استغل محمد زيان، المنسق العام للحزب المغربي الليبرالي، نسبة المشاركة الضعيفة التي سجلتها الانتخابات الجزئية التي شهدتها الدائرة الانتخابية لمدينة تطوان الخميس، لشن هجوم حاد على حكومة سعد الدين العثماني ووزارة الداخلية، حيث اعتبر النسبة المسجلة "كارثة سياسية تكرّس العزوف السياسي".

إيلاف من الرباط: قال زيان في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الرابع للحزب المغربي الليبرالي الذي انطلقت أشغاله اليوم السبت بالرباط، والمنظم تحت شعار: "الحزب دعامة سياسية لمطالب الحراك الشعبي"، إن المغاربة "لا يؤمنون بالمنهجية السياسية التي تنظمها الحكومة الحالية أو وزارة الداخية"، معلنًا أن حزبه لن يشارك في الانتخابات المقبلة إلا إذا توافر شرطان ضروريان.

وأوضح أن مشاركة حزبه ستكون في حال نظمت الانتخابات "من دون دعم مالي للأحزاب السياسية ومناخ ديمقراطي وحوار شفاف لمقارعة الأفكار والبرامج على المستوى العلني وبثه في التلفزيون العمومي".

ودعا المنسق العام للحزب المغربي الليبرالي الأحزاب السياسية إلى مقاطعة الانتخابات المقبلة، وقال: "أتمنى أن تفكر الأحزاب السياسية في عدم المشاركة في الانتخابات، لأن هذه المنهجية وهذا الطريق لا يمكن أن يؤدي إلى الخير"، معتبرًا أن المنهجية التي اقترحتها وزارة الداخلية في الانتخابات "ليست عفوية، بالعكس هذا ممنهج، والغاية أن تبقى الأمور على حالها لكي لا يصل النزهاء إلى مراكز القرار".

وزاد زيان منتقدًا النظام الانتخابي بالمغرب، واعتبره "يسمح بوصول من يساندون من دون تردد المصالح التي خلقت في المغرب منذ عهد الاستعمار وبداية الاستقلال". وقال "كفى أنكم تلعبون بالديمقراطية، والحكومة يترأسها محكوم، وتتحكمون فيها كما تشاؤون وتسمح لكم بالاستمرار في احتكار الثروة"، وذلك في انتقاد واضح للعثماني وحكومته، مؤكدًا أن المنهجية المعتمدة أثبتت أنه "من باب المستحيل الوصول إلى الديمقراطية".

عبد الإله ابن كيران أمين عام حزب العدالة والتنمية لدى حضوره مؤتمر الحزب المغربي الليبرالي 

وسجل وزير حقوق الإنسان المغربي السابق بأن المحاسبة آتية، والمغاربة سيحاسبون المتحكمين في الثروة والمال العام، مؤكدًا أنه "لا يوجد طريق آخر للخروج من الأزمة، وستتم المحاسبة لنسترجع ثرواتنا المنهوبة منذ 60 عامًا".

وطالب زيان الأحزاب السياسية التحلي بالشجاعة، وتطالب بتأميم المناجم "ونعرف من يستغل الذهب الموجود في طاطا (جنوب) و موازنة الدولة من مداخيله"، مشيرًا إلى أن الذهب الذي يستخرج من أرض هذه المنطقة الفقيرة "يحمل في الطائرات إلى إحدى الدول قبل أن يهرب إلى لندن"، قبل أن يشدد على القول إن الثروة الموجودة تحت الأرض ملك للشعب المغربي.

ودعا زيان إلى التوزيع العادل للثروة بين المغاربة، مشيرًا إلى أن 4 آلاف عائلة "تسير المغرب وتتحكم في ثرواته"، واتهمها بالسعي إلى الإبقاء على "الأمية والجهل والظلم وتخويف الجميع برفع الأمن من أجل الحفاظ على الامتيازات والمصالح التي تنعم بها"، مطالبًا بتوحيد الجهود لتغيير الوضع وتحقيق العدالة الاجتماعية والديمقراطية.

واسترسل زيان في حديثه أمام العشرات من أعضاء الحزب وضيوف المؤتمر قائلًا "يجب أن نضع اليد على أماكن الثروة"، مشيرًا إلى أن الأرقام التي يسجلها المكتب الشريف للفوسفات من مداخيل "لا يعرفها أحد". وطالب بمراقبة مداخيل المكتب من طرف الحكومة وجعل موازنته تحت الإشراف المباشر لوزارة المالية، معتبرًا أن ثروة المغرب تضاعفت، لكن بالمقابل تضاعف عدد الفقراء في البلاد. وأضاف "يجب أن نجعل حدًا لهذا".

وأكد زيان أن استقرار البلاد يتحقق بضمان العدل والمساواة بين المغاربة وليس بـ"إدخال الناس إلى السجون"، في انتقاد واضح لتعاطي الدولة مع ملف حراك الريف. وقال إن من يريد الخير للمؤسسة الملكية لا يكذب على الملك. أما أن تقول إنك ملكي، وتكذب على الملك، فأنت هو أكبر خائن للبلاد".

وأفاد زيان، الذي كان يوصف في أيام الملك الراحل الحسن الثاني بـ"محامي الحكومة" بأن من حق الحزب الليبرالي أن "يركب على أي حدث سياسي واجتماعي بالبلاد، ومن حقنا استغللاله سياسيًا، وهذا لا نقاش فيه"، مشددًا على أن الاحتجاج في الشارع "حق دستوري، ومواجهة الحاكم في الشارع حق من حقوق الشعب".

جانب من الحضور في المؤتمر

وتساءل موجّهًا كلامه إلى منتقديه: "هل تريدون منا أن نحلل المغرب على أساس اتفاقيات التبادل الحر التي تربطه مع الاتحاد الاوروبي وأميركا؟".

يذكر أن الجلسة الافتتاحية تميزت بحضور عبد الإله ابن كيران، أمين عام حزب العدالة والتنمية، وإدريس الأزمي، رئيس الفريق النيابي للحزب عينه. وغادر ابن كيران الجلسة الافتتاحية قبل أن ينهي زيان كلمته القوية، متوجّهًا نحو بيت عزاء أحد أعضاء حزبه في ضواحي سلا.

لكن بعض القراءات فسرت انسحاب ابن كيران، بعدم رضاه وموافقته على ما ورد في كلمة زيان من انتقادات واتهامات لجهات عدة.

وينتظر أن يختم المؤتمر الوطني الرابع للحزب المغربي الليبرالي أشغاله يوم غد الأحد، وسط توقعات بأن يستمر زيان على رأسه، كما يتوقع أن يصادق المؤتمر على تغيير اسم الحزب، من "الحزب المغربي الليبرالي" إلى "الحزب المغربي الحر"، وهو المقترح الذي أعلنه زيان في الجلسة الافتتاحية.