الرباط: وضع عبد الإله ابن كيران، رئيس الحكومة المغربية السابق، والامين العام السابق لحزب العدالة والتنمية (مرجعية إسلامية)، حدا لصيامه الطويل عن الكلام، عبر بوابة شبيبة الحزب العدالة والتنمية، وذلك في ملتقاها الوطني الرابع عشر، الذي نظم الإثنين، حيث بعث رسائل سياسية مكثفة في كل الاتجاهات، وأدلى &برأيه في عدد من القضايا التي تهم البلاد.

وقال ابن كيران، في رسالة مباشرة للعاهل المغربي الملك محمد السادس: "لما قال سيدنا (الملك) شيء ما ينقصنا"، في خطاب ذكرى عيد العرش ( الجلوس) الـ19، كنت أريد أن أقول له: "نعم سيدي ما ينقصك هو أن يكون معك رجال مخلصون بالشكل المطلوب".

وأضاف ابن كيران أن الشعب المغربي "يعرف ملكه جيدا ويحبه، ويعرف أنه مليء بالنوايا الحسنة، ويريد أن تتقدم بلاده"، واستدرك قائلا: "رغم أنه ملكنا ليس بالضرورة أن نتفق معه على كل شيء، ولكن في العموم ملكنا رجل جيد أنا اشتغلت معه، وأقول لكم : لم تكن بيننا علاقة قبل أن اشتغل معه، وعندما افترقت معه تعلمت أن أحبه، صدقوني، ربما أتكلم معكم وأنا متأثر . إنه رجل محبوب ".

وقال ابن كيران أمام المئات من أعضاء شبيبة الحزب "الطريق طويل، ولقد سرنا الى حد الآن ولله الحمد بخير، ويجب علينا أن نثبت على صراط الله المستقيم".

وزاد موضحا "لا ملكنا ولا بلدنا ولا وطننا، &لن يتنكروا لمن يحسن، وحتى إذا جرى التنكر سوف يكون على خطأ، وسوف يراجع الخطأ في الوقت المناسب"، وذلك في إشارة عدها المراقبون بمثابة نية في عودة ابن كيران مجددا إلى الساحة السياسية.

وجدد ابن كيران التأكيد على موقف حزبه المؤيد للملكية&، وقال " راجعنا بشجاعة موقفنا في وقت لم نكن نؤمن فيه لا بالملكية ولا بالدولة، دون أن يطلب منا أحد أو يتصل بنا أي مستشار ليؤسس معنا حزب"، وأضاف "آمنا بالملكية نظاما لا يصلح غيره لبلدنا واتهمت بالخيانة والعمالة آنذاك، ومازال موقفنا هو هو".&

وأضاف ابن كيران محذرا شباب حزبه "إياكم أن تفرطوا في هذا المنطق، نحن مع ملكية دستورية تحكمها الأعراف والقوانين ومرجعيتها الإسلام والدستور ولكن ضروري أن تتطور معنا"، ومضى موضحا "نحن حل وسط مقبول شرعي ومؤدب ولسنا من أولئك الذين يسمعون الملكية ويزايدون ويتملقون نحن مع الملكية من دون مقابل ولا ابتزاز"، وشدد على القول إن البلاد في حاجة إلى المسؤول الذي "يقف بجانبها في وقت الشدة، &ومثل هؤلاء &هم الذين ينفعون الدول والملكيات"، مشيرا الى انه في 20 فبراير "كانت البلاد ستدخل في مسار مجهول وقررنا أن لا نشارك ، وطالبنا في الآن ذاته بالإصلاح".

وتطرق الى ما صرح&به اخيرا عبد العلي حامي الدين حول الملكية في إحدى ندوات الحوار الداخلي للحزب، وقال: "كلامه لا يليق به، لا يمكن أن نقول بأن الملكية عائق للتنمية، ولكن إذا قال هذه الكلمة نشنقه، هذا غير مقبول. ونعلم انه مستهدف بالباطل وهو شخص يصيب ويخطئ، وهو منا وإلينا ، ولن نسلمه بغير حق".&

وانتقد ابن كيران حزبه حيث قال "لا نريدكم أن تكونوا في الحكومة، نحن نريد الإصلاح في المغرب من أجل أن يجد المواطن العادي غدا نصيبه، ولا نشاهد مظاهر الثراء التي تتجاوز في بعض الأحيان الدول الأوروبية ، ونشاهد مظاهر الفقر المدقع الذي لا ينبغي أن يكون في القرن الواحد والعشرين".

وأضاف "أي كرامة ستكون عند مواطن أو طفل لا يجد مرحاضا في بيته"، معتبرا أن غياب التوازن في المجتمع والتفاوت "يفسد القلوب والعقول وهذا لا يعني أنه ليست هناك جهود تبذل".

