دعت منظمة حقوقية دولية البرلمان العراقي الجديد اليوم الى اقرار مشروع قانون حظر العنف الاسري فورا بعد اجراء تعديلات عليه تعزز من فوائد تنفيذه، محذرة من ان هذا العنف مازال مشكلة كبيرة في العراق، واعتبرت ان القانون ليس مثاليا وفيه العديد من الشوائب، لكن يمكن تحسينه، وطالبت السلطات بفرض عقوبات واضحة على جريمة العنف الأسري.&

وشددت منظمة "هيومان رايتس ووتش" في تقرير لها الخميس تابعته "إيلاف" على ان جريمة القتل المروعة لامرأة عراقية في منزلها مؤخرًا يجب أن تدفع البرلمان العراقي الجديد، فور تشكيله، إلى إقرار مشروع قانون مناهضة العنف الاسري المعلق منذ 2015.
ووفقا لوسائل اعلامية عراقية وعربية، فإن الاسوع الماضي شهد اعادة عريس عروسه إلى والديها بعد يوم من زفافهما، بحجة أنها لم تكن عذراء. تدعي تقارير وسائل الإعلام أنه، عند سماع الاتهام، ضربها أحد أفراد أسرتها حتى الموت، فيما اعتقلت الشرطة المعتدي.

لا شرف في جرائم القتل الوحشي

واشارت المنظمة الى انه على الرغم من أن القاتل سيُحاكم على الأرجح على جريمته، فقد تُخفّف عقوبته بموجب نص في قانون العقوبات العراقي يسمح بأحكام مخففة في أعمال العنف - بما في ذلك القتل - لما يسمى بـ "البواعث الشريفة".. واستدركت بالقول لكنه "لا يوجد "شرف" في مثل هذا القتل الوحشي الذي لا داعي له. علاوة على ذلك، فإن الضحية لم تكن سوى واحدة من مئات النساء والاطفال، الذين يعانون من العنف على أيدي عائلاتهم في العراق كل عام".

واوضحت ان في حال اقراره، سيُلزم قانون العنف الأسري الجديد في العراق الحكومة بحماية الناجين من هذا النوع من العنف، عبر إصدار أوامر التقييد والعقوبات على خرقها، وإنشاء لجنة مشتركة بين الوزارات لمكافحة العنف الأسري. كما يتطلب القانون من الحكومة توفير الملاجئ ليكون لدى النساء المعرضات لخطر العنف مكان آمن، إذا أُجبرن على الفرار من منازلهن.

ليس مثاليا لكن يمكن تحسينه

واعتبرت ان مشروع القانون ليس مثاليا، وفيه العديد من الشوائب، ويمكن تحسينه ، بما في ذلك تفضيل الأسر التصدي للعنف من خلال "لجان المصالحة" بدلا من الملاحقة القضائية.. وقالت لكنه على السلطات العراقية أيضا أن تفرض عقوبات واضحة على جريمة العنف الأسري، وأن تغلق الثغرة القانونية التي تسمح للمعتدين بالحصول على عقوبات مخففة لما يسمى بجرائم "الشرف"، إذ تجاهل مشروع القانون هذه النقطة.

واكدت انه إذا حُسّن مشروع القانون، سيكون أفضل فرصة أمام البرلمان العراقي الجديد للتصدي لآفة العنف في المنزل، والوفاء بالتزاماته القانونية الدولية بشأن العنف الأسري، وإنقاذ عدد كبير من النساء والأطفال العراقيين.

ويشير نص مشروع القانون الى إنشاء مراكز إيواء حكومية، لكن خبراء يقولون إن على القانون المطالبة بالتنسيق مع منظمات حقوق المرأة المحلية في إدارة وتدريب وتشغيل هذه المراكز، والسماح بتشغيل مراكز الإيواء التي تديرها جهات خاصة للناجيات من العنف الأسري. قالت هيومن رايتس ووتش إن لهذا الأمر أهمية خاصة نظرًا لأن منظمات حقوق المرأة غير الحكومية – التي توفر هذه الملاجئ – كثيرا ما عانت من اعتداءات وتهديدات من معتدين، وواجهت عداوة بعض المسؤولين الحكوميين.

وطالما دعت منظمات حقوق المرأة في العراق لسنوات إلى تشريع للعنف الأسري، حيث يحظر الدستور العراقي صراحة "كل أشكال العنف والتعسف في الأسرة"، لكن إقليم كردستان العراق هو الوحيد الذي به قانون يجابه العنف الأسري.&

اتفاق على عدم تعارض القانون مع مبادئ الاسلام

وأعرب بعض نواب البرلمان عن قلقهم من احتمال أن يكون مشروع القانون ضد مبادئ إسلامية لكن منظمات حقوق المرأة وبعض النواب الآخرين اجتمعوا في فبراير&2017 مع رجال دين بارزين في النجف، جنوب بغداد، وتوصلوا لعدم وجود اعتراضات على المشروع، كما أن معظم الدول ذات الأغلبية المسلمة خارج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا اعتمدت تشريعات مماثلة.

العنف الاسري مشكلة كبيرة في العراق

ويعتبر العنف الأسري ظاهرة عالمية وما زال مشكلة كبيرة في العراق، وقد توصل " مسح صحة الاسرة العراقية لعامي 2006 و2007 الى ان "واحدة من كل 5 نساء عراقيات تتعرض للعنف الأسري البدني .. كما توصلت دراسة لوزارة التخطيط صدرت عام 2012 أن 36 بالمائة من النساء المتزوجات أبلغن بالتعرض لشكل من أشكال الأذى النفسي من الأزواج، وأبلغت 23 بالمئة بالتعرض لإساءات لفظية، و6 المئة بالتعرض للعنف البدني، و9 بالمئة للعنف الجنسي وفي حين لا تتوفر دراسات وطنية أحدث، تستمر منظمات حقوق المرأة في الكشف عن معدلات عالية للعنف الأسري.

عروس النجف المغدورة

وفي الثالث من الشهر الحالي، اهتزت مواقع التواصل الاجتماعي في العراق على وقع مقتل شابة على يد شقيقها بعدما قال زوجها إنها ليست عذراء ليثبت تشريح الجثة فيما بعد عكس ذلك.

وقالت الناشطة النسوية مريم المندلاوي لبي بي سي إن فصول جريمة التي وقعت في محافظة النجف &بدأت بعدما أعاد رجل زوجته إلى بيت أهلها، بعد 10 أيام من زفافه بحجة أنها ليست بكراً . وأضافت بأن &والد الفتاة توفي إثر جلطة مفاجئة عند سماعه الخبر في حين قام أخوها بضربها على رأسها بآلة حادة &و أرداها قتيلة .

وقد فتحت قصة فتاة النجف النقاش مجددًا حول ما يعرف بجرائم الشرف أو غسل العار وغياب الثقافة الجنسية في العالم العربي .وقد تعاطف نشطاء على فيسبوك مع الفتاة وناشدوا السلطات بتعديل القوانين لضمان عدم إفلات مرتكبي جرائم الشرف من العقاب.

&وكان تحالف الدفاع عن حقوق الإنسان أطلق في مارس الماضي حملة "خليك سندها" للمطالبة بوضع حد للعنف ضد المرأة بعد مقتل عدة فتيات بحجة الحفاظ على شرف العائلة.
وقد أدرج مجلس النواب العراقي مشروع قانون لمكافحة العنف الأسري على جدول أعماله منذ 2015، إلا أنه لم يتم إقراره حتى الآن.
&