الليرة التركية

Getty Images

تصعيد التوتر بين أنقرة وواشنطن

فقدت العملة التركية حوالي 20% من قيمتها لتسجل أقل هبوط مقابل الدولار الأمريكي، يوم الجمعة، في ظل توتر علاقات أنقرة مع الولايات المتحدة الأمريكية، لكن الرئيس، رجب طيب أردوغان، قد أكد أن "بلاده ستخرج منتصرة في هذه الحرب الاقتصادية".

وقال الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، إنه ضاعف تعرفة الفولاذ والألمنيوم على تركيا، مشيرا إلى أن العلاقات بين حلفاء الناتو "ليس جيدة".

وقد تزامن تذبذب الليرة التركية مع تصاعد الخلاف مع واشنطن للمرة الأولى منذ الغزو التركي لقبرص عام 1974 وهو ما لم يساعد في تحسن الوضع حتى الآن.

وسجلت عمليات شراء الدولار ست ليرات وحوالي نصف الليرة في منتصف يوم الجمعة، وهو ما شكل خسارة لقيمة الليرة بحوالي عشرين بالمائة.

ويقول المدير العالمي لقسم أبحاث أسواق واستراتيجيات العملات في موقع "إف إكس تي إم تايم" للتبادل التجاري، جميل أحمد: "إن الليرة التركية في أزمة حقيقية، وذلك نتيجة لاهتزاز ثقة المستثمرين في الأصول التركية وبلوغها مستوى مقلقا".

وتعد أزمة انهيار الليرة من أقوى الأزمات الاقتصادية التي يواجهها اردوغان منذ توليه السلطة عام 2003 في أعقاب أزمة مالية شهدتها البلاد قبل ذلك بعامين وتسببت في تراجع الاقتصاد التركي.

تركيا تمدد سجن قس أمريكي تتهمه بدعم غولن

7 ملفات وراء الخلافات بين أنقرة وواشنطن.. تعرف عليها

تركيا والولايات المتحدة: تحالف مستقر أم خلاف متصاعد؟

معركة وطنية

لكن أردوغان الذي التزم الصمت على غير عادته لمدة طويلة، حث الأتراك على الأخذ بزمام الأمور قائلاً: "إذا كان لديكم دولارات أو يوروهات أو ذهب تحت الوسادة، اذهبوا إلى المصارف لتبديلها بالليرة التركية، إنها معركة وطنية"، وأضاف: "هذا سيكون بمثابة رد على من أعلنوها حرباً اقتصادية". منحيا باللائمة في الصعوبات التي يتعرض لها اقتصاد تركيا على ما وصفه بـ "التآمر حول نسبة الفوائد" سعياً للدفع باتجاه نسب فوائد أعلى.

وقد أثار أردوغان استنكاراً بقوله: "إذا كانت لديهم الدولارات، فلدينا شعبنا ولدينا حقنا ولدينا الله!"

وقد حافظت العلاقات التركية-الأمريكية على توترها منذ اعتقال رجل الدين الأمريكي ، آندرو برنسون، خلال العامين الماضيين فضلا عن قضايا خلافية أخرى.

وصعّد ترمب من انتقاداته عبر تغريدة جديدة على موقع تويتر حول الأسواق المالية وتأثير تركيا عليها، قائلاً: "لقد ضاعفتُ للتو التعرفة الجمركية على الفولاذ والألمنيوم فيما يخص تركيا وعملتها، الليرة، التي انحدرت بسرعة كبيرة مقابل دولارنا القوي جداً.

علاقاتنا مع تركيا ليس جيدة في الوقت الحالي".

لكن أردوغان قال إن الأتراك يجب أن لا يقلقوا من تذبذبات معدلات الصرف موضحاً أن :"الدولار وغيره لن يقطع علينا الطريق"، وأضاتضخم وصل إلى ما يقارب 16%، لكن المصرف المركزي ما يزال مترددا في رفع نسب الفوائد بالمقابل. ف أن لدى تركيا بدائل "من إيران إلى روسيا إلى الصين وبعض الدول الأوروبية".

