اعتبر الرئيس الأميركي دونالد ترمب أن الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ-أون بدأ "يحترم" الولايات المتحدة، رغم كشف بيونغ يانغ الأربعاء عن خطط لتطوير برنامجها الصاروخي وإصدار زعيمها أمرًا بزيادة الإنتاج.

إيلاف - متابعة: تتباين التصريحات الأخيرة بشكل كبير مع الخطاب الذي ساد خلال الأسابيع الماضية، حيث توعد ترمب بيونغ يانغ بـ"النار والغضب"، وتأتي في وقت خفت فيه التوترات بعد تراجع كيم عن خطة لإطلاق وابل من الصواريخ نحو جزيرة غوام الأميركية المطلة على المحيط الهادئ. 

احتدمت الحرب الكلامية بين واشنطن وبيونغ يانغ، بعدما أجرت كوريا الشمالية تجربتين على صواريخ بالستية عابرة للقارات في يوليو تضع على ما يبدو قسمًا من القارة الأميركية في مرماها.

واعتبر ترمب الثلاثاء خلال تجمع لأنصاره في فينيكس في ولاية اريزونا، أن كيم بدأ "يحترم" الولايات المتحدة، وبعدما أشار وزير خارجيته ريكس تيلرسون إلى أن المحادثات مع كوريا الشمالية بشأن برامجها المحظورة لتطوير الأسلحة قد تكون ممكنة "في المستقبل القريب". 

وفرضت واشنطن كذلك عقوبات جديدة الثلاثاء على شركات وأفراد في الصين وروسيا يشتبه في أنها تتعامل تجاريًا مع كوريا الشمالية، والتي حذرت بكين - أهم حليف لبيونغ يانغ - بأنها "لا تساعد" على التوصل إلى حل.

وقالت المتحدثة باسم الخارجية الصينية هوا شونيينغ الأربعاء إن العقوبات "لا تساعد على التوصل إلى حل للمشكلة ولا في الثقة المتبادلة ولا تسهل التعاون مع الصين".

وأشارت من جانب آخر إلى أن "الوضع البالغ التوتر" بشأن كوريا الشمالية "يظهر مؤشرات تهدئة رغم أنه يبقى شديد التعقيد والحساسية".

في هذه الأثناء، كشفت بيونغ يانغ عن تقدم تكنولوجي كبير في برامجها الصاروخية وخطط طموحة لتطوير قدراتها خلال زيارة أجراها كيم إلى معهد المواد الكيميائية في أكاديمية علم الدفاع، حيث أمر بزيادة إنتاج محركات الصواريخ ورؤوس الصواريخ البالستية العابرة للقارات، بحسب ما أفادت وسائل إعلام محلية. 

محادثات في المستقبل القريب
وخلال تجمع فينيكس، أكد ترمب أن تصريحاته النارية ضد كوريا الشمالية بدأت تؤتي ثمارها. وصرح ترمب "قال البعض إنها كانت قوية جدًا. إنها ليست قوية بما يكفي". وأضاف "لكن بالنسبة إلى كيم جونغ أون، أحترم كونه بدأ على ما أعتقد يحترمنا. أحترم هذا كثيرًا".

وأضاف "ربما يسفر ذلك عن شيء إيجابي، على الأرجح لن يحصل، لكن ربما". وكان تيلرسون أشاد بمستوى "ضبط النفس" لدى كوريا الشمالية، بعدم إجرائها أية تجارب نووية أو صاروخية ردًا على فرض الحزمة السابعة من العقوبات الدولية عليها. 

وقال "أنا مسرور لرؤية نظام بيونغ يانغ، وقد أظهر مستوى معينًا من ضبط النفس لم نشاهد مثله في السابق"، مشيرًا إلى إمكانية عقد محادثات "في المستقبل القريب". وأفاد مسؤولون أميركيون لوكالة فرانس برس أن تيلرسون لم يكن يشكر بيونغ يانغ، ولا يقدم أي تنازلات بشأن عزم واشنطن على وقف برنامج كيم الصاروخي والتفاوض على نزع الأسلحة النووية في شبه الجزيرة الكورية. 

