موسكو: تطالب واشنطن وحلفاؤها بفرض عقوبات على كوريا الشمالية بعد تجربتها النووية الاخيرة الا ان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يظهر كأحد أبرز الأصوات المعترضة على معاقبة بيونغ يانغ.

وفي حين تحرص واشنطن وسيول وطوكيو وبروكسل على زيادة الضغوط على كيم جونغ اون عبر قطع إمدادات النفط وتجميد أصوله ولم يستبعد الرئيس دونالد ترمب العمل العسكري، يؤكد بوتين الذي ترتبط بلاده بعلاقات دافئة نسبيا مع بيونغ يانغ منذ حقبة الاتحاد السوفياتي ان المزيد من العقوبات والتهديدات "لن تكون مجدية" ضد نظام يشعر بأنه مستهدف.

وقال بوتين في اجتماع دول البريكس في مدينة شيامين الصينية هذا الاسبوع "ان الكوريين الشماليين سيأكلون العشب ولكنهم لن يتخلوا عن هذا البرنامج النووي اذا لم يشعروا بالأمان".

ويرى محللون ان بوتين بمواجهته الغرب حول كوريا الشمالية يسعى الى حماية المصالح الاستراتيجية الطويلة الأمد لموسكو وتحقيق أقصى قدر من المكاسب السياسية على المدى القصير في ظل استمرار الركود في العلاقات مع الولايات المتحدة.

وقال اندريه لانكوف الاستاذ في جامعة "كوكمين" في سيول والمدير في شركة "كورياريسك دوت كوم" للاستشارات لوكالة فرانس برس ان لدى موسكو "اسبابا أنانية جيوسياسية تماما".

ومن أجل الاستقرار والنفوذ الإقليميين، سيسعى الكرملين الى حماية النظام الستاليني لان روسيا تعتبر ان الوضع الراهن يبقى أهون الشرور.

عواقب كارثية

وتخشى موسكو من ان تسفر المواجهة مع بيونغ يانغ عن تغيير النظام ما قد يؤدي الى فوضى وقيام حليف ديمقراطي محتمل جديد للولايات المتحدة على حدودها.

واضاف لانكوف ان الكرملين الذي يعرب مرارا عن قلقه حيال تعدي حلف شمال الاطلسي على مجاله الحيوي، لا يريد أن تقوم دولة جديدة "ديمقراطية مؤيدة للولايات المتحدة" على حدوده الشرقية.

وتابع لانكوف الذي أمضى فترة في الدولة المعزولة ومؤلف كتاب "كوريا الشمالية الحقيقية: الحياة والسياسة في اليوتوبيا الستالينية الفاشلة" ان هذه "الفرضية لا تناسب الصين او روسيا".

وقال الكسندر زبين الباحث الاخر في الشؤون الكورية ان احتمالات توجيه ضربة نووية أميركية والفوضى اللاحقة وعمليات النزوح الجماعي تثير الخوف أكثر من قيام دولة ديمقراطية على حدود روسيا.

وتابع زيبن مدير مركز الدراسات الكورية في الأكاديمية الروسية للعلوم ان "نزاعا عسكريا في شبه الجزيرة ستترتب عليه عواقب كارثية بالنسبة إلى الكوريين والمنطقة بأسرها"، مشيرا إلى أن كوريا الجنوبية لديها 25 مفاعلا نوويا وستكون عرضة للعواقب بشكل خاص.

وتساءل الباحث "اين سيذهب 70 مليون شخص للعيش"؟ في إشارة إلى عدد سكان الكوريتين كما ان "الاشعاعات ستؤثر بشكل سيئ على روسيا والصين" ايضا.

وفي حين يستبعد كثيرون هذا السيناريو الكارثي، يقول الخبراء ان بوتين يسعى الى استغلال الاضطرابات العالمية لجني الفوائد على الساحة الدولية.

ورقة رابحة

يقدم بوتين نفسه كمفاوض قادر على التعامل مع الانظمة المنبوذة، وسيقوم مرة اخرى بتلميع صورته في مجال السياسة الخارجية قبل انتخابات الرئاسة عام 2018 التي من المتوقع ان يفوز بها. 

ووضع زعيم الكرملين المخضرم موسكو كعازل بين ترمب وكيم، ويحرص على أن ينظر إليه على أنه صوت العقل وسط كل الخطابات المشحونة بالانفعالات.

خلال الأيام الماضية، بحث بوتين قضية كوريا مع القادة الأجانب ساعيا إلى نقل معرفته عن نظام الشمال إلى نظرائه.

وقال ان كيم لن ينسى مصير معمر القذافي الذي تخلى عن برنامج بلاده النووي لكنه انتهى مقتولا في انتفاضة عام 2011.

وترفض روسيا العضو الدائم في مجلس الامن الدولي الافصاح عما اذا كانت ستدعم مشروع قرار لفرض عقوبات جديدة على كوريا الشمالية.

واعلن دبلوماسيون ان واشنطن تريد طرحه للتصويت الاثنين المقبل في مجلس الامن الدولي.

وعلى النقيض من ذلك، دعت موسكو وبكين، الحليف الرئيس الوحيد لكوريا الشمالية، الى تعليق متزامن لتجارب كوريا الشمالية النووية والصاروخية والمناورات العسكرية بين واشنطن وسيول.

من جهته، قال اندريه باكليتسكي، الباحث في مركز للدراسات في موسكو، "طبقا لما اختبرناه، فإن الصين لا تقرر أي شيء، إما أنها لا تستطيع او لا ترغب او الامرين معا. وبامكان الدول الأخرى ان تعتمد على ان تصبح روسيا قناة اتصال".

واضاف "هذا يمكن ان تستخدمه روسيا كورقة رابحة".

بدوره، اعتبر فيودور لوكيانوف رئيس مجلس الشؤون الخارجية والدفاعية الذي لديه صلات بالكرملين ان كل من سيجد حلا للازمة الكورية ويرغم بيونغ يانغ على التراجع سيصبح "الاكثر نفوذا في آسيا".