قد لا يثير ذلك المخاوف

اعترى الأسواق قلق شديد بخصوص مصير السياسة الاقتصادية الداخلية تحت حكم أردوغان مع تضخم وصل إلى ما يقارب 16%، لكن المصرف المركزي ما يزال مترددا في رفع نسب الفوائد بالمقابل.

ويقول كبير الخبراء الاقتصاديين في شركة "يو بي إس" للخدمات المالية المختص بالأسواق الصاعدة في أوروبا والشرق الأوسط وشمال إفريقيا، جيوركي كوفاكس، إن معدلات ارتفاع عملاقة بواقع 350 - 400 نقطة ستكون "متوائمة مع مستويات النسب الحقيقية التي ساعدت في السابق على تحقيق استقرار العملة".

المصرف المركزي التركي

AFP

تضخم بنسبة 16% والمصرف المركزي التركي ما يزال متردداً في رفع نسب الفوائد

وحذر كوفاكس من أن "ارتفاع النسب وحده قد لا يثير المخاوف حول التوتر ما بين تركيا والولايات المتحدة ، أو حول احتمال تصعيد أكبر".

ويبقى من غير الواضح ما إذا كان المصرف المركزي التركي مستعداً لرفع نسب الفائدة بشكل كبير، ولا سيما مع خضوع المؤسسات المستقلة اسمياً، حسب رأي المحللين، لتأثير أردوغان الذي يريد أن تبقى نسب الفوائد منخفضة.

يذكر أن اردوغان قد أحكم، بعد فوزه الكاسح بالانتخابات في شهر يونيو/حزيران، سيطرته على المصرف المركزي وعيّن صهره، بيرات البيراك، وزيراً للمالية ً.

وحسبما يقول كبير الخبراء الاقتصاديين في الأسواق الصاعدة في شركة "كابيتال إيكونوميكس" للأبحاث الاقتصادية في لندن، ويليام جاكسو، فإن : " تعزيز موقع أردوغان في إطار النظام الرئاسي يعزز الغموض حول مدى قدرة صانعي القرارات على تحقيق استقرار اقتصادي".

سرعة هائلة

أسعار الصرف

Getty Images

تصاعدت المخاوف، يوم الجمعة، بعد تقرير أصدرته صحيفة "فاينانشال تايمز" يفيد بأن الجناح المشرف في المصرف المركزي الأوروبي قد بدأ الأسابيع الماضية النظر عن كثب إلى مدى انكشاف دائني منطقة اليورو لتركيا.

وقال التقرير إن الوضع لا يُعد "حرجاً" لحد الآن، لكن تعد كل من المجموعة المصرفية الإسبانية "بي بي في إيه" والإيطالية "يونيكريدت" والفرنسية "بي إن بيه" مكشوفة لتركيا.

ومع اقتراض كثير من الشركات التركية بالدولار، تواجه المصارف مخاطرة عامة أعلى، إذ يقول رئيس المحللين في أسواق "سي إم سي" البريطانية، مايكل هيوسن: "لطالما نظر المستثمرون إلى أزمة العملة الحالية في تركيا كصعوبات محلية، لكن يبدو أن استمرار الانخفاض السريع يثير القلق حول انكشاف المصارف الأوروبية للنظام المصرفي التركي".

من جهته، أعلن بيرات البيراك ما وصفه بـ "نموذج اقتصادي جديد" لتركيا، لكنه ركز على المسائل الاقتصادية الأوسع وأكد على مكافحة أزمة العملة.

ولم يأخذ تدهور الليرة حيزاً كبيراً على شاشات التلفزة والصحف التركية، والتي تكنّ الولاء للحكومة بعد أن تغير مالكوها مؤخراً، وبدل ذلك انصبّ تركيز الإعلام على فيضانات البحر الأسود.

-----------------------------------------------------

يمكنكم استلام إشعارات بأهم الموضوعات بعد تحميل أحدث نسخة من تطبيق بي بي سي عربي على هاتفكم المحمول.