ردًا على حملة برلمانية وسياسية لتعديل الدستور، ومد الفترة الرئاسية إلى ست سنوات، أطلق نشطاء سياسيون في مصر حملة مضادة لرفض تعديل الدستور.

إيلاف من القاهرة: أطلق نشطاء سياسيون وشخصيات حزبية وعامة في مصر حملة، لرفض تعديل الدستور، وتمديد الفترة الرئاسية.

ودشن السياسيون الذين شارك بعضهم في صياغة الدستور الحالي، حملة توقيعات للمصريين على عريضة ترفض تعديل الدستور، وقال السياسيون في البيان التأسيسي للحملة: "إن تعديل الدستور يستلزم عدم التسرُّع قبل أن ينقضي وقتٌ كافٍ للحكم على ما إذا كانت بعض نصوصه لا تتفق مع أوضاع متغيرة في البلاد، وتعيق تقدمها أم لا، خاصة أنه لم يمضِ على موافقة الشعب على هذا الدستور أكثر من 3 سنوات ونصف العام، وهي فترة قصيرة ولا تصلح للحكم على ما إذا كانت بعض مبادئه الأساسية واجبة التعديل من عدمه".

وأضاف البيان التأسيسي لحملة رفض تعديل الدستور، إن السياسيين "كانوا يتوقعون من الحريصين على دعم الدولة المصرية ونظامها السياسي أن ينصبَّ اهتمامهم على وقف انتهاكات عديدة للدستور يتعلق بعضها بحريات المواطنين الأساسية في التنظيم والتعبير والسلامة الشخصية، والفصل بين السلطات، وتطبيق أحكام القضاء، واستكمال الاستحقاقات الدستورية التي لم يتم الوفاء بها بعد، على الرغم من أهميتها، وفى مقدمتها إنشاء مفوضية لمنع التمييز وإصدار قانون ديمقراطي للإدارة المحلية".

واعتبرت الحملة أن "مبررات المطالبين بتعديل الدستور واهية، ومنها أن المدة المحددة لرئيس الجمهورية ليست كافية لتنفيذ برنامجه الرئاسي، أو أنها لا تمنحه سلطة كافية في مواجهة مجلس الوزراء أو السلطة التشريعية ممثلة في مجلس النواب، وقالوا إنه إذا كانت بعض المشروعات التي يعلق الرئيس عليها أهمية كبيرة تواجه بعض التعثر، فإن ذلك لا يعود إلى نصوص الدستور؛ فالمناقشة الجادة من جانب مجلس النواب لأولوية هذه المشروعات كانت كفيلة بتصويب مسارها أو اقتراح سبل أكثر رشادة لتنفيذها".

وأضاف الموقعون على البيان: "الرئيس لم يواجه أي مشكلات عند تغيير رئيس الوزراء أو في تعديل الحكومة"، محذرين من أن "أخطر ما يترتب على اقتراح تعديل الدستور هو العصف بمبدأ الفصل بين السلطات، فلا يكون للسلطة التشريعية المنتخبة أي دور في الموافقة على اختيار أعضاء الحكومة أو إقالتهم، وينفرد مجلس النواب بالفصل في صحة انتخاب أعضائه، وهو ما سبَّب عواراً في تشكيله في فترات سابقة، بل في الظرف الحالي أمام أحكام واجبة تصدر من أعلى محكمة قضائية في مصر".

ومن بين قيادة الحملة، سياسيون شاركوا في صياغة الدستور، ومنهم الدكتور عبد الجليل مصطفى، منسق لجنة صياغة الدستور، والدكتور محمد أبو الغار، عضو الجمعية التأسيسية لوضع الدستور، والدكتور مصطفى كامل السيد، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، والدكتورة هدى الصدة، والدكتور إبراهيم عوض، أستاذ السياسات العامة بجامعة القاهرة، وجمال فهمي، عضو مجلس نقابة الصحافيين السابق، والدكتور محمد نور فرحات، أستاذ القانون بجامعة الزقازيق، والروائية أهداف سويف، وعبد المنعم أبوالفتوح، رئيس حزب مصر القوية، والدكتور أحمد البرعي، وزير القوى العاملة الأسبق.

