غزة: أعادت اسرائيل الأربعاء فتح المعبر الوحيد لمرور البضائع إلى قطاع غزة، المغلق منذ نحو ستة أسابيع بسبب التوتر على الحدود بين الجانبين.

ويعد معبر كرم ابو سالم (كيرم شالوم) حيويا للاقتصاد شبه المنهار لنحو مليوني فلسطيني في قطاع غزة الذي تحاصره اسرائيل منذ اكثر من عقد.

وأعلن مسؤول اسرائيلي طلب عدم الكشف عن اسمه في ختام اجتماع للحكومة الامنية الاسرائيلية، أن اسرائيل وافقت على اعادة فتح معبر كرم ابو سالم اثر عودة الهدوء، بفضل تدخل الامم المتحدة ومصر، وإثر التوصل الى بعض "نقاط التوافق" مع حركة حماس.

ولاحظ مصورو وكالة فرانس برس عشرات الشاحنات المحملة بالبضائع والوقود تدخل من الجانب الاسرائيلي للمعبر باتجاه قطاع غزة، حيث كانت عشرات الشاحنات الفلسطينية الأخرى تنتظر في طابور لنقل البضائع.

وقال رئيس اللجنة الرئاسية لتنسيق إدخال البضائع للقطاع رائد فتوح لفرانس برس إن "اسرائيل أعادت صباح اليوم (الأربعاء) فتح المعبر بشكل اعتيادي أمام إدخال البضائع والمحروقات إلى غزة".

وأوضح "أبلغنا من الجانب الاسرائيلي أنه سيتم اليوم إدخال نحو 700 شاحنة محملة بالبضائع للقطاعين التجاري والزراعي والإغاثي، ولقطاع المواصلات، بينها 300 شاحنة محملة بمواد بناء".

في 19 يوليو أغلقت إسرائيل المعبر أمام السلع باستثناء الأغذية والادوية، كما قلصت مساحة الصيد المسموح بها إلى ثلاثة أميال بحرية، للضغط على حركة حماس لوقف البالونات الحارقة التي تسببت بحرائق وأضرار بمئات الآلاف من الدولارات في المناطق الاسرائيلية الزراعية المحاذية للحدود.

يقول جمال الفاضي أستاذ العلوم السياسية في غزة إن فتح المعبر "يشير إلى نوع من الإيجابية في مفاوضات التهدئة الجارية في مصر، لأن اسرائيل عندما أغلقت المعبر كان هدفها ممارسة الضغوط على حماس للتهدئة". وتقوم مصر ونيكولاي ملادينوف المبعوث الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط، بوساطة للتوصل إلى هدنة طويلة الأجل بين إسرائيل وحماس.

وقال وزير الدفاع الاسرائيلي افيغدور ليبرمان لتبرير اعادة فتح المعبر إن "الايام الاربعة الاخيرة كانت الاكثر هدوءا على الحدود مع غزة منذ الثلاثين من مارس". الا انه اضاف "في حال عادت حماس الى العنف سنرد على الفور وبشكل اكثر قوة".

كما قررت اسرائيل اعادة مسافة الصيد المسموح بها في البحر قبالة قطاع غزة الى تسعة اميال بحرية. وعاد ليبرلمان، وأكد بعد انتهاء اجتماع الحكومة الامنية أنه "لن يكون هناك اتفاق فعلي مع حماس من دون عودة ابنائنا"، في إشارة الى مطالبته حماس بإعادة رفات جنديين تحتجزهما يعتقد أنهما قتلا في حرب 2014.

وخاضت إسرائيل والفصائل الفلسطينية المسلحة في غزة، ثلاثة حروب منذ عام 2008 . وأدى التوتر منذ أواخر مارس إلى مخاوف من نشوب مواجهة عسكرية جديدة بين اسرائيل وحماس. ومنذ يوليو، شهد القطاع تبادلا لاطلاق النار، كان الاحدث والأعنف الخميس الماضي عندما ردت إسرائيل بسلسلة غارات جوية على صواريخ وقذائف هاون أطلقتها حماس والمجموعات العسكرية من غزة. والتزم الطرفان عودة التهدئة إثر وساطة مصر ومسؤولين في الأمم المتحدة.

عودة الحياة
وعبّر فلسطينيون عن ارتياحهم لإعادة فتح المعبر وتوسيع مساحة الصيد. وقال اسماعيل ابو سليمان وهو تاجر "أدخلوا بضائع كثيرة اليوم وهذا القرار أراح الناس والحياة عادت تدب في غزة بعدما أغلقت محال وتوقفت مصالح كثيرة".

وقال محمد شحيبر وهو سائق شاحنة لنقل البضائع "كنا في وضع صعب، نريد فتح المعبر والعمل لكي يصبح اقتصادنا قويا (...) لقد مللنا الفقر". واشار رشاد فرحات (60 عاما) وهو صياد في رفح الى أن "زيادة مساحة الصيد تزيد من الدخل" مبينا أنه "في قطاع غزة نحو الف مركب كانت متوقفة بسبب تقليص المساحة لثلاثة أميال".

وأكد فتوح "ادخال صهاريج غاز الطهي والوقود الى القطاع" ما سيخفف من الأزمة الخانقة في هذ المادة، وفق جمعية أصحاب محطات الغاز والوقود. ودعا مسؤولو الأمم المتحدة مراراً إلى رفع الحصار عن القطاع، مشيرين إلى تدهور الأوضاع الإنسانية.

وتقول إسرائيل إنه من الضروري منع حماس من الحصول على أسلحة أو مواد يمكن استخدامها لأغراض عسكرية. وخلال السنوات الأخيرة أغلقت مصر مئات الأنفاق تحت الأرض على الحدود مع القطاع، لكنها تفتح معبر رفح الحدودي أمام الحالات الانسانية.

ويقول مصدر قريب من حماس إن بضائع عدة ومحدودة الكميات مثل الاسمنت والوقود يتم ادخالها عبر بوابة مصرية حدودية الى قطاع غزة منذ مايو. ويسود توتر على الحدود بين القطاع واسرائيل منذ بدء احتجاجات "مسيرات العودة" في 30 مارس والتي أدت الى مقتل ما لا يقل عن 169 فلسطينيا في غزة بنيران إسرائيلية، وقتل جندي اسرائيلي برصاص قناص فلسطيني في يوليو تموز.

وتوجهت وفود قيادية من الفصائل الفلسطينية خصوصا من حركتي حماس والجهاد الاسلامي الى القاهرة للمشاركة في مباحثات غير مباشرة مع اسرائيل بوساطة مصر للتوصل الى تهدئة. وقال وزير التعليم الاسرائيلي نفتالي بينيت الثلاثاء، انه سيعارض اتفاقا يستند الى "هدوء موقت".

لكن عبد اللطيف القانوع الناطق باسم حماس قال إن لقاءات القاهرة هدفها "بحث الشراكة ومصلحة شعبنا، والتخفيف عنه يمثل ارادة شعبنا وشرعيته". من جهة ثانية وفي اطار الكلام عن مصالحة بين حركتي فتح وحماس، قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس في كلمة ألقاها خلال افتتاح جلسة للمجلس المركزي الفلسطيني في مقر الرئاسة في رام الله "المصالحة التي تقودها مصر مشكورة ..من حيث المبدأ النوايا غير موجودة لدى حماس للمصالحة، وهناك من يشجع على عدم السير في المصالحة ويعتبر القضية انسانية".
&