أسامة مهدي: فيما أكدت قوى وشخصيات شيعية موالية لطهران رفضها لتنفيذ العراق العقوبات الاميركية ضد ايران، فقد اعلن في بغداد رسميا عن ايقاف التحويلات المالية العراقية اليها تنفيذا للعقوبات، واتجاهه الى السعودية والكويت للتزود بالطاقة الكهربائية التي اوقفتها ايران عنه.

أوقفت السلطات المالية العراقية التحويلات المصرفية بين البنوك العراقية والإيرانية وشُلّت الحركة التجارية بسبب العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على إيران.&

ودفعت هذه العقوبات الحكومة العراقية للتوجه نحو الأسواق الخليجية لسد الحاجة الى مصادر الطاقة والسلع الاستهلاكية تفادياً لأية انعكاسات سلبية في الأسواق الداخلية، حيث تواصل الحكومة العراقية مشاورات غير معلنة مع المملكة العربية السعودية والكويت لتوريد الطاقة الكهربائية والسلع التجارية المهمة إلى البلد. ويتجاوز حجم التبادل التجاري بين بغداد وطهران حاليا العشرة مليارات دولار سنوياً.

البحث عن مصادر بديلة

وقال مظهر محمد صالح المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي إن "الحكومة العراقية بدأت تبحث عن مصادر بديلة للطاقة الإيرانية جرّاء العقوبات الاقتصادية المفروضة من قبل الولايات المتحدة الأميركية على إيران"، مبيناً في تصريح لصحيفة "المدى" البغدادية اليوم أن هذه البدائل ستقلل من حجم الضرر الناجم عن العقوبات الاقتصادية على طهران في السوق العراقية".

وجاء الاجراء العراقي بوقف التحويلات المصرفية الى ايران بعد اعلان العبادي الثلاثاء الماضي ان العراق لا يؤيد العقوبات لأنها خطأ استراتيجي "لكننا مجبرون على احترامها". واشار الى أن "العراق ضد العقوبات الدولية وهناك تجربة في العراق أدت إلى إضعاف البلد والشعب".

وقال "لن نتفاعل مع العقوبات لكننا سنلتزم بها لعدم تعريض العراقيين للضرر ولحماية شعبنا لا نستطيع الخروج عن المنظومة الدولية والخاصة بالاقتصاد العالمي، ولن نستطيع إيقاع الضرر بمصالح شعبنا لكن موقفنا من العقوبات اعدها ظالمة بحد كبير".

وأعاد الرئيس الأميركي دونالد ترمب الثلاثاء الماضي فرض عقوبات شاملة وجديدة على إيران بعد انسحابه من الاتفاق النووي المبرم معها في عام 2015 لإجبار طهران على الموافقة لعقد اتفاق جديد يهدف إلى إيقاف نشاطها النووي.

الخزانة الاميركية تخاطب المركزي العراقي

وكانت الخزانة الأميركية قد أرسلت خطابا إلى البنك المركزي العراقي يلزم المصارف العراقية بإيقاف تعاملاتها مع المصارف والبنوك الإيرانية مهدّدةً بـ"تجميد أموال المصرف ووضعه في القائمة السوداء في حالة مخالفته التعليمات الصادرة عن الخزانة الأميركية".

واشار صالح الى أن "الحكومة تتّجه صوب دول الخليج وتحديداً المملكة العربية السعودية والكويت لتعويض حاجتها من الطاقة مع الاعتماد على تطوير صناعة الغاز والكهرباء محلياً".. مؤكداً أن "المشاورات مع الكويت والسعودية مستمرة ولن تتوقف".

وأقر مستشار العبادي أن "العقوبات الأميركية المفروضة على إيران ستنعكس سلباً على حجم النشاط التجاري بين طهران وبغداد".. مؤكداً "توقف التحويلات المالية بين البلدين". واوضح أن "إيران تعدّ أكبر دولة مصدّرة للبضائع الاستهلاكية اليومية إلى العراق، إضافة إلى استيراد وتجميع السيارات الإيرانية، حيث يصل عدد العاملين في مصانع تجميع السيارات قرابة 5 آلاف عامل عراقي".. لافتاً إلى أن "عدد الزائرين الإيرانيين الى المراقد المقدسة في العراق يصل إلى ثلاثة ملايين زائر سنويا يدفع كل منهم 40 دولارًا رسم دخول الى العراق".

موالون لايران يرفضون تنفيذ العراق للعقوبات

ومن جهتها، اكدت قوى وشخصيات عراقية مؤيدة لايران عن معارضتها لالتزام العراق بالعقوبات الاميركية على طهران منتقدة بعنف موافقة العبادي على الالتزام بها.

فقد أعلنت وزارة الخارجية العراقية رفض العراق الحصار على أية دولة، وقال المتحدث باسمها احمد محجوب في بيان إن "العراق يرفض مبدأ الحصارات على أية دولة والتي تلحق الضرر بالدرجة الاساس على شعوبها بمختلف شرائحها الاجتماعية كما يستحضر العراق مواقف الجارة إيران المشرفة في الوقوف الى جانبه في الازمات"، وحذر من ان "ما من ضرر يلحق ببلد من البلدان الا وينعكس سلبا على امن واستقرار المنطقة برمتها".

وأضاف أن "وزارة الخارجية تشيد بموقف الجمهورية الاسلامية مع العراق في مواجهته ضد الإرهاب ودعمها له"، داعياً المجتمع الدولي الى "الضغط من اجل ثني الادارة الاميركية عن الاستمرار بهذه العقوبات".