ورغم التقلب في خطاب الإدارة الأميركية، إلا أن واشنطن أكدت استعدادها بدء الحوار في حال اتخذت بيونغ يانغ خطوات لتهدئة التوتر. لكن واشنطن وكوريا الجنوبية بدأتا خلال هذا الأسبوع مناوراتهما العسكرية المشتركة التي لا تزال بيونغ يانغ تندد بها.

وفي مقال نشرته في وقت مبكر صباح الخميس بالتوقيت المحلي، اعتبرت وكالة الأنباء الرسمية الكورية الشمالية أن العدد الأقل من الجنود الأميركيين المشاركين في المناورات يهدف "إلى خفض السقف" إزاء بيونغ يانغ. وحضت الوكالة الولايات المتحدة وحلفاءها على "التحرك بحذر كبير إذا أرادوا تجنب لحظة الموت التاريخية".

مركب كربوني
وازدادت التوترات بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة وحلفائها في الشهر الماضي، بعدما اختبرت بيونغ يانغ صاروخين اتضح أن بإمكانهما بلوغ معظم الأراضي الأميركية. 

وتصر بيونغ يانغ على أنها تحتاج الأسلحة النووية لحماية نفسها من الولايات المتحدة، حيث ترى في التدريبات العسكرية المشتركة بين سيول وواشنطن التي انطلقت خلال هذا الأسبوع تمرينات على اجتياحها.

وتمكنت بيونغ يانغ خلال عهد كيم من تحقيق تقدم تكنولوجي سريع، وبثت صورًا الأربعاء لزيارة قام بها إلى أكاديمية علم الدفاع التي تطور الصواريخ الكورية الشمالية. 

وأشار محللون إلى أن الصور تكشف وجود تقدم كبير في التكنولوجيا والطموحات الكورية الشمالية. وظهر كيم الذي ارتدى بزة سوداء إلى جانب أنبوب بني كبير قال جوشوا بولاك من معهد "ميلدلبوري" الأميركي للدراسات الدولية عبر موقع "تويتر" إنه "أسطوانة من الألياف المفتولة، وعلى ما يبدو أنه غطاء ذو قطر كبير يجري تصنيعه لمحرك صاروخ". 

ويعد تصنيع الأغطية من الألياف المفتولة أصعب بكثير من تلك المعدنية، إلا أن وزنها أخف بكثير، وهو ما يزيد من مدى الصاروخ ومن قدرته على تحمل حمولة أكبر. وتضمنت صور أخرى مخططات صواريخ لما يبدو أنها عمليات إنتاج. 

وقال المحلل المستقل الخبير في مجال الصواريخ والعلم النووي جورج هربيرت، "لدينا رسوم بيانية وأسماء على ما يبدو أنهما صاروخان جديدان بقدرات نووية بمراحل متعددة يعملان بالوقود الصلب"، أحدهما صاروخ بالستي عابر للقارات، والثاني جهاز متوسط المدى.

وأفادت وكالة الأنباء الكورية الشمالية الرسمية أن رؤوس الصواريخ والمحركات مصنوعة من "مادة من مركب الكربون"، وأن كيم "أمر المعهد بإنتاج المزيد من محركات الصواريخ التي تعمل بالوقود الصلب ورؤوس الصواريخ". 

ورغم إشارة المحللين إلى أن الكثير من العناصر الظاهرة في الصور هي لغايات مستقبلية أكثر منها لتكنولوجيا قائمة بالفعل في الوقت الحالي، إلا أن جيفري لويس من مدونة "آرمز كونترول وونك" التي تعنى بالسيطرة على انتشار الأسلحة، أكد أن "جميعها سيئة". وأضاف: "إن كنت أفهم في الدعاية الكورية الشمالية، فهذه هي طريقتهم في إخبارنا بما سنراه في السماء خلال العام المقبل".