وأشار بيان الحملة إلى أن "المطالبين بتعديل الدستور يطالبون بتطبيق تعديل مدة الرئيس على الفترة الحالية لرئيس الجمهورية، وهذه إطاحة صارخة بمبدأ عدم رجعية القانون، فحتى لو تم قبول هذا التعديل، فإنه بحكم المبادئ القانونية المستقرة لا ينطبق على رئيس الجمهورية الحالي".

ودعا السياسيون أعضاء مجلس النواب إلى عدم الالتفات عن هذه الدعوات، محذرين من أنها "تهدد استقرار الوطن".

وطالبوا نواب البرلمان بـ"تفعيل كل مواد الدستور التي وافق عليها الشعب، واستكمال الاستحقاقات الدستورية، وألا يدخلوا التاريخ كأول سلطة تشريعية تتنازل عن بعض اختصاصاتها لصالح السلطة التنفيذية".

انقسام حاد

وكان النائب بالبرلمان، إسماعيل نصر الدين، تقدم بمقترح لتعديل ست مواد بالدستور، منها مادة تمدد الفترة الرئاسية من أربع إلى ست سنوات.

وقال نصر الدين، لـ"إيلاف" إنه تقدم بالمقترح إلى مجلس النواب، مشيرًا إلى أنه من حق المجلس رفضه أو قبوله، معتبرًا أنه يهدف من وراء تعديل مدة الرئاسة إلى ست سنوات، توفير ملايين الجنيهات التي يتم انفاقها على الانتخابات الرئاسية.

ونفى أن يكون الرئيس عبد الفتاح السيسي هو المقصود بالتعديلات الدستورية، مشيرًا إلى أنها لن تنفذ على الفترة الرئاسية الراهنة، بل على الانتخابات الرئاسية المقبلة.

ولفت إلى أن المقترح الذي تقدم به يضم ست مواد دستورية، وليس المادة الخاصة بالفترة الرئاسية فقط، منها تعديلات لمنح الرئيس الحق في تغيير رئيس الحكومة والوزراء.

وأضاف أن الدستور الحالي وضع في ظروف سياسية غير مستقرة، مشيرًا إلى أنه يجب إعادة النظر في بعض مواده، بعد أن استقرت الأوضاع في مصر.

وأدى مقترح نصر الدين إلى انقسام حاد بالبرلمان، وبينما أيّده نواب رفضه آخرون، وقالت النائبة مارجريت عازر، إن تعديل الدستور من حق الشعب، وليس من حق البرلمان وحده، مشيرة إلى أن تعديل الدستور يجب أن يطرح في استفتاء عام.

وأضافت لـ"إيلاف" أن التوقيت غير سليم، محذرة من أن الإقدام على هذه الخطوة يمنح مروجي الشائعات الفرصة للوقيعة بين الشعب ومؤسسات الدولة، فضلاً عن أن الدستور يحتاج إلى التفعيل أولًا، وتطبيقه قبل التقدم بطلبات لتعديله.

بينما نفى رئيس مجلس النواب، الدكتور على عبد العال، أن تكون هناك نوايا لتعديل الدستور، وقال خلال جلسة لمناقشة "قانون إنشاء نقابة الإعلاميين"، إن "ما تردد في هذا الصدد كذب في كذب"، مضيفًا أن "هناك نصًا حاكمًا في الدستور لمدة رئيس الجمهورية يقول: "وفي جميع الأحوال لا يجوز تعديل النصوص المتعلقة بانتخاب رئيس الجمهورية ما لم يكن التعديل متعلقًا بمزيد من الضمانات".