لندن: شهدت تظاهرات الاحتجاج العراقية التي دخلت أسبوعها الثالث تحولًا خطيرًا اليوم في أساليبها من التظاهر إلى الاعتصام أمام مقار الحكومات المحلية في محافظات الجنوب والوسط وحول حقول نفطية ما ينذر بتوقفها عن العمل مطالبين باستقالتها وتنفيذ وعود الحكومة بالعمل على تحسين الخدمات وتوفير الكهرباء والماء الصالح للشرب وفرص عمل للعاطلين واجراءات جدية لمكافحة الفساد.

فقد بدأ المئات من ابناء مدينة البصرة (550 كم جنوب بغداد) اعتصاما مفتوحا امام مبنى المحافظة حيث نصبوا خياما ماينذر بتصعيد الاحتجاج واستمراره. ويؤكد المعتصمون الذين بدأوا احتجاجهم هذا وسط اجراءات امنية مشددة واغلاق للطرق المؤدية إلى مبنى الحكومة المحلية انهم لن ينهوا اعتصامهم حتى تحقيق مطاليبهن بتحسين الخدمات العامة وتوفير فرص عمل للعاطلين واتخاذ اجراءات جدية لمكافحة الفساد واحالة الفاسدين إلى المحاكم واسترجاع اموال الشعب التي سرقوها.

كما تم تنظيم اعتصام مفتوح أمام حقل نفط غرب القرنة في المحافظة وحول متظاهرون قرب موقع البرجسية النفطي غرب البصرة تظاهرتهم إلى اعتصام ونصبوا عددا من السرادق وأكدوا استمرارهم بذلك حتى وصول مسؤول محلي لاستلام مطاليبهم الامر الذي ادى إلى توقف الحقل عن العمل.

وفي مدينة الناصرية عاصمة محافظة ذي قار (375 كم جنوب بغداد) تظاهر المئات من أهالي اقضية الدواية والإصلاح وسيد دخيل أمام مبنى الحكومة المحلية مطالبين بتوفير فرص عمل للعاطلين وتوفير الخدمات الاساسية وتحسين واقع الكهرباء.

وفي محافظة المثنى (220 كم جنوب بغداد) تجمع نحو الفي متظاهر في ساحة الاحتفالات وسط عاصمتها السماوة مبتدئين اعتصاما مفتوحا هاتفين بالقضاء على الفساد ومنددين بسوء الأوضاع الاقتصادية والمعيشية للمواطنين.

نشر62 الف عنصر امني بمحافظات جنوبية

وجاءت هذه الاعتصامات الاحد فيما أعلنت قيادة عمليات الرافدين نشر 62 الف عنصر امني في أربع محافظات هي ذي قار والمثنى وميسان وواسط لحماية المتظاهرين والبنى التحتية والمنشات الحيوية.&

كما نُظت في وقت اعلن المكتب الاعلامي لرئاسة الحكومة العراقية في بيان مقتضب اليوم الاحد تابعته "إيلاف" ان "رئيس مجلس الوزراء الدكتور حيدر العبادي أمر بسحب يد وزير الكهرباء (قاسم الفهداوي) على خلفية تردي خدمات الكهرباء ولحين اكمال التحقيقات " من دون تفصيلات اخرى. ويتولى الفهداوي حقيبة الكهرباء منذ الثامن من ايلول سبتمبر عام 2014 وكان يشغل قبل ذلك منصب محافظ الانبار بين عامي 2009 و 2013.

وتعاني خدمة الكهرباء في العراق منذ سقوط النظام السابق عام 2003 ترديا في تزويد المواطنين بالطاقة الكهربائية برغم انفاق اكثر من 60 مليار دولار على تحسين هذه الخدمة الامر الذي كان يؤدي إلى احتجاجات شعبية في كل عام لكنها تفاقمت هذا العام مع تصاعد الفساد وتردي الخدمات العامة وانتشار البطالة ما ادى إلى خروج مواطني مجافظات وسط وجنوب العراق في تظاهرات احتجاج مستمرة منذ اندلاعها في الثامن من الشهر الحالي وادت إلى سقوط 18 قتيلا واصابة المئات من المتظاهرين ورجال الامن.

اعترافات بتعيين موظفين وهميين

&وبالتزامن مع ذلك فقد صدّقت محكمة تحقيق الرصافة في بغداد والمختصة بنظر قضايا النزاهة والجريمة الاقتصادية أقوال 10 متهمين اعترفوا بتعيين موظفين وهميين في وزارة الصحة وقيامهم باستلام مبالغ تصل إلى اكثر من 6 مليارات دينار (حوالي 5 ملايين دولار) مبالغ الرواتب لهذه التعيينات.&

وقال القاضي عبد الستار بيرقدار المتحدث الرسمي لمجلس القضاء الاعلى في بيان صحافي اليوم تابعته "إيلاف" ان "متهمين اعترفوا أمام تحقيق الرصافة بتعيين أسماء وهمية في الوزارة بصفة موظفين".. موضحا أن "هؤلاء المتهمين هم موظفون وضباط ومنتسبون على ملاك وزارة الصحة".

واضاف بيرقدار ان المتهمين استحصلوا مبالغ مالية تقدر باكثر من 6 مليارات دينار عراقي وهي مقدار رواتب هذه الوظائف الوهمية طيلة 8 أعوام. وأشار إلى أنّ المحكمة صدقت اعترافات المتهمين واتخاذ كافة الإجراءات بحقهم وفقاً لأحكام المادة 318 من قانون العقوبات العراقي.&

وكان المرجع الشيعي الاعلى في البلاد اية الله السيد علي السيستاني قد وجه الجمعة الماضي تحذيرا للحكومة بتصعيد الاحتجاجات في حال عدم تنفيذ مطالب المواطنين ودعا إلى التعجيل بتشكيل الحكومة برئيس قوي قادر على محاربة الفساد مقدما مقترحات إلى مجلسي الوزراء والنواب المقبلين.&

وشدد الشيخ عبد المهدي الكربلائي معتمد المرجع السيستاني خلال خطبة الجمعة بمدينة كربلاء (110 كم جنوب بغداد) على انه في حال تنصل الحكومة عن القيام بما تعهدت به من اصلاحات فأنه لن يبقى أمام الشعب الا تطوير اساليبه الاحتجاجية السلمية لفرض ارادته على المسؤولين مدعوما بذلك من كل القوى الخيرة في البلد.

وحذر قائلا انه عند ذلك "سيكون للمشهد وجه اخر مختلف عما هو اليوم عليه ولكن نتمنى ان لاتدعو الحاجة لذلك وأن يقوم من هم في مواقع المسؤولية بتدارك الامر قبل فوات الاوان " في أشارة إلى امكانية تصعيد الاحتجاجات ربما إلى عصيان مدني او انتفاضة شعبية كما ينذر ناشطو الاحتجاجات ايضا.

وتشهد محافظات وسط وجنوب العراق منذ ثلاثة اسابيع احتجاجات واسعة مطالبة بالخدمات، وتوفير المياه الصالحة للشرب والتيار الكهربائي وفرص العمل، وإنهاء الفقر والفساد الذي يضرب مؤسسات الدولة في وقت اسفرت مواجهات القوات الامنية للتظاهرات لحد الان عن 18 قتيلاً وأكثر من 600 جريحا وحوالي 1200 معتقل اطلق معظمهم خلال الايام الاخيرة.&