دعا الوزير الأول أحمد أويحي أحزاب الموالاة إلى التجند ميدانيًا للرد على دعاة تطبيق المادة 102 من الدستور التي تتطرق إلى الوضع الصحي للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وشدد على العمل على دعم برنامج هذا الأخير، الذي لا تتوانى المعارضة ونشطاء على انتقاده في كل فرصة سانحة.

إيلاف من الجزائر: جاء اجتماع الوزير الأول بعد أسبوع من قيام نشطاء باعتصام في العاصمة الجزائر يطالبون بتطبيق المادة 102، وكان من بينهم أميرة بوراوي، العضو الناشط في حركة "بركات (كفى)"، التي تأسست قبيل الانتخابات الرئاسة في 2014، والتي رفضت وقتها ترشح بوتفليقة لعهدة رابعة، بسبب الوضع الصحي الذي طرأ عليه بعد النوبة الأفقارية التي تعرّض لها في ربيع 2013.

سابقة
لم يلتق الوزير الأول في اجتماع موسع سابق كالذي جرى أمس الثلاثاء من قبل، فقد استقبل أويحيى كلًا من جمال ولد عباس الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني، الذي يرأسه الرئيس بوتفليقة، وبحضور ممثلين عن حزبه التجمع الوطني الديمقراطي، إضافة إلى رئيسي حزبي تجمع أمل الجزائر (تاج) والحركة الشعبية الجزائرية، وكذا رؤساء الكتل البرلمانية لهذه الأحزاب الأربعة. 

غير أن أويحيى اعتبر اللقاء عاديًا. وقال في تصريح للصحافة إنه "من الطبيعي أن تقوم الحكومة بحشد قاعدتها السياسية للالتفاف حول برنامج رئيس الجمهورية". 

خصص الاجتماع لدراسة ومناقشة المحاور الكبرى لمخطط عمل الحكومة لتنفيذ برنامج رئيس الجمهورية الذي سيعرض للنقاش والمصادقة من طرف البرلمان الأحد المقبل، كما درس الاجتماع مشروع القانون المتعلق بالقرض والنقد، الذي يلقى انتقادًا هو الآخر من طرف خبراء الاقتصاد وقوى المعارضة، بالنظر إلى المخاطر المترتبة عنه بشان انخفاض القدرة الشرائية والتضخم وتهاوي قيمة الدينار الجزائري أمام العملات الأجنبية.

ضرورة التوعية
ونقلت قناة "الشروق نيوز" الخاصة عن مصادر شاركت في الاجتماع قولها إن الوزير الأول وجّه تعليمات إلى أحزاب الموالاة للتجند ميدانيًا ضد دعاة تطبيق المادة 102 من الدستور.

وقال أويحي خلال الاجتماع إن "دعاة المادة 102 لا يزعجون الحكومة، لكن يجب توعية المواطنين بمخاطر الأزمة الاقتصادية والأمنية خاصة على الحدود".

وأوضح رئيس الكتلة البرلمانية لتجمع أمل الجزائر مصطفى نواوسة، الذي حضر الاجتماع لـ"إيلاف" أن أويحي ركز على التنسيق بين أحزاب المولاة في الميدان لتنفيذ برنامج الرئيس بوتفليقة للخروج من الأزمة الحالية، وتجاوز الخلافات الموجودة بين هذه الأحزاب.

وأكد نواوسة أن موضوع المادة 102 كان من بين الملفات التي تطرق إليها الوزير الأول، الذي دعا إلى عدم السماح لهذه الفئة بتغليط المواطنين من خلال استغلال الظرف المالي الحالي.

وأشار نواوسة في حديثه مع "إيلاف" إلى أن أويحيى شدد على ضرورة شرح برنامج عمل الحكومة، الذي من شأنه إحباط المغالطات التي تسوقها جماعة تطبيق المادة 102 من الدستور، التي اعتقدت أن الأزمة المالية ستركّع البلاد، وترجعها إلى السنوات الماضية.

