إيلاف من عدن: يحشد انصار الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح لمسيرة مليونية في العاصمة صنعاء يوم الرابع والعشرين من شهر اغسطس الجاري، احتفالاً بالذكرى الـ35 لتأسيس المؤتمر الشعبي العام.

هذا الحشد الشعبي المرتقب لانصار صالح، أثار ازمة سياسية حادة بين انصار صالح وشريكهم في الانقلاب جماعة الحوثي، مما يهدد بانهيار التحالف بينهما.

وبحسب مراقبين، تشهد صنعاء العاصمة التي تقع تحت سيطرة الانقلابيين حالة من التوتر الامني في ظل تصعيد سياسي واعلامي كبير بين انصار صالح وجماعة الحوثي، ورفض الحوثيين للحشد المؤتمري وتهديدهم بمنعه.

خلافات عميقة 

مصادر خاصة في صنعاء أكدت وجود خلافات عميقة بين جماعة الحوثي والرئيس السابق علي صالح، وقد ظهرت جليًا في خطابات زعماء الطرفين، والتي حملت تهديدات متبادلة بينهما.

وقالت المصادر الخاصة لـ"إيلاف" إن خلافات صالح مع الحوثي نشبت حينما طالبت الحركة قبل أيام حزب المؤتمر الشعبي العام (جناح صالح) بتحديد أهداف واضحة ومعلنة لفعاليتها المزمع إقامتها في ميدان السبعين بصنعاء في 24 اغسطس الجاري.

وأضافت المصادر أن من ضمن ما تقدمت به جماعة الحوثي أن يعلن المؤتمر بشكل صريح وواضح أن الفعالية ضد من تسميهم الحركة بـ "المرتزقه والعدوان"، وهو ما رفضه حزب صالح معتبرًا أن فعاليته للاحتفال بالذكرى الـ 35 لتأسيس الحزب، مطالبًا جماعة الحوثي عدم التدخل في شؤون الحزب الداخلية .

وبحسب مصادر "ايلاف"، وصلت هذه الخلافات بين مجموعة من قيادات الطرفين حد التهديد بالتصفيات الجسدية، وزاد من حدة الخلافات عقب قيام حزب المؤتمر الشعبي العام برفع شعارات الفعالية في أكثر من منطقة بصنعاء، ما دفع بمناصري حركة الحوثيين إلى تمزيقها وإسقاط غالبيتها من أماكنها، بحجة أن هذه الشعارات لم توجه ضد ما تطلق عليه جماعة الحوثي بـ "العدوان"، بل قالت إنها موجهة ضد شركاء الداخل، ولم تحمل رسائل واضحة ضد العدوان، حد وصف المصادر .

ويذكر أن وزير خارجية حكومة صنعاء ابراهيم شرف، وهو قيادي بحزب صالح، تلقى تهديدات بالقتل بعد أن كشف أحد مقربيه أنه دفع بمجموعة من المواطنين للتظاهر في قلب العاصمة صنعاء ضد التدخلات الإيرانية باليمن.

غمد لا يتسع لسيفين 

قال الكاتب والمحلل السياسي عبد الرقيب الهدياني إن طرفي الانقلاب في صنعاء قد وصلا الى مرحلة الفراق الحتمي، فصنعاء باتت اليوم كغمد لا يتسع لسيفي صالح والحوثي.

واضاف الهدياني في حديث لـ"إيلاف" أن علي عبد الله صالح يعتقد انه اللاعب المحترف، وطالما استخدم ورقة الحوثيين في حروب صعدة الست، ثم انتقم عبرهم من ثورة 11فبراير عام 2011، وازاح خصومة، وبالتالي يجب ان يستخدم هذه الورقة التي طالما ربح بها كثيرًا لاعادة حزبه المؤتمر الشعبي العام اليوم ليتصدر المشهد، ويقدمه كحل للمستقبل.

يضيف الهدياني: "يرى صالح ان جماعة انصار الله التي استولت على صنعاء ومحافظات يمنية اخرى طوال سنتين، قد اُحرقت شعبيًا بسبب ممارساتها الكثيرة وغياب الخدمات وعدم صرف مرتبات الموظفين لبضعة اشهر وانتشار الكوليرا، وبالتالي فالفرصة سانحة - حسب صالح - لإزاحتها من المشهد، وبهذا يكون صالح في نظر الداخل والخارج هو مفتاح الحل للتسوية السياسية التي اقتنع العالم على ضرورة اتمامها".

