واشنطن: يعود الرئيس الاميركي دونالد ترمب الاثنين الى واشنطن منهيا اجازة استمرت اسبوعين شهدت مشاكل اججت الحملات ضده حتى من قلب فريقه الجمهوري، ولا شيء يوحي بانها مرشحة للانتهاء قريبا.

وتتكثف الغيوم السوداء في اجواء ولاية الرئيس السبعيني الذي لم يمض على دخوله البيت الابيض اكثر من سبعة اشهر، في حين تسجّل شعبيته انخفاضا قياسيا مقارنة بأسلافه. ولم يجد ترمب حتى الآن لغة جامعة يخاطب بها الاميركيين، لا بل يغذي يوما بعد يوم اسلوب الفوضى والارتجال في صلب ادارة القوة الاولى عالميا.

وبين كل الأزمات التي تسبب بها ترمب بنفسه منذ وصوله الى الرئاسة منذ سبعة أشهر، تبقى الأزمة التي ولدت نتيجة تصريحاته حول أعمال العنف العنصرية في شارلوتسفيل الأكثر ايذاء. فقد أثار عاصفة جديدة من الاستنكار بتأكيده في مؤتمر صحافي صاخب عقده في برجه "ترمب تاور" بنيويورك، أن مسؤولية أحداث شارلوتسفيل تقع على الطرفين.

وسارع نائب الرئيس الديموقراطي السابق آل غور الى دعوة ترمب الى "الاستقالة"، في حين دعاه المرشح الجمهوري السابق الى البيت الابيض ميت رومني الى "الاعتذار".

وأصبح قسم كبير من عالم الأعمال يعبّر علنا عن استيائه من ترمب. وكذلك بدأت أصوات الانتقادات تعلو من قلب الحزب الجمهوري بعد أن كانت لمدة طويلة خافتة. وبات الكثيرون من الجمهوريين لا يتورعون عن الاعتقاد بان هذه الدرجة من التهور في رأس السلطة لا يمكن ان تتواصل لاربع سنوات.

ولخّص السيناتور الجمهوري بوب كوركر الشعور السائد لدى الجمهوريين عندما قال "لم ينجح الرئيس حتى الآن في الاثبات بانه يملك ما يكفي من الصلابة والكفاءة لتحقيق النجاح"، مع العلم ان هذا السناتور لا يصنف في خانة المناهضين لترمب منذ البداية.

والهدف الاول الذي سيسعى الرئيس ترمب الى تحقيقه بعد انهاء اجازته هو اقرار الاصلاح الضريبي الكبير الذي وعد به خلال حملته الانتخابية.

واذا كان كبار القادة الجمهوريين مقتنعين بهذا الاصلاح فان الهجمات التي تعرضوا لها من قبل ترمب يمكن ان تعقد النقاشات. وبات الكثيرون يخشون حصول مواجهات داخل الفريق الجمهوري نفسه ع اقتراب انتخابات منتصف الولاية.

ورأى الاختصاصي في العلوم السياسية في جامعة فيرجينيا لاري ساباتو أن زعيمي الجمهوريين في مجلس النواب الأميركي ومجلس الشيوخ بول ريان وميتش ماكونيل "يعرفان ما ينتظرهما مع ترمب، ولا يبدو ان هناك ما يشير الى انسجامهما معه".

وشرح لوكالة فرانس برس قائلا أنه حتى تشرين الثاني/نوفمبر 2018 على الأقل "ليس لديهما اي خيار آخر إلا العمل مع ترمب، الذي يعرف ذلك ويستسيغ ان يلعب معهما لعبة الهر والفأر".

اجتماع متوتر في في فينكس

ومن المفارقات أن رحيل "المستشار الاستراتيجي" للرئاسة الأميركية ستيف بانون من البيت الأبيض الجمعة كان من الممكن أن يسجل بداية سعي لاعادة "رص الصفوف". الا ان التوقيت كان كارثيا اذ جاء بعد ايام من تصريحات ترمب الغامضة حيال اليمين المتطرف.

ومن المؤكد أن رحيل بانون يوضح موازين القوى الجديدة داخل البيت الأبيض حيث بات الجنرال المتقاعد جون كيلي الرجل القوي في الادارة الاميركية. لكنه يطرح بحدة في الوقت نفسه السؤال الملحّ: ما هي عقيدة ترمب الحقيقية؟ ما هي خطوطه التوجيهية الفعلية؟.

ماذا سيبقى في النفوس من ستيف بانون الذي كتب الخطاب الهجومي الذي ألقاه ترمب خلال تأديته اليمين الدستورية والذي جاء فيه "اعتبارا من اليوم، ستكون أميركا أولا وأميركا فقط!".

ومن المتوقع أن يستغل الرئيس ال45 للولايات المتحدة فرصة انعقاد اجتماع في فينيكس في ولاية اريزونا الثلاثاء للكشف عن النهج الذي يريد سلوكه بعد انتهاء الاجازة الصيفية.

وأعرب رئيس بلدية فينيكس الديموقراطي غريغ ستانتون عن أسفه لانعقاد هذا الإجتماع السياسي بعد أيام قليلة على مأساة شارلوتسفيل محذرا من خطر "تأجيج المشاعر وتقسيم البلد أكثر".

ويخشى نواب محليون من استغلال الرئيس هذا التجمع امام أنصاره المتحمسين للاشادة بجو أربايو المدير السابق لشرطة مقاطعة ماريكوبا (التي تتضمن مدينة فينيكس) الذي أثار جدلا واسعا بسبب ممارساته العنفية، والذي صدر حكم بحقه مؤخرا بسبب تجاوزاته بحق المهاجرين غير الشرعيين.

ويجد ترمب نفسه مضطرا لايجاد التوازن المناسب بين رغبته بتعبئة قاعدته الشعبية التي أتت لاستقباله وهوالمجال الذي يبرع فيه، وبين توجيه رسالة جامعة بعد أسبوع هزّ الولايات المتحدة وربما شوّه عهده الرئاسي بشكل دائم.