أعلن وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون الثلاثاء أن باكستان قد تفقد وضعها كحليف رئيس للولايات المتحدة، في حال لم تعمل على تغيير سياستها إزاء طالبان أفغانستان، في وقت عبّرت إسلام آباد الأربعاء عن "خيبة أملها" من الموقف الأميركي.&

إيلاف - متابعة: ردًا على سؤال صحافي حول ما اذا كانت واشنطن مستعدة لخفض مساعدتها، وفرض عقوبات، وحتى التوقف عن اعتبار باكستان "حليفا اساسيا غير عضو في الحلف الاطلسي"، قال تيلرسون "كل هذه الامور مطروحة على الطاولة في حال رفضوا تغيير تصرفاتهم او تعديل مقاربتهم ازاء العديد من المنظمات الارهابية التي تجد ملجأ لها في باكستان".

وتابع تيلرسون "لدينا بعض وسائل الضغط، اكان في اطار المساعدات او بالنسبة الى وضعهم كشريك غير عضو في الحلف الاطلسي، كل ذلك يمكن ان يعاد البحث فيه". وباكستان هي واحدة من 16 دولة تستفيد حاليا من هذا الوضع المميز الذي يتيح اقامة تعاون عسكري وثيق مع الولايات المتحدة.

ورفض تيلرسون الرد بشكل واضح حول ما اذا كان يمكن ان توجه الولايات المتحدة ضربات جوية في باكستان، واكتفى بالقول "ان الرئيس (دونالد ترمب) قال بشكل واضح جدا إننا سنواجه الارهابيين اينما كانوا".

وشدد تيلرسون على البعد "الاقليمي" للاستراتيجية الاميركية في افغانستان والتي تشمل باكستان والهند ايضا، وقال ان "الهدف منها الضغط على طالبان لكي يفهموا انهم لن ينتصروا على ارض المعركة". وختم تيلرسون بالقول "بامكان باكستان ان تلعب دورا مهما لدفع طالبان الى طاولة المفاوضات".

في المقابل عبّرت إسلام آباد الأربعاء عن "خيبة أملها" جرّاء تصريحات لترمب، اعتبر فيها أنّ باكستان شكّلت "ملاذاً للإرهابيين" الذين يزعزعون أمن افغانستان.&

وقالت وزارة الخارجية الباكستانية في بيان "ليس هناك بلد في العالم عانى من آفة الارهاب كما عانت باكستان، وغالبا عبر اعمال منظمة تتجاوز حدودنا. لذا فمن المخيب للآمال أن تتجاهل التصريحات الأميركية التضحيات الجسام للأمة الباكستانية".&

وكان ترمب قال الإثنين إنّ باكستان "ستخسر كثيراً إذا واصلت إيواء مجرمين وإرهابيين" يزعزعون أمن أفغانستان المجاورة، مشدداً على أن هذا الوضع يجب أن يتغيّر "فورا".&

لكنّ إسلام آباد رفضت هذه الاتهامات، وقالت الخارجية الباكستانية في بيانها الأربعاء إنّ "باكستان لا تسمح باستخدام أراضيها ضد بلد آخر. بدلاً من الاستناد إلى مزاعم خاطئة عن إيواء (إرهابيين)، يجب على الولايات المتحدة العمل مع باكستان بهدف استئصال الإرهاب".

ودعت الخارجية الباكستانية في بيان الى "السلام والاستقرار في افغانستان"، مؤكدة "رغبة باكستان المستمرة في العمل مع المجتمع الدولي على القضاء على آفة الارهاب". واستبق الجيش الباكستاني الاثنين خطاب ترمب باعلانه ان باكستان، الداعمة لحركة طالبان، لن تؤوي بعد الان "أي بنية تحتية لأي منظمة ارهابية".

وعلقت وزارة الدفاع الأميركية في الشهر الماضي مساعدات عسكرية بقيمة 50 مليون دولار لباكستان، معتبرة أن إسلام اباد لا تبذل جهودا كافية لمكافحة شبكة حقاني المتحالفة مع حركة طالبان الأفغانية.