وأفاد ابن كيران بأن "هناك أموراً كثيرة تدمي القلب، ويوجد&شباب مغاربة يرمون أنفسهم في البحار، وبنات أسر كريمة تعاطين الدعارة داخل المغرب وخارجه، وهناك فقر مدقع وغير معقول"، وذلك في انتقاد واضح للسياسات الاجتماعية للحكومة والدولة.&

واعترف ابن كيران أنه يعيش ظروفاً نفسية صعبة، وقال "كنت في حالة نفسية صعبة جدا، لا تتصوروا أن عبد الإله ابن كيران جالس في بيته مرتاح البال، انا متأزم وأتابع ما يجري في البلاد، وأرى أنه عليّ الصمت لأن الظروف لا تسمح"، نافيا أن يكون هناك من طلب منه التزام الصمت أو أمره بذلك.

وأضاف "أقول كيف يمكن أن أتصرف وأقول أحيانا أنا سأفترق مع هؤلاء الناس نهائيا، ولكن عندما جئت وشاهدت الطريقة التي استقبلتموني بها تراجعت"، وزاد قائلا "الشباب يكون أقرب إلى الحق والآخرون يرون أن الحق سيصطدم بمصالحهم، ولأن الشباب يميل إلى الحق أريدكم أن تكونوا جزءاً من الحل ".

وأعلن ابن كيران رفضه للمنطق الطائفي حين قال: "أنا ضد المنطق الطائفي الذي يمجد الذات ويعتقد أنه شعب الله المختار، ومضمون أنه يمثل الحق"، وبين أن ما فهمه من المرجعية الإسلامية عكس ذلك "لابد أن نبقى مستيقظين وننظر إلى أنفسنا ونتساءل من نحن؟".

وخاطب ابن كيران شباب الحزب &قائلا إن "الطريق الذي نسير فيه ليس عاديا، نحن لسنا جمعية للغولف ولا الرقص، نحن هيئة مسارها فيه هكذا أو هكذا، يمكن أن تصل إلى الحكومة والبرلمان والسفارة ويمكن أن تذهب إلى السجون والمعتقلات والمقاصل"، حسب تعبيره.

وشن ابن كيران هجوما حادا على رجل الإشهار (الاعلان) والأعمال نور الدين عيوش، من دون ان يسميه، حيث قال: "هناك من يبذل جهدًا خياليًا ويهاجم مرجعيتنا الإسلامية، وحاول النيل من المذهب المالكي الذي هو سر وحدة الأمة المغربية، ويأتي من هب ودب، ويصف مذهب الإمام مالك بالتخلف، فمن تكون حتى تقول ذلك؟".

وزاد ابن كيران مخاطبا عيوش "أنت اصلا لا تعرف اللغة العربية، فكيف تفهم مالك وفقهه"، مسجلا أن حزبه يقبل الإجتهاد المحترم للأصول والأعراف العلمية لأهل التخصص.

واسترسل ابن كيران منتقدا عيوش ، وقال انه "يهاجم اللغة العربية، ويحاول قطع الطريق مع إخواننا في المشرق، هناك أشخاص يشتغلون بالليل والنهار ويحولون دون قيام إصلاح حقيقي في مجال التعليم بالخصوص"، مؤكدا ان ما ذكره مجرد جزء "يسير مما لا يعد ولا يحصى"، حسب قوله.

على صعيد آخر، اعتبر ابن كيران أن الدولة تضيع وقتها في دعم أحزاب غير مؤهلة لإزاحة حزبه، مشيرًا الى انها غير مؤهلة ، وهذا المنطق لن يسانده&الناس الذين يحترمون انفسهم.

وأفاد ان القول بأن حزب العدالة والتنمية سيفوز في الانتخابات المقبلة يبقى علمه عند الله . وقال "نحن انتقدنا عزيز أخنوش، وقلنا له : من هي العرافة التي أخبرتك بالفوز في الانتخابات .. وبالنسبة لاخواننا .. من &قالها لكم، والمستقبل بيد الله. وإذا كنتم في المستوى يمنحكم &الله هذا العز وأكثر منه"، وذلك في انتقاد واضح لرئيس الحكومة، سعد الدين العثماني الذي أكد في تصريحات سابقة أن حزب العدالة والتنمية سيفوز في انتخابات 2021.

وزاد مهاجما إخوانه "أحدهم قال لا يمكننا أن ننجز الإصلاح بعبد الإله ابن كيران لوحده، المهم قوموا بالإصلاح وأرونا &ما أنتم فاعلون من دون ابن كيران، هذا هو التحدي الذي عندكم وليس عبد الإله ابن كيران لوحده"، وأضاف "أنا لم أقل يوما إنني قمت بالإصلاح لوحدي".

وحظي ابن كيران باستقبال كبير من طرف شباب حزب العدالة والتنمية الذين رددوا شعارات وهتافات مؤيدة لعودته، من قبيل: "الشعب يريد ابن كيران من جديد"، و"لا تراجع لا استسلام.. ابن كيران إلى الأمام"، كما رفعوا لافتات وصوراً كتب على بعضها "ابن كيران جزء من الحل".