«إيلاف» ن بيروت:  الخوارزميات في كل مكان. تلعب في البورصة، تقرر ما إذا كان بإمكانك الحصول على رهن، وربما ستقوم يوماً ما بقيادة سيارتك بدلاً منك. وهي تجري بحثاً على شبكة الإنترنت إذا أمرتها بذلك، وتقوم بإدخال إعلانات مختارة بعناية في المواقع التي تزورها، وتقرر أي أسعار تظهرها لك في المحلات التجارية على الانترنت. وبحسب ما تخبرك به اوبر ووايمو، فهي قد تشكّل موضوعات حجج قانونية؛ وتسبب مخاوف تنظيمية أيضًا (في وقت سابق من هذا الشهر دعت مجموعة من المشاهير إلى حظر الروبوتات المقاتلة التي تشغّل خوارزميات مصمّمة لقتل الناس). أما بيج رانك (أي رتبة الصفحة) – وهي الخوارزمية التي تشغّل نتائج بحث غوغل – فقد جعلت مخترعيها فاحشي الثراء بالفعل. وبالنسبة إلى "فقاعات الترشيح" التي تعمل بالاستناد إلى الخوارزميات، فقد تؤثر حتى على طريقة تصويت بلد ما. ولكن ما هي الخوارزميات بالضبط ، وما الذي يجعلها قوية لهذه الدرجة؟

الخوارزمية... وسيلة بلا دماغ

الخوارزمية هي، في الأساس، وسيلة بلا دماغ للقيام بالأشياء الذكية. إنها مجموعة من الخطوات الدقيقة التي لا تحتاج إلى بذل جهد عقلي كبير لاتّباعها، ولكن، إذا تمّ تطبيقها بالضبط وبشكل ميكانيكي، ستؤدي إلى نتيجة منشودة. ومن الأمثلة المعروفة، معادلات القسمة الطويلة وعمود الإضافة - إذا كنت تتبع الإجراء، سيكون من المضمون الحصول على الجواب الصحيح. هذه هي الاستراتيجية، المكتشفة آلاف المرات كل عام من قبل تلاميذ المدارس الذين ملّوا من تعلم خوارزميات رياضية، ليلعبوا لعبة مثالية من إكس-أو X-O. إذاً، فانعدام العقل هو المفتاح: يجب أن تكون كل خطوة بسيطة وبعيدة عن الغموض قدر الإمكان. والجدير بالذكر أنّ وصفات الطبخ واتجاهات القيادة هي نوع من الخوارزميات. لكنّ تعليمات مثل "طهو اللحوم حتى تصبح طريّة" أو "ثمة بضعة أميال بعد على الطريق" غامضة جدا لاتّباعها بدون بعض التفسير على الأقل.

ترتبط بأجهزة الكمبيوتر والرموز

ترتبط الخوارزميات بشكل وثيق بأجهزة الكمبيوتر والرموز. ولكن ليس عليها بالضرورة أن تكون كذلك. ألان تورنغ، عالم رياضيات بريطاني حقّق الكثير من الأعمال الرائدة في كيفية التعامل مع الخوارزميات بدقّة رياضية، وكتب على ورقةٍ خوارزمية معقدة للعبة الشطرنج. واختبرها في مباراة ضد صديق، متفقّداً قائمة التعليمات مع كل خطوة ومنفّذاً ما تمليه عليه تعليماته. ولكن، كما اعترف خصوم تورنغ، عموما يجد الناس مثل هذا العمل المتكرر والذي لا يستدعي التفكير مملاً ومحبطاً (فقد قيل إنّه استخدم الكثير من الأوراق وعلم الحساب لدرجة أنّ كل خطوة استغرقت حوالى نصف ساعة). بينما تتفوق الحواسيب في سرعة استخدام المهام المملة المتكررة مثل "أضف هذين الرقمين"، "قرّر ما إذا كان هذا العدد أكبر من ذاك" و "احفظ الإجابة هناك". في الواقع، إنّه الأمر الوحيد الذي يمكنها فعله.

بناء تصورات خوارزميات

ولهذا السبب، سمحت الحواسيب للبشر ببناء تصورات خوارزميات باروكية وتنفيذها أكثر من أي وقت مضى. وكما في حالة أحجار الليغو، اتّضح أنّ تكديس تعليمات بسيطة بما فيه الكفاية يسمح لك ببناء أشياء أكثر تعقيدًا وإثارة للاهتمام بكثير مما كان متوقّعاً في البداية. كل برنامج كمبيوتر، من كروم إلى لعبة كول أوف ديوتي (نداء الواجب)، إلى نموذج المناخ، هو، في جذوره، لا شيء أكثر من كومة كبيرة من الخوارزميات التي يتم تنفيذها بسرعة فائقة. وتجدر الإشارة إلى أنّ بعض الخوارزميات الأكثر تطوّراً ليست مكتوبة من قبل البشر على الإطلاق، بل من قبل خوارزميات أخرى. التعلم الآلي هو تقنية منتشرة من الذكاء الاصطناعي يتمّ استخدامها لتعليم أجهزة الكمبيوتر القيام بالأشياء التي يمكن للناس فعلها، مثل فك رموز الكلام أو التعرف على الوجوه، ولكن لا يمكن للناس تفسيرها بطريقة خوارزمية ميكانيكية بما فيه الكفاية. لذا فإن خوارزمية التعلم الآلي تقوم بالترجمة بدلاً منهم. وهي تستوعب الكثير من الأمثلة مثل اللغة المنطوقة، أو التصريحات، أو صور الوجوه - التي عرّفها البشر. ثم تنتج خوارزمية أخرى تتعرّف إليها بشكل موثوق. وبعبارة أخرى، لا يشكل غياب الدماغ عقبة أمام الذكاء.

أعدّت "إيلاف" هذا التقرير نقلاً عن "إيكونومست". المادة الأصلية منشورة على الرابط التالي:

https://www.economist.com/blogs/economist-explains/2017/08/economist-explains-24