

انفراجة في العلاقات

ورحبت الأوساط السياسية والبرلمانية في مصر بعودة السفير الإيطالي، معتبرة إياها انفراجة في العلاقات المصرية الإيطالية، وقال أمين سر لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان، النائب طارق الخولي، إن عودة السفير الإيطالي تؤشر على تحسن العلاقات بين روما والقاهرة، مشيرًا إلى أن القرار يمثل تأكيدًا إيطاليًا على الثقة في سير التحقيقات المصرية في قضية مقتل الباحث الإيطالي جوليو ريجيني.

وأضاف لـ"إيلاف" أن المرحلة الراهنة تتطلب تضافر جميع الجهود وتوطيد العلاقات الدولية، ولاسيما بين مصر وإيطاليا، من أجل ايجاد حلول سياسية للأزمة الليبية، ومكافحة الإرهاب، مشيرًا إلى أن هناك أصواتاً كثيرة في إيطاليا تنادي منذ فترة بعودة العلاقات الدبلوماسية مع مصر، باعتبارها من أكبر الشركاء السياسيين والتجاريين في الشرق الأوسط.

ولفت إلى أن التوتر الذي شهدته الفترة الماضية بين روما والقاهرة، لم يكن وليد الصدفة، مرجحًا أن تكون جهات خارجية تقف وراء مقتل ريجيني والتفجير الذي وقع في محيط القنصلية الإيطالية بالقاهرة.

وقال النائب في البرلمان، محمد فؤاد، إن "عودة السفير الإيطالي تنم عن وجود تفاهمات بين الجانبين، وتؤكد على عمق العلاقات بين القاهرة وروما، وتعد تصديقًا رسميًا من الجانب الإيطالي على التحقيقات المصرية في حادث مقتل ريجينى".

وأضاف في تصريح له، حصلت "إيلاف" على نسخة منه، "أن عودة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين سيكون لها تأثير واضح على الملف الليبي، وخاصة أن ايطاليا تقدمت على الدوام بمقترحات لتحقيق الاستقرار في الأراضي الليبية.

وأشار إلى أن إيطاليا شريك تجاري نرتبط معهم بعلاقات واتفاقيات اقتصادية تقارب النصف قرن، وقد حققت معدلات التبادل التجاري بين البلدين خلال الربع الأول من العام الجاري زيادة كبيرة بلغت 30%، بالإضافة إلى التقارب الفكري والثقافي الكبير بين الشعبين، لافتاً إلى أن الدولة المصرية ومؤسساتها لا تتنازل عن تحقيق العدالة والحفاظ على حقوق المواطنين سواء أكانوا مصريين أو أجانب.

واعتبر عضو مجلس النواب عن حزب المصريين الأحرار، الدكتور أيمن أبو العلا ، أن قرار عودة السفير الإيطالي مرة أخرى إلى القاهرة بعد ما يزيد عن عام على استدعائه بسبب مقتل الباحث الإيطالي جوليو ريجيني، "بمثابة انتصار كبير للدبلوماسية المصرية ويحمل في طياته انعكاسات ايجابية عن العلاقات المصرية الايطالية ووضوح صورة الدولة المصرية أمام العالم"، على حد تعبيره.

البحث عن الحقيقة

وأضاف أبو العلا في تصريحات له، أن "الدولة المصرية نجحت في الحرب التي خاضتها ضد العديد من المؤامرات التي كانت تحاك ضدها على جميع الأصعدة ونجحت في توضيح ملابسات الحادث إلى الرأي العام العالمي، وذلك بقدرات سياسية ودبلوماسية كبيرة، متوقعًا أن تشهد العلاقات المصرية الإيطالية نقلة كبيرة على المستويين السياسي والاقتصادي.

وكان وزير الخارجية الإيطالي أنجلينو ألفانو، أعلن الاثنين الماضي أنه سيعيد سفير بلاده إلى مصر بعد أكثر من عام على استدعائه، إثر حادث مقتل الباحث جوليو ريجيني. وأضاف ألفانو أن الحكومة ما زالت ملتزمة باستجلاء ملابسات مقتل الباحث الإيطالي في القاهرة، والذي عثر على جثته، وعليها آثار تعذيب في شوارع القاهرة في يناير 2016.

وقال ألفانو، إنه سيعيد سفير بلاده إلى القاهرة بعد أكثر من عام على استدعائه بسبب مقتل الباحث جوليو ريجيني. وأضاف ألفانو في بيان "الحكومة الإيطالية ما زالت ملتزمة باستجلاء ملابسات اختفاء جوليو المأساوي".

وأضاف: "إرسال مبعوث رسمي (سفير) سيساعد من خلال الاتصالات مع السلطات المصرية على تعزيز التعاون القضائي، وبالتالي البحث عن الحقيقة".