افتتح اليوم في القاهرة "الملتقى التشاوري الأول للعشائر والقوى السياسية العربية السورية في المنطقة الشرقية" بكلمة لأحمد الجربا رئيس تيار الغد السوري، تحدث فيها عن "مثلَثُ الصُمودِ العربي الوازِن، المُتَمثِل في مِصرَ والسعودية والإمارات"، واعتبر أن الدول الشقيقة "راهنت ولا تزال تُراهِن علينا كَحِصان عربيٍ يمكِنُ أن يحفظَ عُروبة سوريا ويصونُ هويتَها، بالتلاحم والتعاضد مع كُل المُكونات الأُخرى".

إيلاف: الدعوة التي وجّهها الجربا إلى العشائر والنخب أوضح ماهيتها في كلمته الافتتاحية، وحدد نقاطًا عدة ومواقف من المستجدات الحالية، واقترح مسودة نقاش على المشاركين.

بداية أكد "على الثوابتِ والمبادئ نفسها". وقال "لم تتغير لأننا لم نُغيّر قيمنا، ولم نضيّع البوصلة". لكنه اعتبر أن "ظروفَ سوريا تغيرت. وخريطتُها السياسيةُ تبدلت. ويكادُ البعضُ يُغيّرُ ديمُغرافيتنا وجغرافيةَ سوريا السياسيةَ بالكامل".

مصير يتحدد اليوم
وأوضح أن سوريا" تتعرّضُ لاحتلالاتٍ، وليس احتلال، وتتقاسمُها مناطِق نُفوذٍ تتوزع بينَ الولاياتِ المُتحدةِ وروسيا وتركيا وإيران، ناهيكَ عن الجماعاتِ والعِصاباتِ المُسلحة، التي وَفَدت مِن كُلِّ فج عميق لِتقتطِعَ جُزءًا مِن أرضِنا وقرارنا الوطني".

تساءل "لِماذا الآن الملتقى التشاوري، ولِماذا المِنطَقةُ الشرقية؟، ولِماذا مِنطَقةُ الجزيرةِ والفرات؟. وأجاب: "لأنَّ مِنطَقتنا تُشكِلُ الآن خطَّ الصدع، ومِحورَ المواجهةِ الدولية في مُكافَحة الإرهابِ وتقاسم النُفوذِ في آنٍ معًا. لذلكَ فإنَّ مصير سوريا بِرُمَتِها يتحدد اليومَ في المعركة الدائرةِ عِندَنا الآن".

وشدد على أن "الآنَ هو الوقتُ الوحيدُ لِنقولَ كَلِمتنا، وإلّا فلن تكونَ لنا كَلِمة". وأكد أن الاجتماع اليوم" كَعشائرَ عربية أصيلة، ونُخَبٍ سياسيةٍ وفِكريةٍ وثقافية، لهُ أهمّيةٌ استثنائية. فَلَو ركّزتُم معي، حولَ الدّولِ التي تتقاسَمُ النفوذَ في سوريا، تَجِدونَ الغربَ والشرقَ والإيرانيَ والتركي. ولا تَجِدونَ دولةً عربيةً واحدة صاحِبةَ نُفوذ. لأنَّ الدّولَ الشقيقةَ راهنت ولا تزال تُراهِن علينا كَحِصانٍ عربيٍ يُمكِنُ أن يحفَظَ عُروبَةَ سوريا ويصونُ هويتَها، بالتلاحُمِ والتعاضُدِ مَعَ كُلِّ المُكوناتِ الأُخرى، وعلى رأسِهِم الإخوةُ الكُرد. إخوةُ التاريخِ والجغرافيا، وشُركاءُ الأمسِ والمُستقبل".

مشروع عربي&
وأشار الجربا إلى أن هذا الاجتماع في القاهرة "دليلٌ على المشروعِ العربيِّ العروبي الذي يُسانِدُنا ويشُدُّ عضدنا، هذا المشروعُ الذي يحملِ رايتهُ اليوم، مُثلَثُ الصُمودِ العربيِّ الوازِن، المُتَمثِّلُ في مِصرَ والسعودية والإمارات".

