إيلاف من القاهرة: مع استمرار حالة الفوضى التي تعم ليبيا منذ العام 2011، وعدم قدرة الفرقاء على توحيد الجهود وانتشال بلدهم من تلك الحالة، يلوح في الأفق من حين إلى آخر اسم سيف الإسلام النجل الأكبر للقذافي، باعتباره "المنقذ"، إلا أن قراء إيلاف يرون أنه لن يستطيع النجاح في تحقيق المصالحة بين السياسيين والميلشيات المتناحرة في ليبيا.

أشركت "إيلاف" القراء في النقاش حول الحالة الليبية، وطرحت عليهم السؤال التالي: "هل تعتقد بنجاح سيف الإسلام القذافي كرجل مصالحة في ليبيا؟

وأعربت الأغلبية من القراء عن اعتقادها، بأن القذافي الابن ليس جديرًا بهذه المهمة الصعبة، وتقدر تلك الأغلبية بـ54% من المشاركين في الاستفتاء.

بينما مالت الأقلية وتقدر بـ46% إلى التفاؤل، وترى أنه يمكن أن يشكل رقمًا في حل المعادلة الليبية الصعبة، التي تتداخل فيها المصالح والتعقيدات الخارجية والداخلية.

يزداد المشهد في ليبيا تعقيدًا مع مرور الوقت منذ مقتل القذافي في 2011، لاسيما في ظل سيطرة الميلشيات الإسلامية والمناطقية على الأوضاع، مع استمرار وجود حكومتين في طرابلس في غرب البلاد وبنغازي في الشرق، وكلاهما على النقيض من الأخرى.

ورغم أن أبناء القذافي تفرقوا إما بالقتل أو النفي خارج ليبيا، ورغم عدم ظهور سيف الإسلام علنيًا، إلا أن اسمه يتردد بين الحين والآخر باعتباره البديل المرضي لجميع الأطراف، والقادر على تحقيق المصالحة ولم شمل الليبيين.

منذ أيام قلائل، وتحديدًا في 28 من شهر يوليو الماضي، قال المفاوض الفرنسي المستقل، جان إيف أوليفييه، لصحيفة "التايمز" البريطانية إن نجل العقيد الليبي الراحل، معمر القذافي، يستعد لخوض الانتخابات الرئاسية الليبية الفترة المقبلة.

وقال أوليفييه: "سيف الإسلام القذافي يعلم أنه الوحيد القادر على توحيد ليبيا، وسيتولى على الأرجح منصب الرئاسة في الانتخابات المقبلة".

وأضاف أوليفييه: "سيف الإسلام هو رمز المصالحة الحقيقية في ليبيا". وتابع "لا اتحدث هنا عن السياسة وطبيعتها، لكن يمرر لي رسائل عديدة، بأنه (سيف الإسلام) يريد إجراء الانتخابات، ومقتنع بخوضها ومتأكد من الفوز بها".

وحسب وجهة نظر السياسي الفرنسي، فإنه "إذا ما ترشح سيف الإسلام القذافي فسيكون هناك مليوني شخص مؤيد للقذافي ورائه، لهذا ستكون المفاجأة الكبرى بفوزه بالانتخابات الرئاسية الليبية".

واعتبرت الصحيفة البريطانية أن "سيف الإسلام القذافي، لا يزال عنصر مؤثر وقوي في مستقبل ليبيا"، مشيرة إلى أن "التحركات الواضحة لترشح سيف الإسلام القذافي يثير التساؤلات حول موقف القوى الغربية، خاصة فرنسا وبريطانيا، مع العلم أن نجل القذافي لا يزال مطلوبا لدى المحكمة الجنائية الدولية في اتهامات بجرائم ضد الإنسانية والقتل والاضطهاد".

وكشفت أن هناك جهود تبذل من وراء الكواليس، تسعى لجمع الفصائل الليبية على طاولة واحدة، ولكن جوهرها كان إعادة دمج الموالين للقذافي في الساحة السياسية، وهو ما يعني عودة سيف الإسلام بقوة لتوحيد تلك الفصائل المتفرقة، على حد قول الصحيفة.

