أعلن قادة التحالف الوطني، الثلاثاء، عن عدم اعترافهم بنتائج الاستفتاء المزمع إجراؤه في إقليم كردستان لعدم دستوريته، ملوّحين باتخاذ كل الوسائل لترسيخ وحدة العراق، في تهديد مبطّن لإقليم كردستان، فيما حذر حزب الدعوة الإسلامية، الذي ينتمي إليه رئيس الوزراء حيدر العبادي، من تفجّر الحروب بسبب الاستفتاء، وذلك في وقت يخشى فيه من تفاقم الأوضاع الأمنية في المناطق المتنازع عليها.

إيلاف من بغداد: قال التحالف الوطني إن قادته أجمعوا على عدم الاعتراف بنتائج استفتاء استقلال إقليم كردستان لـ"عدم دستوريته"، داعين بغداد إلى اتخاذ "الوسائل كافة" لترسيخ وحدة العراق.

ليس دستوريًا
جاء ذلك خلال اجتماع الهيئة القيادية للتحالف الوطني مساء الاثنين، والذي استمر حتى ساعة متأخرة، برئاسة عمار الحكيم رئيس التحالف الوطني، والذي تمت خلاله مناقشة استفتاء إقليم كردستان، وفقًا لما أورده بيان تلقت "إيلاف" نسخة منه.

وذكر البيان أن المجتمعين "عبّروا عن رفضهم القاطع لإجراء الاستفتاء"، مؤكدين "عدم الاعتراف بنتائج الاستفتاء على اعتباره خطوة غير دستورية، ولا تستند إلى القانون"، ومشددين على "أهمية اعتماد الدستور بكل مواده أساسًا للحوار من دون انتقائية".
&
كما دعا قادة التحالف الوطني إلى "حوار وطني جدي عميق ومتوازن لحل المشاكل العالقة بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان"، داعين الحكومة العراقية إلى "اتخاذ كل الوسائل الداعمة لترسيخ وحدة العراق أرضًا وشعبًا". ورحّب التحالف بـ"الدور المساند والإيجابي لبعثة الأمم المتحدة في العراق (يونامي) في الحفاظ على وحدة البلاد".

وعلمت "إيلاف" أن قادة التحالف الوطني استمعوا إلى شرح مفصل من قبل أمين عام منظمة بدر هادي العامري حيال المناطق المتنازع عليها وخطوط التماس وخطورة أن تنفجر الأوضاع الأمنية فيها، سواء في كركوك أو في سهل نينوى.

الدعوة يحذر من تفجر "الحروب"
وأكد حزب الدعوة الإسلامية، الثلاثاء، أن استفتاء إقليم كردستان العراق "أربك" المشهد السياسي، و"أقلق" الوضع الأمني، واصفًا إياه بـ"القرار الانفرادي وغير الشرعي".

وذكر الحزب في بيان أصدره عقب اجتماع لقياداته تلقت "إيلاف" نسخة منه، أنه "في ظل الانتصارات التي تحققت للعراقيين على داعش الإرهابي وفي أجواء المواجهة مع هذا العدو الشرس وفِي أجواء التطلعات نحو عراق مستقر موحد جاءت الدعوة إلى الاستفتاء في إقليم كردستان العراق، ما أوجد إرباكًا للمشهد السياسي وقلقًا على الوضع الأمني واستقرار البلد"، محذرًا من أن "هذا القرار الانفرادي غير الشرعي سيؤدي إلى تمزيق العراق، وتفجير الحروب والقتال والنزاع".

ست نقاط للتعامل مع الاستفتاء
حزب الدعوة الإسلامية أوضح أنه ومن منطلق مسؤوليته الشرعية والوطنية "يؤكد تمسكه بوحدة العراق وسلامة أراضيه ورفضه تجزئته وتقسيمه تحت أي عنوان أو مبرر وبأي شكل من الأشكال"، مشددًا على "ضرورة إلغاء الاستفتاء في داخل حدود الإقليم وخارجه في المناطق المختلطة التي تتبع السلطات الاتحادية دستوريًا وماليًا وإداريًا، ولا يقر بالأمر الواقع في تلك المناطق، ويرفض مصادرة آراء باقي المكونات فيها".

تابع أن "الاستفتاء يعد فاقدًا للشرعية الدستورية والقانونية، ولا تترتب عليه آثار"، مشددًا على "تمسكه بالاحتكام إلى الدستور في كل القضايا الخلافية بين بغداد وأربيل، باعتباره مرجعية لا خلاف عليها، وبموجب ذلك ينبغي حسم كل الملفات سواء المتعلقة بالحكومة الاتحادية أو بسلطة الإقليم".