أضاف "عندما نَتحَدثُ عن خيارٍ عُروبيٍّ وطَنيٍّ سوري، نَتحَدثُ عن شراكةٍ حقيقية، لا نأكُلُ فيها حقَّ أحدٍ، ولا نسمحُ لأحدٍ أن يتطاولَ على حقوقِنا وكراماتِنا. فنحنُ لسنا مكسر عصا، ولَم ولن نكون. يدُنا ممدودةٌ، وعُقولٌنا مفتوحةٌ للجميع. ولكننا نَقِفُ عِندَ حُقوقِنا، فنأخُذُها أو نبذِل دونها الدِماءَ والأرواح". وتوجّه بدعوة صادقة "لكي نُسارِعَ برؤيةٍ سياسيةٍ شاملة، نُنجِزُها الآنَّ، وليس غدًا".

التقسيم لن يكون
واقترح رئيس تيار الغد أن تكون مسودة النقاط التي تثار في الملتقى"التأكيدُ على مواجهةِ الإرهابِ بِكُلِ أشكالهِ ومِن كُلِ الأطراف، لما لِذلكَ مِن أهمّيةٍ في استعادةِ قرارِنا الوطني مِنَ العصاباتِ التي سَطت عليه، إضافَةً إلى أهمّيَتِهِ على مُستوى التواصلِ مَعَ العالَمِ والأصدقاء، الذينَ قدموا القليل، ونَنتَظِرُ مِنهم الكثيرَ في مواجَهَتِنا المفتوحَةِ مَعَ الإرهاب".

وقال "إنَّ الحلَّ السياسي، لا ولن يكونَ إلّا مُتوازِنًا ومُرتَكِزًا إلى مطالبِ السوريينَّ أولًا، وقراراتِ الشرعيةِ الدوليةِ ثانيًا، وبالتنسيقِ الكاملِ مَعَ الثُلاثيِّ العربي".

كما تحدث عن: "تثبيتُ حقوقِ جميعِ المكوناتِ داخِلَ سوريا الجديدة، وليست المفيدة، وأعني كُل شِبرٍ مِن سوريا الواحدة الموحدة، وقال "مَن يَظُنُّ أنَّ تقسيمَ سوريا سَيَمُّرُ مُرورَ الكِرام، فنقولُ لهُم: إنَّ اللعِب بِهَذِهِ النار، لسوفَ يُفضي إلى انتشارِها في سائِرِ دولِ الإقليم. وعِندما نَتحدَثُ كعشائرَ عربيةٍ ومُكونٍ عَرَبي عَن حُقوقِ كُلِّ المكونات، فلن نقبَلَ بِكُل تأكيد أيَّ انتقاص أو مُجرَدَ مساس بِحقوقِنا أو وجودِنا، مِن أيِةّ جِهَةٍ أو طَرَف".

وأكد على أن تكونَ خُطَة المرحلةِ الانتقاليةِ مُفصَّلةً وواضحة، لِجهةِ الإدارةِ السياسيةِ وطبيعةِ النظامِ الجديد الذي سَتُفرِزُ، والمنظومةُ الكامِلَةُ للحقوقِ والواجباتِ التي سيكفَلُها دستورُ سوريا الجديد، الذي نُصمِمُ على أن يُنجَزَّ بأيادي سورية، بعيدًا عَن أوهامِ الغلبة أو الاستقواءِ بالخارج.

إطلاق حوار وطني
وشدد الجربا على ضرورة إطلاقِ حوارٍ وطنيٍ حقيقي، تَحتَ مِظلَّةِ الإدارةِ الانتقاليةِ الجديدة، لأن طَيّ الصفحَةِ الراهنة، ومواجَهةَ كُل أشكال الإرهاب، لن تكونَ مِن دونِ مُصارَحَة ومُصالَحَة حقيقية، وهذا أمرٌ رأى أنه "لن يُنجَزَ من دونَ حِوارٍ حقيقي".&

وقال "أنظروا إلى الدولِ القريبةِ والبعيدة، التي خرجَت مِن حُروبٍ وأزّماتٍ، ولَم تُجرِ حِوارًا حقيقيًا ومُصالَحَةً نِهائية، أنظروا إليها كيفَ تَنتَقِل مِن أزمَةٍ إلى أزمة، وتفقدُ قرارها وسيادتها، لِتتحول إلى ورَقَةِ لَعِبٍ وصُندوقَ بريد، وسوريا لم ولن تكونَ ورقةً أو مسرحًا للُعبةِ الأمم القاتلة".

