كوكس بازار: بعدما كان معتادا على عبور حدود بنغلادش لبيع سجائر، اصبح لمحمد عمر مهمة اخرى مختلفة تماما هي تأمين الامدادات لحركة التمرد الفتية للروهينغا التي تقاتل الجيش البورمي.

يقول محمد (20 عاما) لوكالة فرانس برس انه يجري تدريب وتسليح المجندين الجدد في حركة التمرد التي نجمت من استياء الاقلية المسلمة المضطهدة، في تلال ولاية راخين في غرب بورما قبالة بنغلادش.

وتشهد ولاية راخين التي تسمى اراكان ايضا، تاريخيا نزاعات بين الروهينغا المهمشين والغالبية البوذية. وفي السنوات الاخيرة تصاعد العنف وادى الى ازمة انسانية خطيرة.

وقد أعلن قائد الجيش البورمي الجمعة مقتل حوالى 400 شخص، غالبيتهم من أقلية الروهينغا، في اعمال العنف هذه التي أجبرت عشرات الالاف على الهرب عبر الحدود إلى بنغلادش. وتجمع حوالى 20 الفا آخرين على الحدود مع بنغلادش التي تمنع عبورهم بعد أن فروا من قراهم المحروقة وعمليات الجيش البورمي، بحسب الامم المتحدة.

واكد محمد عمر الذي اختار هذا الاسم الحركي، ولا يمكن لفرانس برس التحقق من روايته انه جندي في "جيش انقاذ روهينغا اراكان" الجديد. واكد انه شارك في هجوم مع 170 من المتمردين الروهينغا على مراكز للشرطة للاستيلاء على اسلحة فيها.

وقال "لم نكن نملك اسلحة نارية، لذلك هاجمناهم بهتاف +الله اكبر+ ونحن نلوح بالعصي والسواطير التي كنا نحملها". واضاف "كنا نفوقهم عددا... كنا (بمعدل) 17 مقابل 1". وتابع ان "معظم الجنود خافوا وفروا لانقاذ حياتهم فقمنا بمصادرة اسلحتهم وذخائرهم".

تكشف هذه الرواية لعبة القط والفأر التي تدور بين المتمردين وقوات الامن البورمية في ولاية راخين التي منع المراقبون من دخولها. وحتى فترة قصيرة، لم يكن هناك تمرد مسلح في مجتمع الروهينغا. لكن "جيش انقاذ روهينغا اراكان" (ارسا) المعروف محليا باسم "حركة اليقين" المجموعة التي كانت مجهولة حتى الآن، شن هجمات منسقة على مراكز للشرطة واغرق المنطقة بدوامة جديدة من العنف.

وقال الخبراء ان ظهور تمرد منظم يعطي النزاع في راخين بعدا جديدا. وصرح محمد عمر انه انضم الى "جيش انقاذ روهينغا اراكان" بعد اول عمل مسلح له وتلبية لدعوات اطلقت الى الروهينغا لينتفضوا دفاعا عن قراهم.

وقد توقف عن بيع بضائع في بنغلادش، لكنه يواصل استخدام اذن الدخول الى هذا البلد للحصول على مخزونات من الاغذية المجففة وسلع اخرى بهدف نقلها الى المتمردين.

ويفيد تقرير لمجموعة الازمات الدولية ان حركة التمرد يموّلها عدد من افراد الروهينغا المقيمين في السعودية، ويقودها على الارض رجال يمتلكون تجربة في هذا النوع من القتال.

لكن بمعزل عن التدريبات الاساسية على بضعة رشاشات واسلحة نارية اخرى، يقول محمد عمر ان القادمين الجدد مضطرون للتعامل مع ترسانة اقرب الى البدائية. واوضح قائلًا "لدينا سواطير وسكاكين وعصي وبعض الالغام". ويؤمّن لهم بعض القرويين المتعاطفين معهم القليل من الغذاء.

رجال غائبون
تصف بورما التي يشكل البوذيون تسعين بالمئة من سكانها، المتمردين بـ"الارهابيين البنغاليين" وتتهمهم بارتكاب فظائع ضد المدنيين من الروهينغا وغيرهم. لكن "جيش انقاذ روهينغا اراكان" يؤكد انه يدافع عن الروهينغا في مواجهة ممارسات العسكريين والبوذيين الذين يحاولون التخلص من الروهينغا في هذه المنطقة، على حد قوله.

وقالت الامم المتحدة ان حملة القمع التي يشنها الجيش البورمي في ولاية راخين يمكن ان ترقى الى مصاف التطهير الاثني.والروهينغا الذين يقدر عددهم بمليون شخص، وتعتبرهم بورما اجانب، محرومون من الجنسية، مع ان بعضهم يعيشون في هذا البلد منذ اجيال. وهم لا يستطيعون دخول سوق العمل والمدارس والمستشفيات، بينما اجج صعود التيار القومي البوذي في السنوات الاخيرة العداء لهم.

ويبدو ان عددا متزايدا من الشبان يلبون دعوات "جيش انقاذ روهينغا اراكان"، لكن اعماله تثير جدلا داخل هذا المجتمع. وقال احد الوجهاء في مخيم للاجئين لفرانس برس طالبا عدم كشف هويته ان "هؤلاء المزارعين الذين يتحولون مقاتلين بترسانة ضئيلة لن يحققوا شيئا سوى المزيد من المعاناة للمسلمين الروهينغا".

واصبحت عائلات النازحين الى بنغلادش تتألف اكثر فاكثر من نساء واطفال فقط. وبحسب روايتهم يبقى الرجال في المنطقة للقتال.
ويؤكد محمد عمر من جهته انه خلال يومين فقط غادر 64 من الشبان الروهينغا مخيمات اللاجئين البائسة في بنغلادش للالتحاق بوحدته. وقال "انهم يتدربون الآن في قواعدنا". اضاف ان "عددا كبيرا من الرجال يصلون و+اليقين+ (جيش انقاذ روهينغا اراكان) يكبر يوما بعد يوم"، مؤكدا ان "استقلالنا ليس بعيدا".