وقع طرفا النزاع في جنوب السودان اتفاقًا نهائيًا لتقاسم السلطة، في وقت دعا الرئيس سلفا كير إلى الوحدة في بلد تمزقه حرب أهلية أودت بحياة عشرات الآلاف.&

إيلاف: أفاد مراسل وكالة فرانس برس، الذي حضر مراسم التوقيع الأحد، أن كير وخصمه رياك مشار وقعا في السودان المجاور الاتفاق، الذي سيعود زعيم التمرد بموجبه إلى حكومة الوحدة الوطنية كنائب أول للرئيس بين خمسة في هذا المنصب.

وُقِّع الاتفاق بحضور الرئيس السوداني عمر البشير ورؤساء كينيا وأوغندا وجيبوتي، إضافة إلى عدد من الدبلوماسيين الأجانب.
وبعد توقيع اتفاق السلام، سيكون أمام الطرفين ثلاثة شهور لتشكيل حكومة انتقالية تحكم البلاد لثلاث سنوات.

تأتي المحادثات في إطار تحركات إقليمية تهدف إلى تحقيق السلام في جنوب السودان، الذي دخل في نزاع مدمّر بعد عامين فقط من استقلاله عن السودان.&

وأكد كير في خطاب أعقب التوقيع أن "على الاتفاق الذي وقعناه اليوم أن يرسم نهاية النزاع والحرب في بلدنا". أضاف "علينا (...) تكريس أنفسنا مجددًا لتوحيد شعبنا، والعمل على الانتقال السلمي للسلطة عبر صناديق الاقتراع لا الرصاص".&

من جهته، حث مشار "الهيئة الحكومية للتنمية" (إيغاد)، المنظمة الإقليمية التي تسعى إلى تحريك عملية السلام منذ أشهر، على ضمان تطبيق الاتفاق. وقال في خطابه "أدعو +إيغاد+ (...) إلى التركيز الآن على تطبيق الاتفاق"، مضيفًا "قال أحدهم إن الشيطان يكمن عادة في (مرحلة) التطبيق".&

تحديات مقبلة
واندلع النزاع المستمر منذ نحو خمسة أعوام في جنوب السودان، بعدما اتهم كير في 2013 نائبه آنذاك مشار بالتخطيط للانقلاب عليه. وسبق أن اتفق الطرفان المتحاربان في جولة محادثات استضافها البشير على وقف دائم لإطلاق النار وسحب قواتهما من المدن.

نص اتفاق الأحد على أن تتألف الحكومة الانتقالية من 35 وزيرًا، عشرون من معسكر كير وتسعة من معسكر رياك مشار، على أن يمثل بقية الوزراء مجموعات أخرى. وسيضم البرلمان 550 نائبًا، بينهم 332 من معسكر كير، و128 من معسكر مشار.

وحذر كير من أن حجم الحكومة قد يشكل تحديًا. وقال "انظروا إلى حجم البرلمان والحكومة. كيف سيتم دفع نفقاتهم؟"، معربًا عن قلقه بشأن كيفية توفير مقار الإقامة والمكاتب والمركبات للمسؤولين.&

لكن البشير قال إن الوسطاء ملتزمون بضمان تطبيق الاتفاق. وأكد أن هدفه هو شخصيًا أن يتمكن جنوب السودان من استئناف &إنتاج النفط في ولاية الوحدة الغنية بالخام بحلول 1 سبتمبر.&

وعلى مدى نحو خمس سنوات من الحرب، انخفض إنتاج النفط في جنوب السودان إلى نحو 120 ألف برميل في اليوم مقارنة بـ350 ألفًا عند ذروة إنتاجه، بحسب البنك الدولي.&

دعم أميركي
شككت واشنطن في السابق في إمكانية نجاح مبادرة السلام الأخيرة نظرًا إلى العداء الشديد بين كير ومشار. وفي الشهر الماضي، حذر البيت الأبيض من أن "اتفاقًا ضيقًا بين النخب" لن يحل المشاكل التي تعمّ جنوب السودان، مشيرًا إلى أنه "بإمكان اتفاق كهذا أن يزرع بذور دورة جديدة من النزاع".

لكن القائم بالأعمال الأميركي في الخرطوم ستيفن كوتسيس أشاد بتوقيع الاتفاق الأحد، وصرح للصحافيين "ندعم أي مبادرة تجلب السلام لجنوب السودان، ونأمل بأن تتواصل هذه العملية في شكل شامل".

بدورها، رأت الأمم المتحدة في اتفاق تقاسم السلطة "خطوة مهمة". وقال مبعوث الأمم المتحدة الخاص للسودان وجنوب السودان نيكولاس هيسوم "يجب أن تصمت البندقيات بعد توقيع هذا الاتفاق".&

ووقع اتفاق مماثل في 2015، لكنه انتهك بعد معارك دامية فر على أثرها مشار من البلاد. وخيّبت الحرب في جنوب السودان الآمال التي رافقت الاستقلال عن السودان في 2011. دخلت الدولة الوليدة في حرب أهلية شهدت قتالًا داخليًا في صفوف الجيش الوطني غذاه العداء الشديد بين الزعيمين. وخلفت الحرب عشرات آلاف القتلى ونحو أربعة ملايين نازح في وقت انهار اقتصاد الدولة الغنية بالنفط.&

وتشير الأمم المتحدة إلى أن الاضطرابات الشديدة التي طرأت على قطاع الزراعة ستترك سبعة ملايين من سكان جنوب السودان يمثلون أكثر من نصف سكان هذا البلد، بحاجة إلى مساعدات غذائية خلال هذا العام.&
&