واعتبر أنه يُمكن لهذه المحاور أن تشكلَ مُنطَلَقًا عمليًا وإطارَ عَمَلٍ سياسي، يُمَكِّنُنا مِن طَرِحِ رؤيتَنا والحفاظَ على حقوقِنا ومكتسباتِنا. أمّا الوقوفُ على الأطلال والاكتفاء بالشكوى فلن يُأتي إلّا بالمزيد مِنَ الكوارث.&

معاناة المنطقة الشرقية
من جانبها قالت مزن مرشد عضو المكتب السياسي لتيار الغد السوري في تصريح خصت به "إيلاف" إنه "لا يخفى على أحد ما عانته المناطق الشرقية السورية من ضغوط وتحديات ومواجهات، خاصة مع امتداد تنظيم الدولة إلى مناطقها باكرًا، فكانت مستهدفة دائمًا من النظام والتحالف الدولي وداعش معًا، ما جعل أبناءها مغيبين تمامًا عن المشاركة والمساهمة في حل قضية بلادهم أو استنباط ما يناسبهم، لتدرج رؤاهم في حل سوري دائم قابل للحياة يناسب أبناءه كافة".

وأشارت إلى أنه "من هنا نرى أن لهذا الملتقى اليوم أهمية خاصة للغاية في جمع أبناء المناطق السورية، التي كانت ولا تزال تحت ضغط المواجهة، فلم يلتفت إليهم أحد أو حتى أخذ رأيهم بما يريدونه لوطنهم ومناطقهم وما يرونه مناسبًا لهم. ولم يسمع منهم أحد ما قد نكون عليه وجهات نظرهم في حل سوري يشمل كامل بلادهم ويتناسب مع كل مكوناتها ومناطقها، من منطلق أهل مكة أدرى بشعابها".

الدور العربي
وأكدت مرشد أنه "بعد ست سنوات ونيف ما زال الحل السوري بعيد المنال في ظل التخبطات السياسية الراهنة بين القوى الإقليمية والأممية والمحلية وما تعتريها من اختلافات كبيرة تعوق الوصول إلى حل نهائي للقضية السورية برمتها في ظل تغييب واضح لإرادة السوريين أنفسهم عن رسم خطط الحلول لبلدهم وإبعاد أبناء المناطق السورية كافة عن إدارة القرار، ما يهيئ للمزيد من الوقت والدمار والدماء، لذلك تأتي أهمية مبادرة رئيس تيار الغد السوري في عقد هذا الملتقى لجمع عشائر ومكونات المنطقة الشرقية، مؤكدًا من جديد على التزامه بثوابت الثورة، التي لم يحد عنها يومًا، مركزًا مرة أخرى على أهمية الدور العربي في الحل السوري".

ولفتت إلى أنه من الأهمية بمكان دعوته الصريحة للمجتمعين اليوم إلى الخروج برؤية حل سياسي شامل لضمان حقوق كامل مكونات الشعب السوري، مشددًاً كعادته "على الأخوة الكردية العربية ووجود الأكراد كمكون رئيس وشريك حقيقي في سوريا المستقبل، وبالطبع مع أولوية مكافحة الإرهاب وطرده من المنطقة برمتها، والدخول في عملية سياسية حقيقية تراعي جميع مكونات المجتمع السوري عرقيًا ومناطقيًا. ومن هنا رأت أن مخرجات هذا الملتقى ونجاحه "ستكون خطوة فعالة وحقيقية في طريق حل سوري مُرضٍ وعادل ومستمر".