صبري عبد الحفيظ: تتصدر الدول العربية تقارير منظمات المجتمع المدني الدولية، لاسيما تلك التي تهتم برصد انتهاكات حقوق الإنسان، وتتعرض دائمًا للاتهامات تتعلق بعدم النزاهة وغياب الحيادية والشفافية وتسييس الحقوق والحريات.

وأعرب قراء "إيلاف" عن اعتقادهم أن التقارير التي تصدرها المنظمات المدنية سواء المحلية أو الدولية تتسم بأنها غير دقيقة، بل إنها "مفبركة".

طرحت "إيلاف" السؤال التالي على القراء: "كيف تقيم تقارير منظمات المجتمع المدني في العالم العربي؟ وخيرتهم بين كونها "مفبركة" و"موضوعية".

أعلنت الأغلبية من القراء المشاركين في الاستفتاء الانحياز إلى خيار "مفبركة"، وتقدر بـ55%، بينما تعتقد الأقلية وتقدر بـ45% أنها تقارير تتسم بالموضوعية.

تتعامل الحكومات العربية من الخليج إلى المحيط، مع التقارير الحقوقية الصادرة عن المؤسسات المدنية الدولية أو المحلية بحساسية شديدة، وتطلق عليها العديد من الأوصاف، منها: "مسيسة" و"مشبوهة" و"ممولة من الخارج" و"استخباراتية" أو "إخوانية".

وأحدث تقرير أصدرته مجموعة من المنظمات المصرية العاملة بالخارج وأخرى أجنبية منذ أيام، حول تصدير فرنسا معدات إلى مصر لمراقبة النشطاء، الكثير من الجدل والغضب لدى السلطات المصرية، ووصف رئيس لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان، علاء عابد، &التقرير بأنه "عدائي".

وقال إن "بعض المنظمات الحقوقية تتخذ من الخارج مقرا لها لمهاجمة مصر ومحاولة الإضرار العمدي بمصالحها الدولية من خلال نشر تقارير حقوقية مليئة بالمغالطات والافتراءات على الدولة".

وأضاف في تصريح رسمي، أن "مناقشة قضايا حقوق الإنسان لا يمكن أن يكون باستعداء الدول الأجنبية ضد المصالح الوطنية المصرية"، مستنكرًا أن "يكون على رأس هذه المنظمات مصريين يعلمون تمام العلم ماذا يواجه الوطن من تهديدات داخلية وخارجية في منطقة تشهد نزاعات داخلية وحروب بالوكالة ونمو غير مسبوق في حركات التطرف".

وتابع: "4 منظمات حقوقية وهى "الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان، ومركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، ورابطة حقوق الإنسان، ومرصد الأسلحة" تتخذ من أوربا مقرا لها أصدرت تقريرا تهاجم فيه الحكومة الفرنسية لدعمها الدولة المصرية فى حربها ضد الإرهاب وتدعى كذبا أن فرنسا تصدر لمصر أدوات رقمية لمراقبة المواطنين والقضاء على كافة أشكال المعارضة".

وأضاف: "تتضح النوايا الخبيثة للمنظمات الأربعة في ادعائها الكاذب بأن مصر تستخدم التكنولوجيا الحديثة في استهداف المعارضة وليس في حربها ضد الإرهاب، ومطالبتها بوقف تزويد مصر بهذه التكنولوجيا، وتتناسى هذه المنظمات الحرب الشرسة التي تقودها مصر ضد التنظيمات الإرهابية، والحفاظ على مقدرات الوطن وسلامة مواطنيه وحماية أراضيه".

ولفت إلى أن الهدف الأساسي من إقامة الجمعيات الأهلية ومنظمات حقوق الإنسان في مصر هو صالح المجتمع، إلا أن القليل منها مأجور وممول من الخارج، من أجهزة استخباراتية وتحولت إلى ممارسة العمل السياسي بعيداً عن الهدف من انشائها وهو الحفاظ عن حقوق الإنسان؛ وذلك بهدف تهيئة الرأي العام للدخول في حروب دولية.

وقال إن من بين المنظمات الممولة العفو الدولية، وهيومان رايتس ووتش، والكرامة القطرية؛ للضرب في الدولة المصرية من خلال إصدار تقارير "مفبركة" تشكل حربا على الدولة بمفهومها الحديث.

وفي المغرب، اتهم الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني والناطق الرسمي باسم الحكومة، المصطفى الخلفي، منظمات المجتمع المدني بأنها تقود " حملات تشهيرية ضد المغرب".

وأعرب الخلفي، في ندوة صحافية منذ فترة، عن "غضب الحكومة المغربية من حيف المنظمات الحقوقية الدولية، التي لا تأخذ برأي المؤسسات الرسمية المغربية خلال بلورتها لتقاريرها وتقتصر على اعتماد رواية أو رأي طرف واحد. والحال أن الإنصاف والمحايدة والموضوعية المفترضة في مثل هذه المؤسسات تفرض الاستماع لكافة الأطراف، الرسمية وغير الرسمية".

وبالمقابل، يرى الناشط الحقوقي محمد يوسف، أن غالبية الأنظمة العربية لا تؤمن بالحقوق أو الحريات وتنظر إلى الشعوب بمنظور "أبوي"، وتراها هبة وتعطف من الحاكم وليس حقوقًا مشروعة، مشيرًا إلى أن التقارير التي تصدرها تصدرها المنظمات الحقوقية سواء المحلية أو الدولية تتسم بقدر كبير من الشفافية والموضوعية، وتتحدث عن حالات اعتقال وتعذيب واختفاء قسري واضهاد أو استهداف للمعارضة، وهو ما يحصل بالفعل.

وأضاف لـ"إيلاف" أن هذه التقارير ليست وليدة الصدفة، وليست مبنية على أوهام، بل على حقائق، ولكن بعض هذه التقارير تتسم بـ"التسييس" في بعض الأحيان، ويتم التركيز فيها على دول دون غيرها، منوهًا بأن المنظمات الدولية تتجاهل مثلًا انتهاكات حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية، التي تقوم بها السلطات الإسرائيلية، كما تتجاهل انتهاكات الشرطة الأميركية، وفي المقابل تركز على ما يحصل في مصر والسعودية والدول العربية الأخرى التي تعاني من الفوضى ومنها سوريا وليبيا واليمن، بغرض ممارسة ضغوط على السلطات الحاكمة فيها.

بينما يرى السفير مصطفى عبد العزيز، مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن قضايا حقوق الإنسان لها صبغة دولية، ولكن الدول الغربية تستغلها من أجل التدخل في شؤون الدول الأخرى، لاسيما الدول العربية والإسلامية.

وأضاف لـ"إيلاف" أن المنظمات الدولية تحصل على تمويلات من شركات دولية وحكومات غربية، ولا تصدر التقارير عن حسن نية، بل تستغلها من أجل إثارة القلاقل في بعض الدول، تحت ذريعة الدفاع عن حقوق الأقليات أو الطوائف أو حتى المثليين جنسيًا.

وأشار إلى أن هذه المنظمات وفروعها في الدول العربية أو الدول الصغيرة تتجاهل مأساة ملايين من الأشخاص في بورما وهم الروهينجا، الذين يتعرضون لإبادة جماعية، ويتجاهلون تعرض أهالي غزة لحصار والقتل منذ سنوات، مما يثير علامات استفهام حول طبيعة عملها.