ودعا حزب الدعوة الكرد في العراق إلى "الحوار الوطني الشامل للتوصل إلى صياغة الحلول للمشاكل والقضايا الخلافية، ورأى أن التوافق على خارطة طريق يحفظ حقوق الجميع بعدالة بلا استثناء أو انتقاء"، لافتًا إلى "أهمية الضمانات الوطنية المتقابلة بين شركاء الوطن وأطراف العملية السياسية، وأن تتم الاستفادة من بعثة الأمم المتحدة عند الحاجة، وحسب تقدير الحكومة الاتحادية"، بيد أنه أعلن رفضه لأي "توجهات نحو تدويل هذه الأزمة، لأنه مصادرة لسيادة العراق".

وطالب الحزب القوى الوطنية العراقية على اختلاف انتماءاتها بـ"المجاهرة بمواقفها وإعلاء صوتها في الدفاع عن وحدة الوطن وسلامة أراضيه وتحمل مسؤولياتها التاريخية في هذه المرحلة العصيبة"، مشيدًا "بقرار مجلس النواب والمحكمة الاتحادية".

وأكد حزب الدعوة "حرصه على وحدة البلد والسعي من أجل تجنيبه مخاطر التقسيم"، مؤكدًا أن "الإخوة بين العرب والكرد والتركمان والمسيحيين والكرد الفيلية والشبك والأيزيدية تبقى صلبة ومتماسكة، وكلهم أبناء شعب واحد ووطن واحد، من دون تمييز أو تهميش متعاونين لبناء الوطن والدفاع عنه، ويتقاسمون كل خيراته بالعدل".

وكان نائب رئيس الجمهورية نوري المالكي، وهو الأمين العام لحزب الدعوة الإسلامية، أكد، الأحد الماضي، ضرورة إلغاء إجراء الاستفتاء في إقليم كردستان، معتبرًا إياه "غير دستوري"، فيما شدد على عدم السماح بقيام "إسرائيل ثانية" في شمال العراق.

تحركات عسكرية لفصائل الحشد والعصائب إلى طوز خورماتو
وفي تطور لافت توجّهت قوة من عصائب أهل الحق بحجم لواء تعداده نحو 1500 مقاتل من بغداد إلى معسكر بيراوجلي في غرب طوز خورماتو وسط أنباء عن توجّه فصائل أخرى من الحشد إلى مناطق في سهل نينوى.

وقال المتحدث باسم عصائب أهل الحق نعيم العبودي لـ"إيلاف" إن "التحركات العسكرية هي أمور تفصيلية تجري بالتنسيق مع القيادة العامة للقوات المسلحة وقيادة هيئة الحشد الشعبي، سواء كان التحرك إلى طوز خورماتو أو إلى سهل نينوى أو تبديل القطعات".

أضاف أن "الحكومة الاتحادية تنظر إلى مصلحة البلاد بشكل عام، وبالتالي فإن سياسة فرض الأمر الواقع مرفوضة تمامًا، وإن كانت هناك إشكالات في هذه المناطق، فإنها تحلّ بالحوار، نحن فيها لفرض الأمن وعدم اندلاع فتيل أزمة واقتتال".

تابع العبودي قائلًا إن "الشعب الكردي جزء من الشعب العراقي، ويجب ألا يحتكر السيد مسعود البارزاني قرار الشعب الكردي ويذهب به بعيدًا لمصالح شخصية عبر الاستفتاء".

ومضى إلى القول "عندما يقول السيد مسعود البارزاني إن الحدود ترسم بالدم، فمن المؤكد أن يكون هناك رد من الحكومة والقيادة العامة للقوات المسلحة لمنع استقطاع هذه الأراضي وضمها إلى إقليم كردستان، وفرض الأمر الواقع بأي طريقة وآلية هو أمر مرفوض، وجاء تحرك هذه القوات لحفظ وحدة البلاد".

وقال إن "عصائب أهل الحق هي جزء من الشعب العراقي، وترفض سياسة ليّ الأذرع، مشيرًا إلى وجود تفاصيل رفض الإعلان عنها هي من "رسمت هذه التحركات الأخيرة"، لكنه أكد أن "هناك توجيهًا للقوات وتنسيقًا عاليًا بين الحشد والجيش العراقي لمسك الأرض وعدم التفريط بأي شبر من أرض الوطن".

وكان يوجد&أصلًا في المنطقة التي توجّهت إليها قوة العصائب سرايا الخراساني وقوة من فصيل أبو رضا النجار إضافة إلى قوة من التركمان الشيعة بقيادة عصام الونداوي، وعديدهم نحو 500 مقاتل.

سهل نينوى.. وضوء سليماني الأخضر
أما في مناطق سهيل نينوى فأعيد تحريك فصائل وانتشارها، من بينها فصائل للشبك الشيعة، وهي مجموعة حنين قدو توجّهت قوة من كتائب سيد الشهداء التي يقودها أبو ولاء الوائلي، إضافة إلى فوجين من قوات بدر، التي يرأسها أمين عام منظمة بدر هادي العامري، فضلًا عن قوى من فصيل بابليون يقودها ريان الكلداني.

وكان مصدر في الاتحاد الوطني الكردستاني، نقل عن قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني، قوله إن "إيران منعت لحد الآن تدخل الحشد الشعبي في كركوك، وإنها لن توقف الحشد إذا نفذ هجومًا على كردستان"، حسب تقرير لصحيفة "المونيتور" الأميركية.