لكن الصين التي تستثمر حوالى 50 مليار دولار في باكستان، دافعت عن حليفتها اسلام اباد، قائلة ان جارتها تستحق دعما من المجموعة الدولية بعد "التضحيات الكبرى" التي قدمتها في مكافحتها التطرف.

ترحيب افغاني
من جهتها رحبت الرئاسة الافغانية الثلاثاء بقرار ترمب العدول عن اي انسحاب لبلاده من افغانستان ممهدًا الطريق امام ارسال جنود اضافيين، في وقت توعدت حركة طالبان الأميركيّين بـ"مقبرة جديدة" ردا على هذا الاعلان.

وقال الرئيس الافغاني أشرف غني خلال زيارة للقوات الافغانية في قندهار، مهد حركة طالبان الافغانية، "انه يوم تاريخي بالنسبة الينا. اليوم اثبتت أميركا انها تقف معنا بدون اي مهلة زمنية". وتوجّه إلى حركة طالبان بالقول "لا يمكنهم الانتصار في هذه الحرب. أبواب السلام والمفاوضات مفتوحة أمامكم".

لكن حركة طالبان سارعت إلى الرد على اعلان ترمب، متوعدة الاميركيين بـ"مقبرة جديدة" في حال أصروا على البقاء في هذا البلد.

وقال المتحدث باسم المتمردين ذبيح الله مجاهد في بيان "اذا لم تسحب الولايات المتحدة جنودها من افغانستان، فإن افغانستان ستصبح قريبا مقبرة اخرى لهذه القوة العظمى في القرن الواحد والعشرين". وقال مجاهد "طالما هناك جندي اميركي واحد على ارضنا، وطالما انهم مستمرون في الحرب ضدنا، سنستمر في جهادنا".

تغيير في الموقف
وفي خطاب استمر حوالى عشرين دقيقة، لم يحدد ترمب الاثنين أي أرقام حول مستوى الانتشار العسكري في افغانستان وأي مهلة زمنية له، معتبرا أن الدخول في هذه التفاصيل يعطي "نتائج عكسية".

لكنه أكد قناعته الراسخة بأن انسحابًا متسرعًا من أفغانستان سيوجد فراغًا يستفيد منه "الارهابيون" من عناصر القاعدة وتنظيم داعش.

وفي بادرة نادرة، اقر ترمب صراحة بتبديل موقفه حيال هذا الملف الشائك، فقال في كلمة ألقاها من قاعدة فورت ماير إلى جنوب غرب واشنطن، وكانت موضع ترقب شديد، "حدسي الأساسي كان الانسحاب (...) لكن القرارات تكون مختلفة جدا حين نكون في المكتب البيضاوي".

أيّد ترمب مرارا قبل وصوله إلى البيت الأبيض انسحاب بلاده من افغانستان، وكتب على تويتر في يناير 2013 "لنغادر افغانستان" مضيفا "قواتنا تتعرّض للقتل بيد افغان تولينا تدريبهم، ونحن نهدر المليارات هناك. هذا عبث. يجب اعادة اعمار الولايات المتحدة".

وقال مسؤول أميركي كبير إن ترمب أعطى الضوء الأخضر للبنتاغون من أجل نشر تعزيزات يصل عديدها إلى 3900 جندي إضافي.

وبعد 16 عامًا على اعتداءات 11 سبتمبر التي حملت الولايات المتحدة على شن هجوم واسع النطاق في أفغانستان لطرد نظام طالبان، الذي كان حاكمًا في كابول، ويؤوي زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، تواجه الديموقراطية الهشة التي تدعمها واشنطن في هذا البلد تمردا تشنه حركة طالبان، ما يهدد استقرارها.

وإن كانت هذه التعزيزات الاميركية متواضعة بعدما وصل عديد القوات الأميركية المنتشرة في افغانستان إلى مئة الف جندي قبل سبع سنوات، إلا أنها تشير إلى تغيير في التوجه المسجل في السنوات الأخيرة.

وينتشر حاليا حوالى 8400 جندي أميركي في أفغانستان في إطار قوة دولية تعد بالإجمال 13500 عنصر وتقوم بصورة أساسية بتقديم المشورة الى قوات الدفاع الأفغانية.
&