وأشار الى ان "انعكاس العقوبات السلبي سيكون كبيرًا على العراق والمنطقة بأسرها من النواحي الاقتصادية والاجتماعية، كونها دولة جوار جغرافي مهمة".

اما نائب رئيس الجمهورية زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، فقد دعا الحكومة العراقية بأن لا تكون طرفا في العقوبات الاميركية على ايران، معتبرا انها تشكل انتهاكاً للقانون الدولي.

وقال المالكي في بيان إنه "في الوقت الذي تتطلع فيه شعوب منطقتنا ودول العالم إلى التخلص من تبعات الأحادية القطبية، فإن ما صدر من عقوبات أميركية على الجارة ايران يعد انتهاكا صارخا للقانون الدولي".

وأضاف: "من هذا المنطلق نؤكد رفضنا واستنكارنا للعقوبات الأميركية المفروضة على الجمهورية الاسلامية الإيرانية وكل عقوبات احادية على الشعوب"، داعيا الحكومات في المنطقة والعالم الى "رفضها لان الحصار والمقاطعة والإكراه، إجراء غير صحيح أو قانوني، ويعد عملا انتقاميا، وتعسفيا، خارج الشرعية الدولية ولا مبرر له طالما تنفيذه قد جرى خارج نطاق منظمة الأمم المتحدة، كما لا يمكن أن يكون مشروعا وهو يستهدف تجويع شعب مسلم صديق ومحاربة نظام الجمهورية الاسلامية، الدولة العضو في الامم المتحدة".

وقال "بالامس القريب عارضنا العقوبات التي فرضت على &سوريا واليوم نرفضها ضد إيران وندعو الحكومة العراقية ان لا تكون طرفا في هذه العقوبات، ونطالب الحكومات في العالم والمنظمات الانسانية بإيقاف تلك الإجراءات العقابية ضد الشعب الايراني الصديق وسرعة التحرك لمعالجة الانتهاكات وما يترتب على ذلك من وضع انساني وحقوقي مأساوي"، على حد قوله.

ومن جهتها، قالت مليشيا حركة عصائب اهل الحق &بزعامة قيس الخزعلي الموالية ان ما أصدرته الادارة الاميركية من عقوبات ضد ايران يشكل انتهاكًا للقيم والاعراف الانسانية والقانونية.

واشارت في بيان الى ان "المحافظة على حيادية العراق وان لا يكون جزءاً من المحور الإيراني&لا تعني&دفعه لان يكون جزءا من المحور الاميركي ويكون تابعا له في قراراته الأحادية".

وقالت "ناسف لموقف من رئيس الوزراء العراقي بالالتزام بالعقوبات ونعتقد انه لم يكن محتاجا لإلزام نفسه والزام الدولة العراقية بمثل هكذا التزام وخصوصًا ان حكومته تعمل خارج فترتها الانتخابية وبدون غطاء برلماني، وبالتالي لاتخاذ قرارات بهكذا أهمية".. مؤكدة ان "هذا الموقف هو غير ملزم للحكومة المقبلة، والتي نأمل منها ان تكون قراراتها مبنية دائمة على مراعاة سيادة العراق ومصلحته، وان لا تكون تابعة لإدارة ترمب الهوجاء في المنطقة والعالم".

اما زعيم تيار الحكمة الوطني عمار الحكيم، فقد دعا الحكومتين الايرانية والاميركية للجلوس الى طاولة حوار جدي يجنب تعقيد الخلافات بين البلدين وتجويع شعوب المنطقة. وقال الحكيم في بيان إن "التصعيدَ في العلاقةِ بين الولايات المتحدة والجمهوريةِ الإسلامية الإيرانية لا يصب في مسارِ تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، وتحقيق تطلعاتِ شعوبها في التنميةِ والازدهار، وهذا ما اكدنا عليه مراراً".

واضاف "واليوم إذ تدخلُ العقوبات&الأميركية القاسية ضدَّ الجمهورية الإسلامية الإيرانية حيزَ التنفيذ وهو ما عبرتْ العديد من دولِّ العالم عن رفضها لها، فإنَّنا نؤكدُ أنَّ منطقَ الحصار والعقوبات سيقودُ إلى مزيدٍ من التعقيدِ للخلافات، ويؤثر سلباً على حياةِ الشعب الإيراني وشعوب المنطقة".

ودعا الحكيم "إلى مغادرةِ سياسات التصعيد وتجويع الشعوب والتوجه نحو حوارٍ جدي ومثمر بين الطرفين من أجلِّ خير المنطقة والعالم".

وشملت الحزمة الاولى التي انطلقت الثلاثاء الماضي عقوبات على القطاعات المالية والتجارية وستليها حزمة أخرى في&نوفمبر المقبل تستهدف الطاقة وأبرزها "النفط عصب الاقتصاد".

وقالت وزارة الخزانة الأميركية إن "الحزمة تشمل حظر شراء الدولار الأميركي على النظام الإيراني".

وتطال العقوبات الأميركية على إيران قطاعات حيوية مثل صناعة السيارات وتجارة الذهب والمعادن الثمينة في البلاد.
وبموجب العقوبات، ستمنع إيران من الحصول على الحديد والألمنيوم لصناعاتها، وأن تجري&المعاملات التجارية المهمة اعتمادًا على الريال الإيراني في البيع أو الشراء.