تعتبر مشكلة الانفجار السكاني من أكثر الملفات التي ترهق الدولة على مدار الأربعين عامًا الماضية، حيث تعتبرها الحكومة عائقًا كبيرًا أمام تقدم البلاد اقتصاديًا، وسببًا رئيسيًا في عدم شعور المواطن بالتحسن في المعيشة منذ تولي الرئيس السيسي حكم البلاد في يونيو 2014، ومؤخرًا أعلنت الدولة عن وضع استراتيجية لمواجهة الزيادة السكانية خلال الولاية الثانية لحكم الرئيس السيسي لمصر.

إيلاف من القاهرة: فشلت الحكومات المتتالية منذ عهد حكم مبارك حتى الآن، في مواجهة ظاهرة الانفجار السكاني، والتي اعتبرتها الحكومات سببًا رئسيًا في تدني المستوى الاقتصادي للأسرة المصرية، ورغم قيام الدولة على مدار الأربعين عامًا الماضية في طرح مبادرات لمواجهة الزيادة السكانية إلا أن جميعها فشلت، حتى بعد ثورتي 25 يناير و30يونيو، ومؤخرًا أعلنت الحكومة المصرية برئاسة الدكتور مصطفى مدبولي عن وضع استراتيجية جديدة لمواجهة ظاهرة الانفجار السكاني، بحيث يتم القضاء عليها بشكل فعلي خلال السنوات الأربع &المقبلة، وسعيًا نحو تحقيق مسعى الحكومة، أعلنت وزارة التضامن الاجتماعي مؤخرًا عن إطلاق مشروع "اتنين كفاية" للحد من الزيادة السكانية، بتكلفة إجمالية تبلغ 100 مليون جنيه، وفقًا لبيان مجلس الوزراء، ويستهدف البرنامج الذي سيجري&تمويله من خلال صندوق إعانة الجمعيات بوزارة التضامن وصندوق الأمم المتحدة للسكان، 1,15 مليون سيدة من السيدات المستفيدات من برنامج "تكافل" الذي تنفذه الوزارة.

ومن المقرر أن يتم تنفيذ المرحلة الأولى من المشروع في 10 محافظات، هي أسوان والأقصر وقنا وسوهاج وأسيوط والمنيا وبني سويف والفيوم والجيزة والبحيرة، والتي تعد الأكثر احتياجًا والأعلى من حيث معدلات الإنجاب وبها أكبر عدد من السيدات المستفيدات من برنامج تكافل.

تدخل الدولة

ومؤخرًا، قال الرئيس عبدالفتاح السيسي، خلال كلمته في مؤتمر الشباب: "كل واحد مسؤول عن الأولاد اللي بيخلفها، ولازم نسأل كل واحد بينجب طفل، هل القدرات المالية تنفق عليهم ولا لأ؟... لو لأ.. يبقى أنت بتظلمهم وربنا هيحاسبك عليهم".

متابعًا: "لو عايزين وظائف للشباب وتعليم جيد وصحة متطورة، لازم نضبط النمو السكاني".

وأوضح الرئيس، أن الدخل الضعيف لدى عدد من الأسر المصرية يجب أن يكون دافعًا لضبط عملية الانفجار السكاني قائلًا: "نحن ننطلق الآن لحل هذه المسألة التي تم تغافلها لسنوات، بسبب ملفات وقضايا أخرى عاجلة".

واستطرد الرئيس خلال فعاليات مؤتمر الشباب السادس: "نحن نريد تنظيم النسل وليس منعه، وكل أسرة عليها تعطي فرصة لنفسها 3 أو 4 سنوات بين كل طفل والآخر، وطفلان للأسرة الواحدة كفاية".

وأضاف: "الدولة تبذل مجهودًا كبيرًا في ملف الزيادة السكانية، ونحتاج لمدى زمني طويل لنشعر بنتيجته"، وأوضح أن الصين ارتفع معدل النمو عندها بعد 12 سنة من إقرار قانون الطفل الواحد نحو 12%، لكي يشعر الشعب الصيني بالرخاء.

الكثافة السكانية

وبحسب تقارير التعبئة والإحصاء، وصل تعداد سكان مصر إلى 92,75 مليون نسمة بالداخل، بالإضافة إلى 8 ملايين نسمة بالخارج، وبالتالي تعدى تعداد مصر رسميًا لـ100 مليون نسمة.

وأن معدل الزيادة الطبيعية وصل إلى 2,4%، ومعدل الزيادة الطبيعية في الصين0,5‰ فقط، أي أن مصر تحظى بمعدل زيادة 5 أمثال الصين، كما أوضح التقرير أن أكبر المحافظات تعدادًا بالسكان هي محافظة القاهرة بـ9,4 ملايين، ثم الجيزة 8 ملايين نسمة.