يشير الهدياني الى "ان حشد صالح لجماهيره ليوم 24 أغسطس ذكرى تأسيس الحزب، قد اظهرت خطابات الحوثيبن مرتبكة وخائفة، وهذا مؤشر واضح أن صالح هو الاقوى".

تفكيك الجبهة الداخلية 

قال زعيم جماعة الحوثي عبد الملك الحوثي إن "العدوان" يسعى إلى تفكيك الجبهة الداخلية ضمن مسارات متعددة منها في إثارة النزاعات والمشاكل الداخلية، والعمل على إبراز قضايا ثانوية فئوية تطغى على المشهد الداخلي، وتبرز إلى الصدارة وتستحوذ على كل النشاط في الداخلي، فينشغل الجميع عن التصدي للعدوان، وكذا العمل على حشد ما استطاعوا حشده تحت عناوين ثانوية، في إشارة إلى حزب المؤتمر الذي يسعى إلى حشد للاحتفال في ذكرى تأسيسه في 24 من الشهر الجاري، في ميدان السبعين بصنعاء، يهدف إلى تجميد الجبهة الداخلية وتبقى الجبهات فارغة حتى يتمكن العدو من التقدم والسيطرة عليها.

وقال في خطاب متلفز ملمحًا للمؤتمر الشعبي: "نتلقى الطعنات في الظهر في الوقت الذي اتجهنا فيه بكل إخلاص لمواجهة العدوان، والبعض جاء يطرح معنا في الموقف (رأس اصبعه) وباقي أرجله في الخلف والبعض فتح رجليه، واحدة في الوطن وواحدة خارج الوطن، وحاسب الحساب أينما اتجهت الأمور اتجه معها، وهناك من خان وهناك من يساوم ونتلقى الطعنات في الظهر من شركائنا".

ورفض الحوثي مبادرة مجلس النواب ذات الاغلبية المؤيدة لصالح، التي اقترحت إشراف الأمم المتحدة على الموانئ والمطارات والمنافذ اليمنية بما فيها ميناء الحديدة، مؤكداً بأن ما ينفعنا في هذا البلد هو الصمود والثبات، أما مسألة المبادرات والمساومات والصفقات، لن توصلنا إلى نتيجة إلا إذا كان البعض يريد ان يستسلم فهذا خياره".

التنصل من الاتفاقيات 

في الاتجاه الآخر هاجم امين عام حزب المؤتمر الشعبي العام عارف الزوكاء جماعة الحوثي واتهمها بالتنصل من الاتفاقيات الموقعة بينهما.

واضاف الزوكاء في كلمة نارية له امام حشد من حزب المؤتمر: "وقعنا على وثيقة تحالف رسمية في ما يتعلق بموضوع الحكومة واتفقنا على الدستور والقانون هو الحكم وهو الفيصل بيننا في كل صغيرة وكبيرة، اتفقنا على انهاء دور اللجان الاشرافية والمشرفين (لجان حوثية) ولم تنه الى اليوم لا المشرفين ولا اللجان الثورية ، فما زالت هي التي تحكم في الميدان، ويقول لك المؤتمر الشعبي العام يعرقل، كيف يعرقل وأنت مسيطر على كل صغيرة وكبيرة ونحن صابرون".

وهاجم الزوكاء ممارسات الحوثيين في الاعلام والتربية والتعليم بالقول: "هناك تعديل لمناهج التعليم يجري على قدم وساق، لماذا يا انصار الله تعدلوا مناهج التعليم؟ هذه قضية وطنية هذه المشكلة الكبرى التي ستثير لنا فتنة، يتكلمون على الاعلام اعلام الدولة الرسمي الذي نحن شركاء في الدولة، يعني مثلا عبد الملك الحوثي خطب امس سيطلعون خطابه كاملا، ونحن معهم خطب علي عبد الله صالح لن يطلعوا على حرف واحد، طيب لماذا الشراكة، شراكة مع من، بل بالعكس الاعلام الرسمي تحول لجانب حزبي ونحن لسنا مع أي شيء يثير فتنة، نحن وحدة الجبهة الداخلية عندنا فوق كل شيء، وهذا الكلام نؤكده سنظل نحافظ على وحدة الجبهة الداخلية".