ووفقًا لتقرير نشرته الصحيفة، وتابعته "إيلاف"، فإن المصدر المطلع على لقاءات قيادات الاتحاد الوطني مع مسؤولين أميركيين وإيرانيين، أفاد بأن سليماني، قال "حتى الآن، منعنا قوات الحشد الشعبي من الهجوم على إقليم كردستان، لكنني لن أردعهم للقيام بذلك بعد الآن"، محذرًا كبار مسؤولي الاتحاد الوطني من تداعيات الاستفتاء، وهو ما بدا ضوءًا أخضر من سليماني لفصائل الحشد العشبي بالتحرك.

السفير التركي يلتقي قادة في منظمة بدر
إلى ذلك زار وفد من كتلة بدر النيابية برئاسة رئيس الكتلة محمد ناجي، وهو القيادي البارز في الحشد الشعبي، الثلاثاء، السفير التركي في بغداد فاتح يلدز، لبحث مسألة الاستفتاء وموقف أنقرة منه، مؤكدًا بحسب بيان وزعه مكتبه على وحدة العراق وتماسك جميع مكوناته.

البيان لفت إلى أن السفير التركي أشاد بدور منظمة بدر وأمينها هادي العامري في محاربة الإرهاب والمحافظة على وحدة العراق. &وأكد السفير التركي رفض بلاده للاستفتاء وتقسيم العراق، وقال إن تركيا مع الحفاظ على وحدة مكونات الشعب العراقي.

من جهته أكد عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية نيازي معمار أوغلو، الثلاثاء، أن الخروق والتجاوزات التي تحصل في كركوك يتحملها المحافظ المقال. وقال أوغلو في بيان تلقت "إيلاف" نسخة منه، إن "ما يحصل من خروق وتجاوزات وتنشيط الجيوب الخارجية يتحمل نتائجها التي لا تحمد عقباها محافظ كركوك المقال نجم الدين".

أوغلو وصف المحافظ بأنه "رأس الفتنة". وقال إن "كل شيء من تحت رأسه، فعلى القيادات الكردية الحذر من استفزازات كهذه، والمحافظ المقال يعلم بكل صغيرة وكبيرة في كركوك، وتكلم عن طرد التركمان والعرب من كركوك أثناء جلسة قائمة اللا تآخي".

مكتب العبادي: المضي بالاستفتاء يعني السير في طريق مسدود
هذا ودعا مكتب رئيس الوزراء حيدر العبادي، الثلاثاء، الأطراف السياسية المعنية بإجراء الاستفتاء إلى اللجوء إلى الحوار قبل إجراء الاستفتاء وليس بعده، مؤكدًا أن الموقف الحكومي أصبح أكثر صلابة بعد اكتساب التأييد القانوني والتشريعي والتنفيذي والدولي الرافض للاستفتاء.

وقال المتحدث باسم الحكومة سعد الحديثي في تصريح صحافي تابعته "إيلاف" إنه بعد صدور قرار المحكمة الاتحادية العليا ببطلان إجراءات استفتاء الإقليم أصبح موقف الحكومة الاتحادية متكاملًا بسلطاته الثلاث من خلال السلطة التنفيذية في مجلسي الوزراء والأمن الوطني والسلطة التشريعية المتمثلة في البرلمان، وآخرها قرار المحكمة الاتحادية العليا".

أضاف أن "قرار المحكمة الاتحادية يلغي أي ترتيب قانوني ودستوري على الحكومة الاتحادية، وبالتالي لم يعد للقوى السياسية المؤيدة لإجراء استفتاء الإقليم أي مبرر على المستوى القانوني والتشريعي والتنفيذي للمضي في إجراء الاستفتاء".

وتابع الحديثي إن "التوجه الحكومي والتشريعي والقضائي جاء متناغمًا مع المواقف التي أعلنتها حكومات الدول المهمة من أعضاء مجلس الأمن الدولي، كالولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وفرنسا والأمم المتحدة والجامعة العربية والدول الإقليمية المهتمة بالأمر الرافضة انفصال الإقليم".

وأشار الحديثي إلى أنه "لم تعد هناك أية إمكانية للمضي قدمًا في إجراء استفتاء تقرير المصير"، مبيّنًا أن "المضي بالاستفتاء يعني السير في طريق مسدود لا نهاية له، ويؤدي إلى إلحاق الضرر في المصلحة العليا للبلاد وجميع مكوناته، بما فيهم الكرد".

ودعا الحديثي الأطراف السياسية في الإقليم إلى "الحوار وفتح ملفات الخلافات قبل إجراء استفتاء تقرير المصير، لا بعده، لأن إجراء الاستفتاء وفتح حوار بعده سيؤدي إلى إضعاف عامل الثقة بين المكونات الشعبية وكذلك الكتل السياسية الرافضة والمؤيدة للفكرة".

&