إيلاف: وصف البيت الأبيض الأربعاء بـ"المؤسفة" العقوبات الاقتصادية التي أعلنتها تركيا ردًا على تلك التي اتخذتها الولايات المتحدة، مجددًا مطالبته بالإفراج الفوري عن القس الأميركي أندرو برانسون المحتجز لدى أنقرة.

وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض ساره ساندرز إن "الرسوم الجمركية لتركيا هي بالتأكيد مؤسفة، وخطوة في الاتجاه الخاطئ. إن الرسوم الجمركية التي فرضتها الولايات المتحدة على تركيا نابعة من مصالح الأمن القومي، في حين أن الرسوم التركية انتقامية".

أبدت أسفها لكون تركيا عاملت القس برانسون في شكل "ظالم جدًا وسيئ&جدًا"، مكررة "نعلم بأنه شخص صالح جدًا ولم يقم بأي أمر سيئ". وأوضحت أن الرسوم التي فرضتها واشنطن على الصلب التركي ستظل سارية، حتى لو تم الإفراج عن القس.

وسئلت عن تأثير التوتر بين واشنطن وأنقرة على الليرة التركية، فردت أن الولايات المتحدة "تراقب الوضع". ورأت أن "المشاكل الاقتصادية لتركيا هي نتيجة توجه (...) تتحمل مسؤوليته هي، وليس نتيجة أي إجراء اتخذته الولايات المتحدة".

تركيا تنتقم
وكانت تركيا رفعت الأربعاء بشكل كبير الرسوم الجمركية على عدد من المنتجات المستوردة من الولايات المتحدة، في أجواء من التوتر الشديد بين البلدين، ما أدى إلى تدهور قيمة الليرة التركية في الأيام الأخيرة.

استهدفت الرسوم المفروضة السيارات السياحية التي باتت رسوم استيرادها تبلغ 120 بالمئة، وبعض المشروبات الكحولية (140 بالمئة) والتبغ (60 بالمئة) والأرز وبعض مساحيق التجميل.

وبحسب وزيرة التجارة التركية روهصار بكجان، ترتفع قيمة الرسوم الجمركية الجديدة التي أعلنت الأربعاء إلى 533 مليون دولار. وأشارت إلى أن "الولايات المتحدة هي شريك تجاري مهمّ، لكنه ليس الوحيد". يأتي هذا القرار، بموجب مرسوم وقعه الرئيس رجب طيب إردوغان، في وقت تمرّ فيه واشنطن وأنقرة بأزمة دبلوماسية، دفعت هذين البلدين الحليفين في الأطلسي إلى فرض عقوبات متبادلة في أغسطس.

كتب نائب الرئيس التركي فؤاد أوكتاي في تغريدة أن "رسوم استيراد بعض المنتجات رفعت في إطار المعاملة بالمثل ردًا على الهجمات المتعمدة للإدارة الأميركية على اقتصادنا".

وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب أعلن في الأسبوع الماضي مضاعفة الرسوم الجمركية على الصلب والألمنيوم التركيين. وأدى هذا التوتر إلى تدهور قيمة الليرة التركية الجمعة، عندما خسرت 16% مقابل الدولار. ومنذ بداية العام، تراجعت قيمة الليرة أكثر من 40% مقابل الدولار واليورو.

لكن منذ الثلاثاء، يبدو أنها استقرت نتيجة تدابير اتخذها البنك المركزي في أنقرة، وتصريحات للتهدئة من جانب الحكومة ودعوة أردوغان إلى تحويل العملات الأجنبية، وهو ما قام به عدد كبير من الأتراك.

رفض الإفراج عن برانسون
صدر قرار زيادة التعريفات الجمركية غداة دعوة أردوغان إلى مقاطعة الإلكترونيات المصنعة في الولايات المتحدة، مثل ماركة "آبل". وكانت العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة شهدت توترًا في الأشهر الأخيرة قبل أن تضطرب بشدة في يوليو بسبب احتجاز القس الأميركي أندرو برانسون في تركيا.

تتهم أنقرة الأخير بأنشطة "تجسس" و"إرهاب"، الأمر الذي ينفيه برانسون. وبعد أكثر من عام ونصف عام في السجن، قررت محكمة أزمير وضعه قيد الإقامة الجبرية في يوليو.

ورفضت محكمة تركية الأربعاء طلبًا جديدًا للإفراج عن القس الأميركي، لكن محاميه قال لوكالة فرانس برس إن محكمة أخرى ستنظر في طلب موكله. واعتقلت السلطات برانسون، وهو من ولاية كارولاينا الشمالية، في أكتوبر 2016. وأعلن البيت الأبيض الثلاثاء أن ترمب يشعر "بالكثير من الإحباط بسبب عدم إطلاق سراح القس".

لكن بالتوازي مع تصريحات أردوغان العنيفة ضد الولايات المتحدة، يبدو أن تركيا حريصة على مداراة شركائها وحلفائها الآخرين.

الرئيس التركي الذي أجرى في الأسبوع الماضي محادثات مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، التقى الأربعاء لأكثر من ثلاث ساعات في أنقرة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، الذي وعد باستثمارات مباشرة لبلاده في تركيا بقيمة 15 مليار دولار.

تقارب مع أوروبا؟&
وفي إشارة إلى أن الأزمة مع واشنطن قد تشجّع أنقرة على استعادة صلاتها بأوروبا، تشاور إردوغان هاتفيًا الأربعاء مع المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل على أن يلتقيها في نهاية سبتمبر في برلين.

وقال مسؤول تركي إن اردوغان وميركل توافقا على أن يتم لقاء "في الأيام المقبلة" بين وزير الاقتصاد التركي براءة البيرق صهر أردوغان ووزيري الاقتصاد والمال الألمانيين.

إلى ذلك، أصدرت محكمة تركية مساء الثلاثاء على نحو غير متوقع، قرارًا بالإفراج عن جنديين يونانيين كانا قد اعتقلا في مارس على الحدود، وأدى احتجازهما إلى توتر شديد في العلاقات بين أنقرة وأثينا. كما اتخذ الأربعاء قرار بالإفراج عن رئيس منظمة العفو الدولية في تركيا.

ويشعر الاقتصاديون بالقلق حيال رفض البنك المركزي رفع أسعار الفائدة رغم ارتفاع التضخم (نحو 16% في يوليو). ويعارض أردوغان بشدة مثل هذه الخطوة. ومن المقرر أن يجتمع وزير المالية براءة البيرق، وهو أيضًا صهر إردوغان مع مئات المستثمرين الأجانب الخميس عبر دائرة تلفزيونية مغلقة.

وأكد المتحدث باسم إردوغان، إبراهيم كالين، الأربعاء، أن مبادرات البنك المركزي لدعم العملة "بدأت تعطي ثمارًا"، مضيفًا "نتوقع أن يستمرّ تحسّن الوضع".
&