فحوى المادة 102
وتنص المادة 102 أنه "إذا استحال على رئيس الجمهوريّة أن يمارس مهامه بسبب مرض خطير ومزمن، يجتمع المجلس الدّستوريّ وجوبًا، وبعد أن يتثبّت من حقيقة هذا المانع بكلّ الوسائل الملائمة، يقترح بالإجماع على البرلمان التّصريح بثبوت المانع.‬ يُعلِن البرلمان، المنعقد بغرفتيه المجتمعتين معًا، ثبوت المانع لرئيس الجمهوريّة بغالبيّة ثلثي (2/3) ‬أعضائه، ويكلّف بتولّي رئاسة الدّولة بالنّيابة مدّة أقصاها 45 يومًا رئيس مجلس الأمّة الّذي يمارس صلاحيّاته مع مراعاة أحكام المادّة ‬104 ‬من الدّستور".‬

تقول المادة نفسها إنه "وفي حال استمرار المانع بعد انقضاء خمسة وأربعين يومًا، يُعلَن الشّغور بالاستقالة وجوبًا حسب الإجراء المنصوص عليه في الفقرتين السّابقتين وطبقًا لأحكام الفقرات الآتية من هذه المادّة".‬

ذعر مشروع
غير أن رئيس حزب طلائع الحريات يرى أن تطمينات الحكومة غير مبنية على حقائق واقعي. وقال في ندوة صحافية "إن الجزائريين لقلقون ولمهمومون و لمذعورون بما يحمله لهم المستقبل".

أضاف بن فليس، الذي كان رئيسًا للحكومة في عهدة بوتفليقة الرئاسية الأولى، وترشح ضده في انتخابات الرئاسة عام 2004 و2014 أنه "لقلق مشروع، لأن الوضع الحالي يثير الحيرة لأكثر من سبب. فلعبة الكراسي الموسيقية، التي نتابعها مشدوهين وقلقين، لا يمكن أن تغطي حقيقة سلطة في حالة تميع، ولا تجد مخرجًا سوى التمظهر والعشوائية".

وبحسب بن فليس، فإن "شغور السلطة، وأزمة النظام السياسي، والأزمة السياسية والمؤسساتية هو واقع قائم وملموس ومؤكد، ولا يمكن تسيير شؤون الدولة بأساليب كتلك، ولا أن يشكل هذا نمط حكامة جادة؛ ولا أن يشرعن قرارات وسياسات لا تبرير لها سوى المصالح الناتجة من المحاباة والزبائنية، ولا أهداف له سوى المحافظة على الوضع الراهن وتمديد الأمر الواقع والإبقاء على الجمود وانعدام الحركة".

استغلال الفرصة
لكن الوزير الأول أحمد أويحيى لا يشاطر انتقادات بن فليس، ويؤكد أن "رسالة الأمل والطمأنينة السياسية" التي تبعث بها الحكومة إلى الشعب الجزائري، في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد، مبنية على "أسس واقعية". 

وقال أويحيى إن الجزائر "تعيش منذ أكثر من عشرين سنة حياة سياسية تعددية، ولديها مؤسسات منتخبة تتشكل من كل الأطراف، وهي من الدول القليلة في العالم التي يحتوي برلمانها على 35 حزبًا".

واعتبر أويحيى أن "تضارب الآراء" الذي تعرفه الساحة السياسية في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد ومحاولة البعض "شحن الجو السياسي" يتزامن مع قرب موعد الانتخابات المحلية بعد شهرين.

وصنف أويحي هذه الأصوات في خانة "استغلال الفرصة للقيام بحملة انتخابية مسبقة" للاستحقاقات المحلية المقرر تنظيمها في 23 نوفمبر المقبل.

إفراج 
إلى ذلك، أفرجت السلطات عن زعيم الطائفة الأحمدية في الجزائر محمد فالي، بعدما قضت محكمة عين تادلس بمستغانم ضده بالحبس 6 أشهر حبسًا غير نافذة.

وكانت منظمة العفو الدولية قد طالبت في تصريح مكتوب لدى "إيلاف" السلطات الجزائرية بإطلاق سراح فالي، الذي كان موقوفًا في الحبس الاحتياطي منذ توقيفه في 28 أغسطس بعين الصفراء في ولاية البيض في جنوب غرب العاصمة الجزائر.

وتنتقد المنظمات غير الحكومية طريقة تعامل الجزائر مع الطائفة الأحمدية، وتعتبرها تعديًا على حرية المعتقد التي يضمنها الدستور. غير أن وزير الشؤون الدينية والأوقاف محمد عيسى أكد أن "لا علاقة لقضيتي الطائفتين الأحمدية والكركرية بالدين لكونها قضية أمنية بالأساس".