مع اشتداد التوتر بين الولايات المتحدة وتركيا يحذر محللون أنه في حال إغلاق قاعدة إنجرليك، القاعدة الجوية الرئيسة للحلف الأطلسي في تركيا والتي تشكل مركزًا لعمليات التحالف ضد داعش في سوريا، فإن أنقرة هي التي ستدفع الثمن غاليًا.

إيلاف من واشنطن: مع تراجع العلاقات بين الحليفين الأطلسيين في الأسابيع الأخيرة إلى أدنى مستوياتها منذ عقود، حذر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان واشنطن بأنه قد يضطر إلى البحث عن "أصدقاء جدد وحلفاء جدد".

محاولة طمأنة
جاء هذا التحذير بعدما أجرى أردوغان مكالمة هاتفية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بحثا خلالها مسائل اقتصادية وتجارية إضافة إلى الأزمة في سوريا.

وكشفت وثائق نشرتها وسائل إعلام أميركية في الأسبوع الماضي أن مجموعة من المحامين القريبين من الحكومة التركية قدمت مذكرة إلى محكمة أضنة، أقرب مدينة إلى قاعدة إنجرليك، للمطالبة بتوقيف ضباط أميركيين لاتهامهم بالمشاركة في محاولة الانقلاب التي شهدتها تركيا في يوليو 2016.

يذكر المحامون تحديدًا بين المسؤولين العسكريين الأميركيين الذين يطالبون بتوقيفهم قائد القوات الأميركية في الشرق الأوسط الجنرال جوزف فوتيل.

وسعى وزير الدفاع الأميركي جيم ماتيس إلى الطمأنة، مؤكدًا أن العلاقات بين قوات البلدين لم تتغير. وصرح للصحافة أخيرًا "إننا نواصل العمل بتعاون وثيق". لكن القائد السابق لقوات الحلف الأطلسي جيمس ستافريديس يرى أن الوضع مقلق. وقال الاثنين متحدثًا لشبكة "إم إس إن بي سي" إن "خسارة تركيا ستكون خطأ جيوسياسيًا هائلًا"، مضيفًا "يجدر بنا أن نتمكن من وقف ذلك، لكن يعود إلى تركيا في المرحلة الراهنة القيام بالخطوة الأولى".

وعبّر مدير مركز الدراسات حول الشرق الأوسط جوشوا لانديس عن رأي مماثل، مؤكدًا أن "تركيا هي التي ستعاني الأكثر" جراء الأزمة مع واشنطن. وقال لوكالة فرانس برس "أعتقد بقوة أن إنجرليك ستبقى"، مضيفًا "إن طرد الولايات المتحدة سيشكل انتكاسة كبرى لتركيا، ولا أظن أن أردوغان يريد ذلك".

رؤوس نووية
شيّدت الولايات المتحدة قاعدة إنجرليك في جنوب تركيا عام 1951، في أشد حقبة من الحرب الباردة. وهي تستخدم قاعدة خلفية للعمليات الأميركية في المنطقة، وتُخزن فيها خمسون رأسًا نووية من ضمن قوة الحلف الأطلسي الرادعة، تضمن منذ عقود أمن تركيا.

ومنذ اعتداءات 11 سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة، تؤمّن القاعدة القسم الأكبر من المساعدة اللوجستية لعمليات الحلف الأطلسي في أفغانستان، كما تلعب دورًا كبيرًا منذ 2015 في عمليات التحالف الدولي في العراق وسوريا.

لكن في وقت يزداد الوضع اضطرابًا في تركيا، يدعو بعض الخبراء إلى الحدّ من اعتماد القوات الجوية الأميركية على هذه القاعدة.

وقال ستيفن كوك من مجلس العلاقات الخارجية أخيرًا "لست أقول إن علينا قطع علاقاتنا مع تركيا، لكن (...) العنصر الذي يميل الأتراك إلى التلويح به أكثر من سواه، الوصول إلى قاعدة إنجرليك، يفقد من أهميته أكثر وأكثر".

ونشر مركز "بايبارتيزان بوليسي سنتر" للأبحاث، الذي يشجع على التسويات بين الجمهوريين والديموقراطيين، نشر على موقعه خارطة للمنطقة أدرج عليها كل الحلول البديلة الممكنة عن قاعدة إنجرليك للعمليات الأميركية في الشرق الأوسط، ولا سيما قواعد جوية في الأردن والكويت. كما إن الأزمة مع الولايات المتحدة قد تكلف تركيا غاليًا على صعيد البرامج العسكرية.

وحظر الكونغرس الأميركي على البنتاغون تسليم تركيا أي طائرة مقاتلة من طراز إف 35 طالما أن أنقرة لم تتعهد بعدم المضي قدما في محادثاتها مع روسيا من أجل شراء منظومة صواريخ إس-400 المضادة للطائرات التي يفترض ألا تتمكن من رصد طائرة إف 35.

كما إن أنقرة الشريكة منذ 2002 في الكونسورسيوم الدولي الذي موّل طائرة إف 35، قد تخسر عقدًا مربحًا بقيمة 1.5 مليار دولار مع باكستان لبيعها 30 مروحية هجومية تركية الصنع من طراز تي 129 أتاك.

وذكرت نشرة "ديفنس نيوز" المتخصصة في القطاع الدفاعي، نقلًا عن مسؤولين عسكريين أتراك، أن الطائرة تتضمن قطعًا مصنوعة في الولايات المتحدة، وواشنطن قد تقرر منع تصديرها إلى تركيا، في حال تدهورت العلاقات أكثر بين البلدين.

وفي مؤشر إلى حرص القادة الأتراك، رغم التصعيد الكلامي، على عدم السماح بتفاقم الوضع، أعلن البيت الأبيض الاثنين أن سفير تركيا في واشنطن سردار كيليتش التقى مستشار الرئاسة الأميركية للأمن القومي جون بولتن.
&