حلت بصمة العين محل بصمة الإبهام في العيد من التقنيات الحديثة التي تتراوح بين الأقفال الإلكترونية وجوازات السفر. ويبدو أن "برنامجًا" أو نظام تشغيل جديداً (سوفت وير) يمكن أن يحل محل الطبيب النفسي في تحليل مكونات شخصية المريض من عينيه، إلا أنه لم يخلق لذلك.

إيلاف من برلين: ويقول العلماء الألمان إنهم ابتكروا "ذكاء صناعياً" بشكل "سوفت وير" يتيح للروبوتات مستقبلاً قراءة شخصية محدثه من عينه، وبالتالي تحقيق أفضل تفاعل بين الإنسان والإنسان الآلي.

واستفاد العلماء من الاسئلة التي يستخدمها الأطباء النفسانيون في الكشف عن شخصيات مرضاهم، في تطوير هذا البرنامج الإلكتروني -“السوفت وير"-، ويقولون انه نجح في تشخيص المكونات النفسية للشخصية البشرية كما يفعل الطبيب. للوقت الحاضر، هذا يعني أن كاميرا الكومبيوتر قادرة على تحليل شخصية الإنسان من قراءة حركة عينيه.

يمكن للون الأصفر في العين أن يكشف وجود عجز في الكبد، ويمكن للون الأحمر أن يكشف ارتفاع ضغط الدم، ويمكن للون الأبيض في البؤبؤ ان يكشف "عتمة العين" أو الكتاراكت. ولكن حركة العين وتفاعلها يمكن أيضاً أن تكشف الكثير من دواخل الإنسان &وانفعالاته ونوازعه، وهذا ما يسعى إليه الباحثون.&

حقق ذلك الباحثون من معهد ماكس بلانك الألماني للمعلوماتية و"السوفت وير" في كارلسروهه، ويقولون إن بعض البشر قادرون على معرفة ما يضمره أو ما يفكر فيه الآخرون من عيونهم، وأن "الذكاء الاصطناعي" الجديد يفعل ذلك عند تزويد الروبوتات به.

&إذ لابد للأنظمة الآلية ان تتفاعل نفسياً واجتماعياً مع البشر كي تصبح في خدمتهم. ولا بد للروبوت ان يعرف ما إذا كان صاحبه راضياً عنه أم ساخطاً عليه، وما إذا كان سلوكه مناسباً أم لا.

راصد العين

وذكر الباحث اندرياس بوللنغ، من معهد ماكس بلانك للمعلوماتية، أن العين ليست نافذة يطل منها الإنسان إلى محيطه فقط، وإنما نافذة إلى روحه أيضاً. وعمل بوللنغ مع علماء في جماعة شتوتغارت وعلماء استراليين، على تطوير "سوفت وير" اسمه "راصد العين" ( Eye-Tracker) يحلل شخصية الإنسان من عينيه.

يقود بوللنغ، رئيس قسم "سطوح المستخدِم الإدراكية البينية" في معهد ماكس بلانك، إن البرنامج سيؤهل الروبوتات مستقبلاً إلى فتح "قنوات تفاهم" مع البشر، وانه&يتطور مع زيادة فهم الروبوت لانفعالات وشخصية مقابله.

واعترف بوللينغ ان "راصد العين" لا يعمل في نسخته الأولى بدقة بالغة على تحليل كافة النوازع البشرية التي تكون الشخصية. لكن الباحث على ثقة بأنه&سوف "يتعلم"، وسيصقل"مواهبه" في قراءة الشخصية من العين في المستقبل، وأنه سيكون عين الروبوت إلى دواخل البشر.

رصد السلوك"غير الشفهي"

اعتمد العلماء في تصميم "راصد العين" على قراءة "السلوك غير الشفهي" في تطوير قدراته الشخصية التحليلية. وتم تطوير الطريقة وتدقيقها بعد ان استخدمت كاميرا راصد العين في مراقبة سلوك 50 طالباً من جامعة فلاندرز الأسترالية.

وتابعت الكاميرا حركة عيون 50 طالباً، وإلى اين يتطلعون أو يركزون النظر، طوال 10 دقائق وهم يتجولون في الحرم الجامعي ويبتاعون القهوة أو غيرها من مطاعم ومحلات الجامعة.

وزع الباحثون بعد ذلك على الطلبة، الذين كانت أعمارهم تتراوح حول 22 سنة، قوائم أسئلة، يستخدمها الأطباء النفسيون عادة في كشف شخصيات مرضاهم، وطلبوا منهم أن يملؤها.

عمل العلماء بعد ذلك على جمع هذه المعلومات المستمدة من"السلوك غير الشفهي "للطلبة في "السوفت ير". وتم بعد ذلك الكشف عن دقة تحليل الشخصية بواسطة أنظمة إلكترونية خاصة.

وذكر بوللنغ ان البرنامج او النظام المبتكر&نجح في تحليلاته للشخصية من خلال مقابلات بسيطة مع بشر عاديين. بل إنه ساعد في الكشف عما يدور في أذهان أطفال"توحديين" من خلال رصد حركة عيونهم، وهذا ما يجعله مهماً في التفاعل مع البشر من حالات مرضية خاصة أيضاً.

ويبدو الباحث على ثقة من أن "راصد العين" يمكن أن يحل مستقبلاً محل الأنظمة" الرقمية" لتحليل الشخصية المعتمدة في بعض الشركات، ومحل أنظمة الكشف عن الكذب وغيرها، ومحل الأنظمة الامنية لحماية الكمبيوتر من القراصنة.

وواضح ان"راصد العين" لم يخلق لتحليل شخصيات بشر بدون موافقتهم، لأنه صنع من أجل خير البشر، بحسب رأي بوللنغ.

وأضاف ان ابتكار السوفت وير لم يتم لأغراض أخرى غير خدمة البشر، ولهذا فهو مناسب جداً للروبوتات كي تتفاعل مع البشر وتعمل في خدمتهم.

وهذا يعني ان علماء معهد ماكس بلانك لايودون تحول ابتكارهم إلى جهاز لمراقبة الناس مثل أنظمة التعرف على الوجوه المستخدمة في محطة برلين الرئيسية.