"تصبح المرأة التي تصل إلى موقع قيادية قدوة لباقي النساء والفتيات وداعمة لهن"، هذا ما تفيد به دراسة أجرتها شركة ديلويت، وهي واحدة من أكبر شركات الخدمات المهنية في العالم.

ولكن ماذا لو كان العكس صحيحا؟

فبدلا من أن تلعب النساء القياديات دورا في توجيه أخريات، هل تقوم هذه النساء بعرقلة صعود أخريات لأنهن قد يشكل تهديدا لهن؟

تعرف هذه النظرية بـ"متلازمة ملكة النحل".

وقد ظهر هذا المصطلح لأول مرة عام 1973 عندما عرّف علماء نفس في جامعة ميتشيغان هذه المتلازمة بأنها تصف حال امرأة وصلت إلى السلطة في بيئة يهيمن عليها الذكور؛ وتعامل مرؤوسيها - الإناث تحديدا - بطريقة انتقادية.

وعام 2014، استخدمت سالي ديفيز، وهي أول امرأة ترأس قسما طبيا في انجلترا، هذا المصطلح لتصف تجربتها الخاصة في قطاع الصحة.

وقالت: "شهدت على هذه الحالة في مجال الطب تحديدا. ملكة النحل تستمتع بأنها المرأة الوحيدة في مكان العمل".

ووصفت مارغريت تاتشر، أول رئيسة للوزراء في المملكة المتحدة، بأنها "ملكة نحل" لعدم تعزيز دور المرأة في حكومتها.

مارغريت تاتشر
Getty Images
هل كانت مارغريت تاتشر ملكة نحل؟

ارتفع عدد النساء العاملات على نحو بارز في العقود الأخيرة، ولكن وصولهن إلى مناصب عليا بقي محدودا.

ودرست شركة ديلويت 7000 شركة في 44 دولة، ووجدت أن النساء يشكلن 15 بالمئة فقط من مجالس الشركات في جميع أنحاء العالم.

ولكن هل يعوق سلوك ملكة النحل تقدم المرأة؟ هناك أكثر من رأي حول هذا الموضوع.

نظرية التطور

قامت البروفيسورة جويس بيننسون، وهي اخصائية نفسية في كلية إيمانويل في الولايات المتحدة الأمريكية، بتجربة طلب فيها من المتطوعين اقتسام مالهم مع شريك وهمي من نفس الجنس، وكان بإمكان القائد أن يحتفظ بأي قدر من المال.

ووجدت الباحثة أن الرجال ذوي المكانة العالية كانوا دائما أكثر استعدادا لمكافأة زملائهم في المراتب الأدنى أكثر مما قامت به النساء اللاتي يشغلن مراتب عالية.

وتقول إن النتائج تدل على وجود ما يسمى بمتلازمة ملكة النحل "فالمرأة تقضي وقتا في التنافس مع أخريات".

نساء أعمال
Getty Images

ولكن لماذا كانت النساء أقل سخاء تجاه الأخريات؟

تقول البروفيسور بيننسون إن الأمر عائد إلى فكرة التطور، فالنساء - على النقيض من الرجال - لم تتعود على تشكيل مجموعات من نفس الجنس.

وتضيف أن هذا الأمر عائد أيضا إلى المرحلة الزمنية عندما كان على الإناث التنافس على الرجال والموارد من أجل أطفالهم.

وتقول بيننسون إن ردود الفعل على بحثها كانت سلبية تماما.

"لست كباقي النساء"

ولكن يقول أكاديميون آخرون إن سلوك ملكة النحل ما هو إلا نتاج للتمييز الذي يمارسه الرجل ضد المرأة.

وترى نعومي إليمرس، وهي أستاذة من جامعة أوتريخت في هولندا، أن مصطلح متلازمة ملكة النحل غير مفيد لأنه يشير إلى أن المرأة هي سبب المشكلة.

وتقول إن سلوك ملكة النحل ما هو إلا رد على التمييز ضدهن؛ حيث تحاول بعض النساء أن تنأى بنفسها عن باقي النساء.

وأجرت إليمرس وزملاء لها دراسة عام 2011 طلبت فيها من شرطيات هولنديات تذكر حوادث تمييز بحقهن. وكان من ضمن النتائج ظهور متلازمة ملكة النحل بين الشرطيات في مكان العمل حيث لم تظهر دلالات على روابط وثيقة بينهن في إجاباتهن.

وتقول إليمرس: "لقد تعلمن أن النجاح في المؤسسة يستدعي تبني سمات ذكورية".

وتضيف: "تقوم النساء بالتكيف مع التمييز الموجه ضدهن عبر التأكيد أنهن مختلفات عن باقي النساء وأنهن أكثر طموحا منهن".

لكن هذا المصطلح وصف بأنه مضلل تماما من قبل براندا ترينودن، وهي مديرة في بنك ANZ، وتسعى لزيادة تمثيل المرأة في مجالس الإدارة.

سعوديات
Getty Images

"نساء ترتدين ملابس كالرجال"

تقول ترينودن إنه ينبغي على الشركات التي يسيطر عليها بيئة ذكورية أن تدرك الفوائد التي يمكن للنساء جلبها للمؤسسات في حال وصلت لمناصب عليا مثل التعاون والتعاطف مع باقي الموظفين. وتضيف أن هذه الثقافة آخذة بالتغير ولكن على نحو بطيء.

وتقول: "إن نحو 15 أو 20 بالمئة من النساء يرتدين ملابس كالرجال. كنت أرتدي بدلة نسائية ذات لون كحلي مع كنزة بيضاء ووشاح رقبة أحمر اللون لأنه كان علي أن أجد مكاني بينهم".

لكنه النساء - كما تضيف - يرتدين اليوم فساتين وألوان مشرقة بعد أن أدركن أنهن لا يحتجن لأن يظهرن كالرجال بعد الآن.

وتعد متلازمة ملكة النحل قضية جدلية؛ فالنظرية تسعى لإثبات علاقة بين سمات سلوك الإناث الملاحظ وغياب تمثيل المرأة من المناصب العليا.

لكن تلك النظرية ستخلق تعميما جارفا حول سلوك المرأة بشكل عام، وسيهمل أي دور يمكن أن يلعبه الرجال في هذا المجال.

وقد يكون وجود هذا المصطلح بحد ذاته واحدا من بين أمثلة عدة حول التمييز ضد النساء في مكان العمل.

وكما قالت شيريل ساندبرغ، وهي رئيسة قسم العمليات في فيسبوك، العام الماضي: "النساء لسن أكثر لؤما تجاه النساء الأخريات مما هو حال الرجال تجاه الرجال الآخرين. لكن ما يتوقع من المرأة هو أن تكون أكثر لطفا".