إسلام آباد: يستعد زعيم حركة الانصاف الباكستانية عمران خان لأن يصبح رئيس وزراء الدولة النووية التي تعد 207 ملايين نسمة في وقت يتجه اقتصادها نحو الأزمة وتعاني نزاعًا حدوديًا مزمنًا.

تتطلب إدارة البلاد حنكة كبيرة من الحزب وزعيمه بطل الكريكت السابق الذي يتحلى بالكاريزما والمعروف عالمياً اذ ان المقاعد التي حصل عليها لا تخوله تشكيل الحكومة بمفرده.

ولكن منتقديه يقولون إن شعبيته تراجعت بسبب تعاطف مع التنظيمات المتشددة وبعد أن صدرت أصوات تتهم الجنرالات بأنهم سهلوا له الفوز.

وسيكون تشكيل ائتلاف حكومي التحدي الأول له. في ما يلي أبرز المسائل التي سيتعين على خان وحزبه التعاطي معها بعد تشكيل الحكومة.

ديماغوجي أم ديموقراطي؟

أمضى خان قسماً كبيراً من حياته السياسية زعيماً شعبوياً يعد بالتغيير بدلاً من تمرير القوانين. وقال المعلق السياسي فاسي زكا إن "عمران خان كان يتصرف بمفرده. إنه حتى لا يذهب الى البرلمان. لقد كرَّس السنوات الخمس الماضية للاحتجاج والمعارضة".

كما أن حزب الإنصاف لم يتول المسؤولية سوى على مستوى الولاية وبالتالي فإنه يحتاج إلى تعلم ممارسة السياسة على المستوى الوطني بسرعة كبيرة وقد يعتمد نجاحه على الائتلاف الذي يشكله وما إذا كان حزب الرابطة الإسلامية-نواز الذي شكل الحكومة السابقة وحزب الشعب الباكستاني الذي كان قوياً في ما مضى، سيتفقان على العمل ضده في صفوف المعارضة.

توقع محللون أن لا يواجه خان مشكلات في تشكيل ائتلاف حكومي مع المستقلين والأحزاب الإسلامية الصغيرة التي تعلم بأنه يحظى بتأييد الجيش القوي.

لكنه أثار بالفعل القلق من خلال إرضاء الإسلاميين خلال الحملة الانتخابية، ويمكن لهذا التحالف أن يغذي المخاوف من أن حكومته ستخدم اليمين الديني.

العلاقات مع الجيش

يصفه خصومه بأنه "صبي الجيش المدلل" مع أنه لن يكون أول رئيس وزراء تربطه علاقات جيدة مع القوات المسلحة. لكن مصير رئيس الوزراء المنتخب الأخير نواز شريف الذي كان محبذا لدى الجنرالات قبل أن يغرق في الفضيحة ويطاح به، يجب أن يجعله يعي أن الأمور قد تنقلب.

لقد طُرح العديد من الأسئلة سابقاً حول مدى رغبة الجيش الذي تولى حكم باكستان لنحو نصف تاريخها في العمل مع خان الزئبقي، ومدى رغبته ببساطة في تنصيب حكومة مطواعة لا تتحدى سلطاته وسياساته، بخلاف حكومة شريف.

"عندما سيبدأ ممارسة سلطاته، هل يتلاقى مع الجيش أم يصطدم به؟" سأل الجنرال المتقاعد والمحلل طلعت مسعود. "أعتقد أنها علامة استفهام كبيرة."

الإقتصاد

تشير كل الدلائل إلى أن حكومة خان ستضطر على الفور إلى الاتصال بصندوق النقد الدولي لتطلب منه خطة الإنقاذ الثالثة عشرة لباكستان.

وقالت سحر طارق من المعهد الأميركي للسلام إن "الصادرات تتراجع والدين يرتفع والمؤشرات الكلية ضعيفة".

لكن من المرجح أن تعوق خطة إنقاذ صندوق النقد الدولي هدفه في ارساء نظام الرفاه الإسلامي، على الأقل في المدى القصير.

أما الخيار الآخر فقد يكون اقتراض المزيد من الصين. لكن هناك مخاوف بالفعل بشأن قدرة باكستان على تنفيذ حصتها في صفقة غامضة تضخ من خلالها بكين مليارات الدولارات من الاستثمارات في البلاد.

الفساد

عندما خاض خان المعترك السياسي لأول مرة في منتصف التسعينات، كانت أهدافه واضحة ومباشرة اذ سعى إلى كبح الفساد المستشري والتخلص من النخبة السياسية الفاسدة.

ولكنه أثار قبل الانتخابات جدلا من خلال اللجوء إلى شخصيات سياسية "ناجحة انتخابياً" نظراً للاصوات الكبيرة التي يمكنهم جمعها وإن لم تكن سجلاتهم نظيفة من الفساد.

وقد يكون من الصعب عليه إرضاء كبار الشخصيات هؤلاء وشركاء الائتلاف الحكومي وفي الوقت نفسه اجتثاث الفساد.

وتعهد حزب الانصاف كذلك إرغام الباكستانيين على دفع ضرائبهم ولكن أمامه طريق طويل لذلك اذ لا يمتثل لذلك الآن سوى نحو واحد في المئة من السكان.

وقال خان في خطاب الفوز، "لا يدفع الناس الضرائب لأنهم يرون كيف تنفق النخبة الحاكمة تلك الأموال. سأحمي أموال ضرائب الشعب".

العلاقات الدولية

يقول بعض المحللين إن باكستان محاطة بالأعداء وعلاقاتها متوترة مع الولايات المتحدة حليفها الضعيف، وباتت تعتمد أكثر من اللازم على علاقتها مع بكين.

تعهد خان بالفعل إعادة التوازن الى العلاقة بين إسلام آباد والولايات المتحدة بعد أشهر من تعليق الرئيس الأميركي دونالد ترامب المساعدات الأمنية بعد أن اتهم باكستان بالفشل في القضاء على الجماعات المسلحة على حدودها.

وتقول سحر طارق إن "طريق تحسين العلاقات الباكستانية الأميركية لا يسير في خط مباشر، إنه يمر عبر أفغانستان". وقد تكون أفغانستان محطة مؤلمة اذ انتقد خان دور الولايات المتحدة في افغانستان في الماضي وهذا لن يجعله محبذا لدى واشنطن الآن.

كما دعا إلى فتح الحدود في تناقض صارخ مع الجهود التي يبذلها الجيش ويروج لها من أجل بناء سياج مُكلف لاغلاق الحدود.

وتعهد خان أيضا تحسين التجارة مع الهند خصم باكستان ومناقشة المناطق المتنازع عليها مثل كشمير مع التطلع نحو بكين بعد أن وصف الصين في خطاب الفوز بأنها مثال يحتذى به.