أصبح التحقيق الخاص بالتدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية الأميركية عام 2016 يشبه المسلسلات المشوقة التي ينتظر المشاهدون عرض حلقاتها بفارغ الصبر لمعرفة ما سيحدث.

إيلاف من نيويورك: من الممكن أن يحجز تحقيق روبرت مولر في نهاية المطاف لقب "تحقيق العصر" في الولايات المتحدة الأميركية، متفوقًا على قضايا شغلت الرأي العام في فترات سابقة، كفضيحة "ووترغايت" في عهد الرئيس نيكسون، ومونيكا لوينسكي في زمن بيل كلينتون، وذلك نظرًا إلى أحداثه المثيرة، وتشعّب القضية من التواطؤ مع روسيا، إلى عرقلة العدالة، وخرق القوانين المالية.

يوم أسود
حلقة أمس الثلاثاء كانت سلبية بالنسبة إلى دونالد ترمب، الذي تلقى ضربتين، أولى عبر إدانة رئيس حملته السابق، بول مانافورت، بالاحتيال المصرفي والضريبي، وثانية عبر الإعلان رسميًا عن تعاون محاميه السابق مايكل كوهن مع فريق التحقيق، واعترافه بالإتهامات الموجّهة إليه.

ضربة رمزية وأخرى خطرة
بالنسبة إلى الرئيس الأميركي، فإن ضربة مانافورت لا تعدو عن كونها رمزية فقط، فمدير حملته أُدين باتهامات لا علاقة لها بالحملة الانتخابية، لا من قريب ولا من بعيد، إلّا أن ما يجب أن يشغل باله هو اعتراف مايكل كوهن بما ارتكبه، واستعداده للتعاون مع فريق التحقيق إلى أبعد حدود، مقابل التساهل وعدم مواجهة أحكام بالسجن لمدة طويلة.

اعترف بالذنب
خلال مثوله أمام محكمة اتحادية في نيويورك عصر أمس الثلاثاء، أقرّ مايكل كوهين المحامي الشخصي السابق للرئيس الأميركي دونالد ترمب بالذنب في اتهامات بالاحتيال الضريبي وانتهاكات تتعلق بتمويل الحملة الانتخابية واختلاس أموال، وتقديم بيانات كاذبة إلى مؤسسة مالية.

إسجنوه
وبعد انتهاء جلسة الاستماع إليه، والإفراج عنه، مقابل كفالة قدرها خمسمائة ألف دولار، مسح محامي ترمب السابق الدموع من على وجهه، وهو ينظر إلى النافذة، قبل أن يغادر المبنى متجهًا إلى عربة سوداء ذات زجاج داكن، حيث كان يتجمع عدد من الأشخاص، الذين قاموا بإطلاق هتافات تدعو إلى سجنه.

وافق على العرض
مايكل كوهن سيعود إلى المحكمة يوم الثاني عشر من شهر ديسمبر، حيث من المتوقع أن يصدر الحكم بحقه، وقد وافق في إطار الصفقة التي عقدها على عدم استئناف أي عقوبة تقضي بسجنه مدة تتراوح بين ثمانية وأربعين إلى ثلاثة وستين شهرًا.

مولر مهتم بقضيتين
إقرار محامي ترمب السابق بالذنب، لن يكون خبرًا جيدًا للرئيس في مطلق الأحوال، فالمحقق الخاص روبرت مولر ينتظر، ومن وخلال موافقته على تعاون كوهن، الحصول على معلومات تخدم تحقيقاته، وتتعلق باجتماع برج ترمب، الذي ضم دونالد جونيور، وجاريد كوشنر، وبول مانافورت، مع شخصيات روسية، بغرض بحث إمكانية الحصول على معلومات ضارة بحق المرشحة الديمقراطية، هيلاري كلينتون، وأيضًا بملف الدفعات المالية إلى نجمة الأفلام الإباحية، ستورمي دانييلز، مقابل عدم الكشف عن العلاقة الجنسية التي أقامتها مع ترمب عام 2006، واللافت أن كوهن قال خلال إفادته أمس الثلاثاء إنه دفع أموالًا إلى امرأتين من دون ذكر الأسماء، ولمصلحة مرشح، من دون ذكر اسم ترمب، للتأثير على الانتخابات.

جريمة ترمب
خرج محامي كوهن، لاني ديفيس، ليقول إن ترمب وجّه موكله لارتكاب جريمة، ويجب أن يواجه الآن الاتهامات الجنائية بنفسه.&
وكتب على تويتر: "إذا كانت هذه المدفوعات جريمة بالنسبة إلى مايكل كوهن، فلماذا إذن لن تكون جريمة لدونالد ترمب؟". ورد رودي جولياني، محامي ترمب، نافيًا أن يكون الرئيس متورطًا في الاتهامات الموجّهة إلى كوهن، معتبرًا أنه "من الواضح، كما لاحظ المدعي العام، أن تصرفات السيد كوهن تعكس نمطًا من الأكاذيب وخيانة الأمانة على مدى فترة زمنية كبيرة".

اهتمام المحقق الخاص
عاد& محامي&"المُحامي" في ساعات المساء ليُطلق جملة عنيفة من المواقف التي تستهدف ترمب، حيث قال لشبكة MSNBC إن "موكله كان على علم بأنه سيحظى باهتمام المحقق الخاص روبرت مولر، وإنه سيبلغه بكل ما يعرفه".

عالم بكل شيء

أضاف أن "كوهن على دراية بملفات معينة يجب أن تكون موضع اهتمام المحقق الخاص، ويسعده أكثر أن يخبر المحقق الخاص بكل ما يعرفه". ورأى أن "ترمب كان على علم باجتماع ترمب تاور عام 2016، إضافة إلى معرفته المسبقة بقرصنة خوادم اللجنة الوطنية الديمقراطية من قبل ضباط الاستخبارات الروسية".

تابع قائلًا: "كوهن على استعداد للتحدث مع المحقق الخاص بشأن اجتماع برج ترمب"، والذي وصفه بأنه "الاحتمال الواضح لمؤامرة التواطؤ وإفساد النظام الديمقراطي الأميركي".