وفي أكتوبر من العام الماضي 2017، قال محامي عائلة الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، خالد الزايدي، إن سيف الإسلام القذافي يعمل حاليًا في الساحة السياسية الليبية.

وأضاف محامي العائلة في حوار مع صحيفة "نوتيزي جيبوليتك" الإيطالية، أن "الدكتور سيف الإسلام القذافي على ما يرام، وجاهز لتولّي زمام الأمور، وسيظهر علنًا في وسائل الإعلام، وفقًا لبرنامج يهدف لجلب الشعب الليبي كله إلى طاولة الحوار، وهو الأمر الذي يناقشهُ حاليًا مع القبائل"، مشيرا إلى أن "سيف الإسلام يتمتع بدعم كبير من الليبيين والقبائل، وهي الطريقة الوحيدة التي تستطيع إعادة الأمن إلى البلاد".

ولفت إلى أن سيف الإسلام يعول كثيرًا على إيطاليا مساعدة ليبيا، وقال: "أعتقد أن من مصلحة إيطاليا مساعدة الليبيين بالقضاء على الإرهاب والميليشيات".

ومن جانبه، قال أحمد قذاف الدم، منسق العلاقات المصرية الليبية السابق، إن سيف الإسلام القذافي موجود الآن ليبيا. وأضاف في تصريحات له: "وهو (سيف الإسلام) حر طليق الآن في مكان آمن وأن من حقه أن يكون له دورًا مستقبليًا فى ليبيا".

وطالب &قذاف الدم الدول العربية باستقبال سيف الإسلام، وتوفير ملجأ له، مشدداً على أن العمل لإنهاء المطالبة بسيف الإسلام من قبل المحكمة الدولية.

وحسب وجهة نظر الناشط السياسي الليبي عمار القماطي، فإن الوضع في ليبيا معقد جدًا، وليس بالصورة السهلة التي تبدو للساسة أو الخبراء السياسيين في الغرب.

وأوضح لـ"إيلاف" أن الوضع في ليبيا يتداخل فيه ما هو عقائدي وقبلي ومناطقي بالإضافة إلى التدخلات الخارجية، وارتباطها مع ميلشيات موالية لها في الداخل، مشيرًا إلى أن جميع المصالح في الداخل الليبي متناقضة، ومن الصعب جمعها على طاولة مفاوضات ما لم يتم تنحية العصبية العقائدية أو القبلية أو المناطقية، ثم إيجاد قوة دولية للضغط على الدول للكف عن التدخل في الشأن الليبي.

ولفت إلى أن سيف الإسلام القذافي لديه موالين في الجنوب الليبي، ولديه أنصار من المنتفعين من سلطة والدة في السابق، وبعض الليبيين الذين يحنون إلى الهدوء والإستقرار، لكنه لا يملك الكثير من أوراق اللعبة، ولديه خصومات ومطلوب لبعض الميلشيات والقوى السياسية في ليبيا، فضلًا عن أنه غير مرغوب فيه من بعض الدول والقوى الأجنبية الفاعلة، كما أنه مطلوب للمحكمة الجنائية الدولية في تهم جرائم حرب.

وأشار إلى أن الوضع في المرحلة الراهنة لا يحتاج إلى أشخاص، بل يحتاج إلى اجتماع القوى الكبرى في العالم تحت مظلة الأمم المتحدة، والاتفاق على جمع الفرقاء الليبيين إلى طاولة المفاوضات، وإنشاء حكومة موحدة ويكون لديها جيش قوى، لبسط القانون والأمن، وإعادة الاستقرار إلى ليبيا.

وكانت إحدي الميلشيات المحلية بمدينة الزنتان في ليبيا، وتسمى "كتيبة أبو بكر الصديق"، أطلقت سراح سيف الإسلام القذافي، في 10 يونيو 2017، "تطبيقا لقانون العفو العام الصادر عن البرلمان، بعد تبرئته من التهم الموجهة إليه"، حسبما أعلنت وقتها.

&