ووفقًا للبيانات الصادرة عن التعبئة والإحصاء أيضًا في تعداد سكان مصر لعام 2017، بلغت نسبة الذكور من إجمالي عدد سكان مصر 51,6%، مقابل 48,4% نسبة الإناث، فيما بلغت نسبة النوع 106 ذكور لكل 100 أنثى، وأكد الجهاز في بياناته أن المجتمع المصري يعتبر مجتمعا فتيًا، حيث تشكل الفئة العمرية أقل من 15 عامًا نحو ثلث السكان بنسبة 34,2%، حيث شكلت الفئة العمرية أقل من 4 سنوات نسبة 13%، والفئة ما بين 5-9 سنوات بلغت 11,1%.

&خفض الخصوبة

وعلى مدار العامين الماضيين، فقد وضعت الحكومة المصرية خطة لمواجهة الزيادة السكانية تسعى لتحقيقها خلال الفترة المقبلة،وتشمل استراتيجية مواجهة الخطر السكاني عددًا من النقاط؛ أبرزها خفض معدل الخصوبة الكلية للمرأة من 3,1 اطفال&لكل سيدة إلى 2,9 طفل فقط، توفير وسائل تنظيم الأسرة في المناطق الأكثر احتياجًا، وخفض معدل التوقف عن استخدامها من 27,5% إلى&25,5%، ورفع وعي العاملين بالجهاز الحكومي بخطورة الزيادة السكانية.

كما بدأت الحكومة المصرية في تدشين أكبر حملة قومية لحث المقبلين على الزواج والمتزوجين حديثًا بضرورة تنظيم النسل، والاكتفاء بطفلين فقط.

الحملة تتضمن أيضًا قيام وزارة الصحة عن طريق طب الأسرة المنتشر في قرى ونجوم المحافظات بالترويج لوسائل منع الحمل بالنسبة للرجال، ولأول مرة تستهدف وزارة الصحة الرجل باعتبار أن قرار الإنجاب في يده،

وقامت وزارة الصحة بتوفير وسائل منع الحمل للسيدات والرجال ومنها الأقراص والحقن والوسائل الموضعية واللولب النحاسي، وكبسولات تحت الجلد للسيدات والواقي الذكري للرجال، ولكل وسيلة منها مدة فعالية معينة، وقامت الوزارة بتنفيذ حملات قومية لتنظيم الأسرة في جميع المحافظات لتقديم الخدمات ووسائل تنظيم الأسرة مع الترويج للوسائل طويلة المفعول من لولب وكبسولات".

حملات توعية

كما رصدت الحكومة لعدد من المحافظات بالوجه القبلي والبحري مبلغ مليار جنيه، لتنظيم حملات توعية ضد خطورة الزيادة السكانية، حيث تقرر قيام قوافل طبية تجوب القرى ومراكز المحافظات لحث المتزوجين حديثًا بالاكتفاء بإنجاب "اثنين فقط ، كذلك توعية الزوجات على ضرورة تناول وسائل منع الحمل بانتظام .

مواجهة حقيقية

في السياق ذاته، قالت الدكتورة إيمان عبد الحكيم، أحد المشاركين في مبادرة وزارة التضمان "إن الحكومة عازمة على مواجهة الزيادة السكانية في المحافظات الأكثر إنجابًا، وهي أسوان والأقصر وقنا وسوهاج وأسيوط والمنيا وبني سويف والفيوم والجيزة والبحيرة".

مشيرة إلى أن استراتيجية الحكومة في مواجهة الانفجار السكاني تعتمد على توفير جميع وسائل منع الحمل مجانًا في عيادات طب الأسرة، كما سيتم توزيع برشام جديد يستخدم فور حدوث العلاقة الزوجية بشكل فجائي، في حالة عدم تناول الزوجة وسائل مانعة للحمل.

كما تتضمن الاستراتيجية تنظيم حملات توعية طبية وثقافية ودينية تجوب القرى والنجوع بالمحافظات لعقد جلسات نقاشية مع السيدات لحثهم على تنظيم النسل وأهمية تباعد سنوات الحمل.

وأكدت الدكتورة إيمان عبد الحكيم، لـ"إيلاف"، أنه ينتظر حدوث نتائج إيجابية ملموسة لاستراتيجية الدولة الجديدة خلال السنوات الأربع&المقبلة، حيث ينتظر في 2020 خفض معدل الخصوبة الكلية للمرأة من 3,1 اطفال&لكل سيدة إلى 2,9 طفل فقط، خلال المحافظات العشر&التي تقرر بدء مواجهة ظاهرة الزيادة السكانية خلالها.&