يقول العلماء السويسريون ان على أوروبا أن تتهياً إلى احتمالات تفشي أنواع شديدة المقاومة للمضادات الحيوية من مرض السل، وصلت إلى أوروبا مع موجات اللاجئين من القرن الأفريقي.

ودعا العلماء من جامعة زيورخ أوروبا إلى الحذر من خطر انتقال بكتيريا سل شديد العدوانية من مناطق الفقر والحروب إلى أوروبا مع موجات اللاجئين. وكتب العلماء في مجلة"لانسيت الأمراض المعدية" انهم شخصوا بكتيريا سل من سلالة مجهولة، وشديدة المقاومة للمضادات الحيوية السائدة في السوق، في 7 بلدان أوروبية.

وكشفت التحقيقات والمقابلات مع المصابين ان معظمهم جاء من عسكر للاجئين في ليبيا، إلا أن التدقيق في الموضوع أظهر ان العدوى جاءت من القرن الافريقي، ومن الصومال في الأغلب.

ومعروف ان المرض الذي تسببه عصيات كوخ انقرض تقريباً في معظم بلدان أوروبا، إلا أنه لا يزال يتفشى، ويطور سلالات جديدة شديدة العدوانية، في افريقيا وآسيا على وجه الخصوص.

وتقدر منظمة الصحة العالمية إصابة 10 ملايين إنسان كل سنة بمرض السل الرئوي، يموت منهم مليونان في بلدان العالم الثالث الفقيرة. ومن بين هذه الملايين هناك نحو 600 ألف حالة تسببها سلالات جديدة وشديدة العدوانية من المرض. وثبت ان الاصابات الاخيرة مقاومة لأهم عقار مضاد للسل وهو"ريفامبسين" والعقاقير الأخرى البديلة التي يعول عليها في مقارعة تقدم المرض.

حالات مماثلة في ألمانيا أيضاً

وذكر بيتر كيللر، من المركز الوطني للكشف عن المايكوبكتيريوم في جامعة زيورخ، ان بكتيريا السل التي اكتشفت في سويسرا أثبتت مقاومتها لأربعة مضادات حيوية ما زالت تستخدم بنجاح في معالجة السل.

وشخص المعهد المذكور في زيورخ، بين فبراير ونوفمبر 2016، هذه السلالات العدوانية الجديدة من المرض في ثمانية لاجئين من الصومال وارتيريا وجيبوتي. وتطلب الأمر معالجة المرضى بكوكتيل من المضادات الحيوية القوية، وعلى مدى أشهر، في المستشفى.

في الاشهر اللاحقة، وفي معهد بورستل الألماني لأبحاث السل في هامبورغ، تم تشخيص21 حالة مماثلة لتلك التي في زيورخ من سلالات السل الرئوي. وبعد أسابيع وصلت معهد الأبحاث في زيورخ تبليغات عن 29 حالة أخرى جديدة من بريطانيا وفرنسا والنمسا والسويد وفنلندا. ونجح الأطباء بصعوبة في معالجة هذه الحالات عدا عن حالة واحدة استعصت.

شروط غير صحية في معسكر للاجئين في ليبيا

وكتب كيللر في مجلة "لانسيت الأمراض المعدية" ان الفحوص المجهرية، والكشف عن الأحماض الريبية، أظهرت ان المصابين بهذا النوع من السل ربما التقطوا العدوى في بلدانهم، أو ربما في معسكر للاجئين في ليبيا.

وذكر اللاجئون المرضى انهم كانوا في معسكر"بني وليد" الليبي الواقع على بعد180 كم جنوب شرق العاصمة طرابلس. وكتب كيللر ان هذا المعسكر معروف للسلطات الصحية بسيادة أجواء لا صحية فيه، وان 300 منهم يعيشون في صالة واحدة سيئة التهوية وبلا نوافذ. ووصف الباحث هذه الأجواء بأنها أفضل شروط انتقال الأمراض المعدية بين البشر. وعلى هذا الأساس، فإن أجواء المعسكر ساعدت في انتقال العدوى للآخرين، لكن اصابع الاتهام في مصدر السلالة الاصلية من المرض تشير إلى القرن الأفريقي.

السلالة الجديدة جاءت من شمال الصومال

تقصي مصدر المرض جينياً، ومطابقة هذه السلالة مع السلالات المتفشية في أفريقيا، دفع الباحثين للاعتقاد ان هذه السلالة العدوانية من السل جاءت من شمال الصومال. والظاهر ان بكتيريا السل طورت مقاومتها هناك بعد اختلاطها بسلالات أخرى أدت إلى نشوء السلالة الجديدة.

ويعتقد الباحث بيتر كيللر ان التحوير في سلالة بكتيريا السل حصلت هنا في جين tlyA-Gen ، لأن هذا التحور هو سبب مقاومة البكتيريا لعقار كوبريامايسين. وأصبح في علم الباحثين من جامعة زيورخ ان خمسة مضادات حيوية في المعركة ضد السل فشلت في قتل هذه السلالة العدوانية. وهذه العقاقير هي: ايزونيازيد، ريفامبسين، ايثامبوتول، بيرزايناميد وكابريومايسين. وبقى عقار واحد مؤثر فيها وهو امينوغليكوسايد.

تشخيص سهل وعلاج صعب

وكتب كيللر ان تفشي هذا النوع من السل عجّل تأسيس مركز انذار أوروبي ضد المرض، وإلى التوصل إلى طريقة تشخيص سريعة له، وإلى طريقة علاجية توقفه عند حده.

ويعود التوصل إلى تشخيص سريع لسلالة السل الجديدة إلى معرفة العلماء بتركيبتها الجينية. ويمكن لطريقة التشخيص السريعة ان تثبت اصابة الناس بهذا المرض خلال ساعات، إلا ان العلاج قد يتطلب أشهرًا من البقاء في المستشفى.

ومعروف ان مرض السل يتفشى كثيراً في بلدان أفريقيا الفقيرة، وخصوصاً في بلدان القرن الأفريقي. وترتفع نسبة الاصابات في ارتيريا إلى 62 مواطنًا لكل 100 ألف، وإلى 378 مواطنًا لكل 100 الف في جيبوتي. وللمقارنة فإن السل يتفشى في ألمانيا بنسبة 7,2 مواطنين لكل 100 ألف.